بني مالك يغار من «النسيم»!
«التركي» أمام ملفات حي تتجاذبه عوامل التاريخ.. والجغرافيا
السبت / 28 / ذو الحجة / 1439 هـ السبت 08 سبتمبر 2018 03:33
عبدالله الداني (جدة) aaaldani@
يقول سكان بني مالك إن حيهم العريق هو الملهم والنبع الأصيل لأحياء جديدة فاخرة نبتت في قلب جدة وتفوقت عليه، ويضربون مثلاً بأحياء الفيحاء، النسيم، والورود التي تتوسط المدينة بمبانيها الشاهقة وخدماتها الـ 5 نجوم، بينما احتفظ بني مالك بشعبيته وعفويته ومفارقة الحي العريق تكمن في مزاوجته بين التقليدية والحداثة، العصرنة والكلاسيكية، فالمباني الفاخرة التي نشأت في أطراف الحي تتقاسم نصيبها من منازل شعبية آيلة للسقوط شيدت منذ عقود وما زالت تقاوم عوامل الجغرافيا والتاريخ، وتثير الاستغراب والدهشة والهواجس في آن واحد.. فكثيرون تصيبهم الحيرة عن حي بني مالك أهو شعبي قديم أم عصري ناهض؟
هل ينجح أمين جدة الجديد في معالجة معادلة حي يصنفه سكانه بالشعبي ويعتبره المتابعون حديثاً؟ هل ينحاز التركي إلى شعبية الحي ليعمل على إصحاح بيئته البسيطة ومشكلاته الصغيرة أم يركن إلى نظرية الحي الحديث الذي يستلزم تعاطياً مختلفاً لمشكلات الحي الحديث وأزماته؟. أكثر الأهالي يرفضون فكرة الحي الحديث الفاخر، ويرون أن وصفاً كهذا ربما أطال عمر التشخيص والعلاج، وأن الحل الأمثل هو الولوج إلى جوهر المشكلات البسيطة وإعادة تخطيطه.
تجسير الهوة بين اثنين
السكان قالوا لـ«عكاظ» إن آمالهم تتمثل فقط في تنسيق الحي وإعادة تنظيمه، خصوصاً بعد إزالة عشرات الورش التي كانت تشكل عبئاً ثقيلاً، ويسأل الأهالي عن خطة الأمانة في حقبتها الجديدة في التعامل مع مواقع الورش المغلقة، هل سيعاد فتحها أم أن الخطة تمضي إلى معالجة أخرى لا أحد يعرف تفاصيلها. ويناشد عبدالعزيز القدير الأمانة بالالتفات إلى الجزء الشعبي من الحي وسفلتة شوارعه الداخلية وتحريره من الحفر والمطبات الطبيعية والصناعية، فالسفلتة لن تكلف الأمانة مالاً كثيراً. ويضرب القدير مثلاً بالفوارق بين بني مالك والأحياء القريبة المجاورة له في كافة الجوانب ويأمل تجسير الهوة بين الواقعين، واقع سريع التطور، وآخر بطيء متعثر. ويسأل مستغربا عن سر الاهتمام ببعض الشوارع التي ليست بحاجة إلى اهتمام وإهمال أخرى في أمس الحاجة.
ويرى صالح اليافعي أن كل المتناقضات والاختلافات يجمعها حي بني مالك في جدة، فالجنسيات التي تقطنه مختلفة وأسماء الشوارع الداخلية لا تشير إلى ساكنيه البتة ويجمع الحي عمائر نموذجية وفللا إلى جانب بيوت شعبية وعمائر قديمة متهالكة قد تنهار في أي لحظة، والداخل مساء إلى الحي من جهته الشمالية (طريق فلسطين) ومن شقه الغربي (طريق الملك فهد) يجد تجمعات العمالة الوافدة في مواقع مختلفة منه، متخذين منها ملاجئ للراحة والاستجمام بعد يوم طويل وشاق أمضوه منذ ساعات الفجر الأولى في أعمالهم المرهقة، وفي الشق الشرقي منه طريق الأمير ماجد يبدو الحي هادئاً، ويتميز هذا الشطر بكثرة العمائر وقلة تجمعات العمالة والمظاهر السلبية الأخرى.
ويضيف اليافعي: من الأمور الإيجابية التي شهدها الحي أخيراً عمليات إزالة التشوهات والمظاهر السلبية والتلوث البصري الذي كان يعج به، إذ تولت لجنة مشكلة من جهات مهمة عدة رفع المخلفات والسيارات القديمة التالفة التي كانت تجاور الورش، الأمر الذي بات يلحظه كل داخل إلى الحي ويلمس الفرق واضحاً بين الأمس واليوم، ومع ذلك فالحفاظ على الجديد الجيد والعمل على مزيد من الترقية والتحسين مطلوب.
متى تسقط الأعمدة؟
أحمد الفرشوطي يطالب الأمانة في حقبتها الجديدة بمراقبة الأحواش التي تتوسط الحي، فبعض البيوت الشعبية تجعل مراقبتها أمراً صعباً، لأن بيوت العمالة تجاور منازل العائلات والجميع يتحملون مسؤولية هذا الخلط المرفوض، أصحاب العمائر والجهات الرقابية الأخرى. ويرى
أحد المطلعين على أحوال الحي وأوضاعه أن ملاحظات عدة تحيط ببني مالك، مثل أعمدة الكهرباء القديمة المتهالكة التي قد تسقط على رؤوس عابريها في أي لحظة، وسبق لجهات معنية أن جالت في الحي ورصدت هذه الأعمدة، لكنها لم تخرج بنتائج ملموسة على الأرض، وهناك زوايا كثيرة داخل الحي تقل فيها الإنارة وتوفر أماكن لتجمعات الشباب المتسكعين الذين يزعجون السكان بممارساتهم وتفلتاتهم، وهناك مجمع للورش تجمع فيه السيارات المجهولة، ورغم أن معظمها أزيلت إلا أن الموقع لايزال مأوى لهذه السيارات وبعض الجاليات الأفريقية التي ترتاد المكان بأعداد هائلة تشكل خطورة على الأهالي رغم أن حملة وطن بلا مخالف خففت من وطأتهم كثيراً.
فصل التيار عن الورش
ومن الملاحظات في الحي، الأحواش المنتشرة بكثرة إلى جانب معاناة السكان مع تدفقات المجاري التي تحول دون وصول المصلين إلى المساجد، ومشكلات أخرى تتعلق بالفئران والقوارض، ورغم أنه كانت هناك حملات ليلية بناء على محضر مشترك تم توقيعه مع البلدية المختصة، إلا أن هدفها الظاهر كان إعلاميا بحتاً، إذ إن فريق الإبادة حضر مرة قبل سنتين لرش المبيد واختفى عن الأنظار ولم يعد أحد يراهم حتى اليوم. وخطورة القوارض والفئران أنها تحفر أنفاقاً في جدران البيوت الشعبية، ما يشير إلى إمكانية انهيارها على ساكنيها في أي لحظة.
وطبقاً لرصد «عكاظ»، فإن ارتياحاً ساد أوساط المواطنين بعد إزالة الورش من عمق الحي، ويأملون استمرار مسيرة الإصحاح إلى نهاياتها. وأوضحت أمانة محافظة جدة أن العمل يجري حالياً من البلديات الفرعية على تطبيق نظام وزارة الشؤون البلدية والقروية الذي يمنع ويحظر ممارسة أنشطة الورش الصناعية في غير المواقع المخصصة لها.
وبينت أن بلدية الشرفية الفرعية أبلغت بإغلاق أكثر من 200 ورشة بحي بني مالك، وتم الرفع بفصل التيار عنها لمخالفتها اشتراطات الموقع ووجودها داخل الحي نظراً لما تسببه من إزعاج وضرر للمجاورين، إضافة إلى تجمع وتكدس السيارات المهملة والخربة بشكل يعيق الحركة المرورية، ويشوه المنظر العام، وجاء ذلك طبقاً للوائح والاشتراطات البلدية التي تنص على ضرورة أن تكون الأنشطة ضمن المناطق الصناعية المعتمدة داخل المخططات الهيكلية للمدن والقرى أو المواقع المخصصة وتم إشعار المحلات نظاما بالإخلاء والإغلاق أو تغيير النشاط.
هل ينجح أمين جدة الجديد في معالجة معادلة حي يصنفه سكانه بالشعبي ويعتبره المتابعون حديثاً؟ هل ينحاز التركي إلى شعبية الحي ليعمل على إصحاح بيئته البسيطة ومشكلاته الصغيرة أم يركن إلى نظرية الحي الحديث الذي يستلزم تعاطياً مختلفاً لمشكلات الحي الحديث وأزماته؟. أكثر الأهالي يرفضون فكرة الحي الحديث الفاخر، ويرون أن وصفاً كهذا ربما أطال عمر التشخيص والعلاج، وأن الحل الأمثل هو الولوج إلى جوهر المشكلات البسيطة وإعادة تخطيطه.
تجسير الهوة بين اثنين
السكان قالوا لـ«عكاظ» إن آمالهم تتمثل فقط في تنسيق الحي وإعادة تنظيمه، خصوصاً بعد إزالة عشرات الورش التي كانت تشكل عبئاً ثقيلاً، ويسأل الأهالي عن خطة الأمانة في حقبتها الجديدة في التعامل مع مواقع الورش المغلقة، هل سيعاد فتحها أم أن الخطة تمضي إلى معالجة أخرى لا أحد يعرف تفاصيلها. ويناشد عبدالعزيز القدير الأمانة بالالتفات إلى الجزء الشعبي من الحي وسفلتة شوارعه الداخلية وتحريره من الحفر والمطبات الطبيعية والصناعية، فالسفلتة لن تكلف الأمانة مالاً كثيراً. ويضرب القدير مثلاً بالفوارق بين بني مالك والأحياء القريبة المجاورة له في كافة الجوانب ويأمل تجسير الهوة بين الواقعين، واقع سريع التطور، وآخر بطيء متعثر. ويسأل مستغربا عن سر الاهتمام ببعض الشوارع التي ليست بحاجة إلى اهتمام وإهمال أخرى في أمس الحاجة.
ويرى صالح اليافعي أن كل المتناقضات والاختلافات يجمعها حي بني مالك في جدة، فالجنسيات التي تقطنه مختلفة وأسماء الشوارع الداخلية لا تشير إلى ساكنيه البتة ويجمع الحي عمائر نموذجية وفللا إلى جانب بيوت شعبية وعمائر قديمة متهالكة قد تنهار في أي لحظة، والداخل مساء إلى الحي من جهته الشمالية (طريق فلسطين) ومن شقه الغربي (طريق الملك فهد) يجد تجمعات العمالة الوافدة في مواقع مختلفة منه، متخذين منها ملاجئ للراحة والاستجمام بعد يوم طويل وشاق أمضوه منذ ساعات الفجر الأولى في أعمالهم المرهقة، وفي الشق الشرقي منه طريق الأمير ماجد يبدو الحي هادئاً، ويتميز هذا الشطر بكثرة العمائر وقلة تجمعات العمالة والمظاهر السلبية الأخرى.
ويضيف اليافعي: من الأمور الإيجابية التي شهدها الحي أخيراً عمليات إزالة التشوهات والمظاهر السلبية والتلوث البصري الذي كان يعج به، إذ تولت لجنة مشكلة من جهات مهمة عدة رفع المخلفات والسيارات القديمة التالفة التي كانت تجاور الورش، الأمر الذي بات يلحظه كل داخل إلى الحي ويلمس الفرق واضحاً بين الأمس واليوم، ومع ذلك فالحفاظ على الجديد الجيد والعمل على مزيد من الترقية والتحسين مطلوب.
متى تسقط الأعمدة؟
أحمد الفرشوطي يطالب الأمانة في حقبتها الجديدة بمراقبة الأحواش التي تتوسط الحي، فبعض البيوت الشعبية تجعل مراقبتها أمراً صعباً، لأن بيوت العمالة تجاور منازل العائلات والجميع يتحملون مسؤولية هذا الخلط المرفوض، أصحاب العمائر والجهات الرقابية الأخرى. ويرى
أحد المطلعين على أحوال الحي وأوضاعه أن ملاحظات عدة تحيط ببني مالك، مثل أعمدة الكهرباء القديمة المتهالكة التي قد تسقط على رؤوس عابريها في أي لحظة، وسبق لجهات معنية أن جالت في الحي ورصدت هذه الأعمدة، لكنها لم تخرج بنتائج ملموسة على الأرض، وهناك زوايا كثيرة داخل الحي تقل فيها الإنارة وتوفر أماكن لتجمعات الشباب المتسكعين الذين يزعجون السكان بممارساتهم وتفلتاتهم، وهناك مجمع للورش تجمع فيه السيارات المجهولة، ورغم أن معظمها أزيلت إلا أن الموقع لايزال مأوى لهذه السيارات وبعض الجاليات الأفريقية التي ترتاد المكان بأعداد هائلة تشكل خطورة على الأهالي رغم أن حملة وطن بلا مخالف خففت من وطأتهم كثيراً.
فصل التيار عن الورش
ومن الملاحظات في الحي، الأحواش المنتشرة بكثرة إلى جانب معاناة السكان مع تدفقات المجاري التي تحول دون وصول المصلين إلى المساجد، ومشكلات أخرى تتعلق بالفئران والقوارض، ورغم أنه كانت هناك حملات ليلية بناء على محضر مشترك تم توقيعه مع البلدية المختصة، إلا أن هدفها الظاهر كان إعلاميا بحتاً، إذ إن فريق الإبادة حضر مرة قبل سنتين لرش المبيد واختفى عن الأنظار ولم يعد أحد يراهم حتى اليوم. وخطورة القوارض والفئران أنها تحفر أنفاقاً في جدران البيوت الشعبية، ما يشير إلى إمكانية انهيارها على ساكنيها في أي لحظة.
وطبقاً لرصد «عكاظ»، فإن ارتياحاً ساد أوساط المواطنين بعد إزالة الورش من عمق الحي، ويأملون استمرار مسيرة الإصحاح إلى نهاياتها. وأوضحت أمانة محافظة جدة أن العمل يجري حالياً من البلديات الفرعية على تطبيق نظام وزارة الشؤون البلدية والقروية الذي يمنع ويحظر ممارسة أنشطة الورش الصناعية في غير المواقع المخصصة لها.
وبينت أن بلدية الشرفية الفرعية أبلغت بإغلاق أكثر من 200 ورشة بحي بني مالك، وتم الرفع بفصل التيار عنها لمخالفتها اشتراطات الموقع ووجودها داخل الحي نظراً لما تسببه من إزعاج وضرر للمجاورين، إضافة إلى تجمع وتكدس السيارات المهملة والخربة بشكل يعيق الحركة المرورية، ويشوه المنظر العام، وجاء ذلك طبقاً للوائح والاشتراطات البلدية التي تنص على ضرورة أن تكون الأنشطة ضمن المناطق الصناعية المعتمدة داخل المخططات الهيكلية للمدن والقرى أو المواقع المخصصة وتم إشعار المحلات نظاما بالإخلاء والإغلاق أو تغيير النشاط.