كتاب ومقالات

أغدت ملحه ما يملح 1-2

بالسكين

علي بن محمد الرباعي

منذ افتتح دكانه الصغير وسط مجمع السوق الأسبوعي للمنطقة، وهو يحاذر أن توقعه الصدف في طريقها. ما تناقله القرويون عن سحرها وغنجها ودلالها جعله غاية في الحذر. كونها دهورت الرجاجيل. كثيراً ما ردد وهو ينظر للسماء «يكفينا شر أولاد الحرام وبنات الحرام».

يخشى أبو مشاري أن يلحق على يديها صديقه الذي أفلس بسببها، وكلما جاء طاريها علّق «الله لا يذكرها بخير إن كان ضيّعت الرجال من حلاله وماله»، سأله أحدهم: بلاه من قلبه الهواوي يا بو مشاري. فردّ «والله إنك صادق يا خشمان لكن هي حرباء تتلون بعشرين لون، والرجل منا أمام المغناج يغدي كما السفيه لا شاف الحلاوة». أردف بسؤال «وش قصة رفيقك؟ فأجاب: رفيقي لا معه لا زغل ولا مغل كانت تزوره في المحل وتغريه بمعسول الكلام، فتحمل من الأكسية والألبسة والأغطية والعطور أحدث ما جاء به من خاسكية جدة ثم تغادر دون أن تدفع له سوى ابتسامة ووعود بالزواج، وتقول «أبشر بعزك بعدما أستر آخر بناتي في بيت زوجها أتزوجك» وأخذت به حتى تساوى المحل بالبلاط.

كان بو مشاري يتحلّف فيها، ويقسم أيمان لو مرّت عليه ليكسر ساقها، لم يكن يعرف شيئاً من أوصافها، فسأل أهل السوق عن ملامحها وعن قامتها وتفريعة عمرها، وأخذ كافة الاحتياطات لتفاديها، بلغها ما قاله بو مشاري عنها وأخذه الاحتياطات، فقالت: ما نيب بنت آبي إن كان ما خليت ملحه ما يملح. وذات صباح وهو يرش الماء أمام المحل من إبريق معدني ليهجّد الغبار مرّت من أمام المحل وألقت تحيتها المعتادة (باح الخير) دون أن تنطق الصاد.

عجز يرد عليها التصبيحة لا بأحسن منها ولا مثلها. نشب الكلام في حلقه، سألته: عندك قماش مسلّك. قال «اصبري شوية» رشف رشفات ماء من كوب معدني. وقال «ابشري وصلنا قماش كشميري مسلّك وصيني مدملج». قضى لزومها من أقمشة ونصحها تخيّطها زمّ، كون الشوال ما يناسب القوام الرشيق، لملمت ما أرادت وهو يتناول ويعبي في زنبيلها. وعدته تعدي عليه بالحساب في نهار تال... للحديث بقية علمي وسلامتكم.