كتاب ومقالات

نشرة لأخبار الأبحاث والدراسات

بشرى فيصل السباعي

تصور أن يكون هنالك حل سحري يعالج كل أدواء العالم العربي التي أدت لتخلفه حضاريا وتنمويا وعلميا واقتصاديا وصناعيا، وأدت للحروب والإرهاب وسيادة ثقافة العنف بأنواعه وبخاصة ضد الفئات المستضعفة، في الواقع هناك بالفعل حل موحد لها وهو؛ تغيير القالب الثقافي العقلي النفسي الجمعي العام الذي يقولب الأنماط الذهنية والقيمية السلوكية للأفراد والجماعات، فعندما يحصل تسمم جماعي للناس بسبب الشرب من مصدر ماء غير صحي فالحل يكون بإبداله بمصدر ماء صحي، وبالمثل فتغيير الثقافة السلبية التي نكبت العالم العربي والإسلامي يتطلب إحلال مصادر بديلة صحيحة بدل تلك السقيمة التي سممت العالم العربي والإسلامي، وهذا المصدر البديل الصحي يتمثل في نتائج الأبحاث والدراسات العلمية المحلية والعالمية على كل أنواع الظواهر الاجتماعية والإنسانية والعملية التي تمحص المسلمات السلبية الخاطئة، وتتوصل إلى الحقائق المغيبة، وتحرر العقل العربي من القالب الذي جعله متخلفا تاريخيا عن مجالات التنافس الحضاري كما قال ابن خلدون في مقدمته الشهيرة؛ حيث ذكر أن غالب أرباب الصناعات والعلوم بما فيها علوم الدين كالحديث واللغة العربية هم عجم وليسوا عربا؛ لأن العرب يستبد بهم محرك واحد وهو السعي للتغلب والسلطة وفرض الهيمنة والإخضاع بالعنف، ولهذا قال إن الخراب يسرع في ديارهم، ولذا استبدت بتاريخ العرب والمسلمين الحديث دعوى تزعم أن تحقيق الأمجاد والعظمة تكون فقط بالأعمال العنيفة والدموية، وتم اختزال أسباب التخلف والضعف والانهيار بمبررات لا موضوعية وعنتريات وديباجات الكلام الإنشائي الذي لا حقيقة له على أرض الواقع مما كرس نمط التفكير العشوائي اللاعقلاني واللاواعي المكابر وتبعا له كل ما بني عليه من مساع، وكل القيم التقليدية السلبية، التي تدمر الفرد والجماعة وتعطلهم عن تحقيق سعادتهم وإمكانياتهم وطموحاتهم التي تنفع العالم، لا مجال لتصحيحها إلا بتمحيص مسلماتها بالدراسات والأبحاث والإحصائيات والمؤلفات الموضوعية والمؤشرات العالمية كمؤشر السعادة وجودة الحياة ومؤشر النزاهة، ولهذا يجب أن تخصص لها نشرة أخبار بالتلفاز وبالراديو تتكرر بقدر تكرار نشرة الأخبار السياسية والرياضية، وكم هو محبط رؤية كل التخبط واللت والعجن والمراوحة بذات الديباجات لعقود وقرون عوقت الشعوب، بينما الدراسات والأبحاث العلمية قدمت القول الفصل فيها لكنها مدفونة في قواعد المعلومات ولا أحد يعرفها، والكل يلهث وراء الأخبار والتصريحات الأكثر دويا وإثارة للصدمة، وهذا سمم كامل الثقافة العالمية وليس فقط العربية والإسلامية، مما أحدث نكوصا جماعيا إلى همجية ما قبل ثقافة تحضر ونهضة أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين.

* كاتبة سعودية

bushra.sbe@gmail.com