لماذا اختار محمد بن سلمان الطريق الأصعب؟
الخميس / 16 / صفر / 1440 هـ الخميس 25 أكتوبر 2018 02:24
محمد الساعد
كان بإمكان الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي أن يختار الطريق الأسهل والأقل كلفة في إدارة مشاريعه وتحقيق طموحات بلاده وشعبه، ذلك الطموح الذي أرهقه وجاء على حساب صحته في وقت عصيب تمر به المنطقة منذ عشر سنوات.
كان بإمكانه أن يضع يده في يد التنظيم العالمي للإخوان المسلمين ويفتح بلاده للمتطرفين والمؤدلجين، وتصبح السعودية ملاذا آمنا لكل شذاذ الآفاق من عرب الشمال ومطاريد الأمصار من مطلقات العروبيين والبعثيين وبقايا اليسار والاشتراكية النافقة كما الموجود في الدوحة اليوم، وبلا شك سيتحولون إلى جيوش من المرتزقة بكل إمكاناتهم الإعلامية والتنظيمية يسبحون بحمده ليل نهار ويحولونه إلى الزعيم الأوحد والقائد الملهم.
من السهل تحويل «العربية» من قناة للتنوير ومحاربة الظلام إلى محطة رديفة للجزيرة تسوق الجولاني وتروج فكر البغدادي وداعش والنصرة وأسامة بن لادن وتدفع الجماهير للعداوة مع أنظمتها والانخراط في الموت والاحتجاجات بدلا من البحث عن العمل والتنمية وتحسين الحياة.
إنه طريق مجرب فعله حمد بن خليفة وتميم ونصر الله وخامنئي والحوثي وصدام والقذافي وبشار وغيرهم كثير، ما عليك إلا أن تتملق تنظيمات الشر وتتنازل عن سيادة بلادك، وتسمح لمنظمات الشواذ وصناع الكبائر بنشر قيمهم في مجتمعك لتنال رضاهم، ستدير ميركل وهيلاري وأوباما وجون كيري حملات العلاقات العامة نيابة عن الليبرالية المتطرفة احتفاء بك، وستكتب عنك الواشنطن بوست وتمجدك نيويورك تايمز وستفرد الديلي ميل صفحاتها عنك، وستخرج ممثلة الاتحاد الأوروبي معبرة عن إعجابها بشخصيتك وقيادتك..
كان بإمكان الأمير أن يتحالف مع المؤسسات «الحركية» المحلية والعابرة لتختطف الشارع وتحركه بتغريدة خفيفة، وأن يضع يده بيد مؤسسات المال التي كانت تشكل حلقة صلبة لا يمكن اختراقها، تدير المال والجاه والمناصب بين يديها وبقية الشعب ليسوا سوى مجموعات بشرية تعيش على فتاتها.
دائما ما كان هناك طريقان أحدهما سهل يختار ما اعتاد عليه الرعاع، وما يريدك الكاره أن تبقى محصورا فيه، لكنك ستراوح مكانك وستبقى مجرد دولة على هامش الأمم والتاريخ. تأكل وتشرب وتنام ثم تموت، والآخر طريق طموح وعر لكن نتائجه في نهاية المطاف مثمرة للبلاد والعباد.
هناك قادة وزعماء اختاروا أن يمضوا هكذا بلا بصمات تسجلها الأجيال ويتذكرها التاريخ، وهناك مثل «محمد بن سلمان» وهم قلة اختاروا أن يكونوا صناع نهضة في بلادهم وأن يفجروا الطاقات في إقليمهم وأن يجعلوا من «رياضهم» منارة يقتدى بها.
قادة النهضة في أي زمان عادة ما يصطدمون بأعداء كثر من الداخل والخارج همهم الوحيد إفشال التجربة وتشويهها ووأدها في بدايتها لأنها إذا خرجت من رحم التكوين فلا يمكن إرجاعها أو السيطرة عليها.
كان بإمكان محمد بن سلمان أن يبقي وطنه مجرد «بياع نفط» نأكل ما تنتجه آبار البترول وتبيعه أرامكو للعالم في آخر اليوم، عندها لن يكون في حاجة لابتكار مشاريع خلاقة مثل نيوم والقدية وجزر البحر الأحمر وتوطين الصناعة العسكرية والانخراط في مشروع الحرير وإنشاء سكة حديد تنقل الصناعات والطاقة بين شرق البلاد وغربها وإنشاء مشاريع إستراتيجية مع الإمارات والأردن والبحرين ومصر تهدف للنهوض الصناعي واللوجستي في المنطقة والتأثير الإيجابي على شعوبها.
كان بإمكانه أن يؤجل مشروع قيادة المرأة السعودية للسيارة أربعة عقود أخرى، وأن لا يسمح للسينما ولا الموسيقى ولا الترفيه البريء بدخول البلاد، لقد كان من السهل تبرير ذلك.
لكنه محمد بن سلمان الذي لم يقبل على نفسه وبلاده تغريدة تأخذ صيغة الأمر من وزيرة خارجية كندا، ولن يسمح للألمان بالتعدي على السيادة السعودية، ولم يسمح لحمد بن خليفة وفيصل بن جاسم وحمد بن جاسم أن يسرحوا ويستبيحوا بلاده طولا وعرضا.
«الأصيل» محمد بن سلمان اختار الطريق الصعب والأكثر كلفة على نفسه وحياته تحت قيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز، اختار شعبه وقال لهم إن طموحه عنان السماء، وإنه سيدافع عنهم وعن مستقبلهم حتى لو قدم حياته نيابة عنهم، ولذلك لم يكن القلق الذي انتاب الناس خلال الأسبوعين الماضيين إلا خوفا من أن الحلم الذي عاشوه على يدي «سلمان وابن سلمان» طوال السنوات الأربع الماضية قد يتلاشى لا سمح الله.
* كاتب سعودي
كان بإمكانه أن يضع يده في يد التنظيم العالمي للإخوان المسلمين ويفتح بلاده للمتطرفين والمؤدلجين، وتصبح السعودية ملاذا آمنا لكل شذاذ الآفاق من عرب الشمال ومطاريد الأمصار من مطلقات العروبيين والبعثيين وبقايا اليسار والاشتراكية النافقة كما الموجود في الدوحة اليوم، وبلا شك سيتحولون إلى جيوش من المرتزقة بكل إمكاناتهم الإعلامية والتنظيمية يسبحون بحمده ليل نهار ويحولونه إلى الزعيم الأوحد والقائد الملهم.
من السهل تحويل «العربية» من قناة للتنوير ومحاربة الظلام إلى محطة رديفة للجزيرة تسوق الجولاني وتروج فكر البغدادي وداعش والنصرة وأسامة بن لادن وتدفع الجماهير للعداوة مع أنظمتها والانخراط في الموت والاحتجاجات بدلا من البحث عن العمل والتنمية وتحسين الحياة.
إنه طريق مجرب فعله حمد بن خليفة وتميم ونصر الله وخامنئي والحوثي وصدام والقذافي وبشار وغيرهم كثير، ما عليك إلا أن تتملق تنظيمات الشر وتتنازل عن سيادة بلادك، وتسمح لمنظمات الشواذ وصناع الكبائر بنشر قيمهم في مجتمعك لتنال رضاهم، ستدير ميركل وهيلاري وأوباما وجون كيري حملات العلاقات العامة نيابة عن الليبرالية المتطرفة احتفاء بك، وستكتب عنك الواشنطن بوست وتمجدك نيويورك تايمز وستفرد الديلي ميل صفحاتها عنك، وستخرج ممثلة الاتحاد الأوروبي معبرة عن إعجابها بشخصيتك وقيادتك..
كان بإمكان الأمير أن يتحالف مع المؤسسات «الحركية» المحلية والعابرة لتختطف الشارع وتحركه بتغريدة خفيفة، وأن يضع يده بيد مؤسسات المال التي كانت تشكل حلقة صلبة لا يمكن اختراقها، تدير المال والجاه والمناصب بين يديها وبقية الشعب ليسوا سوى مجموعات بشرية تعيش على فتاتها.
دائما ما كان هناك طريقان أحدهما سهل يختار ما اعتاد عليه الرعاع، وما يريدك الكاره أن تبقى محصورا فيه، لكنك ستراوح مكانك وستبقى مجرد دولة على هامش الأمم والتاريخ. تأكل وتشرب وتنام ثم تموت، والآخر طريق طموح وعر لكن نتائجه في نهاية المطاف مثمرة للبلاد والعباد.
هناك قادة وزعماء اختاروا أن يمضوا هكذا بلا بصمات تسجلها الأجيال ويتذكرها التاريخ، وهناك مثل «محمد بن سلمان» وهم قلة اختاروا أن يكونوا صناع نهضة في بلادهم وأن يفجروا الطاقات في إقليمهم وأن يجعلوا من «رياضهم» منارة يقتدى بها.
قادة النهضة في أي زمان عادة ما يصطدمون بأعداء كثر من الداخل والخارج همهم الوحيد إفشال التجربة وتشويهها ووأدها في بدايتها لأنها إذا خرجت من رحم التكوين فلا يمكن إرجاعها أو السيطرة عليها.
كان بإمكان محمد بن سلمان أن يبقي وطنه مجرد «بياع نفط» نأكل ما تنتجه آبار البترول وتبيعه أرامكو للعالم في آخر اليوم، عندها لن يكون في حاجة لابتكار مشاريع خلاقة مثل نيوم والقدية وجزر البحر الأحمر وتوطين الصناعة العسكرية والانخراط في مشروع الحرير وإنشاء سكة حديد تنقل الصناعات والطاقة بين شرق البلاد وغربها وإنشاء مشاريع إستراتيجية مع الإمارات والأردن والبحرين ومصر تهدف للنهوض الصناعي واللوجستي في المنطقة والتأثير الإيجابي على شعوبها.
كان بإمكانه أن يؤجل مشروع قيادة المرأة السعودية للسيارة أربعة عقود أخرى، وأن لا يسمح للسينما ولا الموسيقى ولا الترفيه البريء بدخول البلاد، لقد كان من السهل تبرير ذلك.
لكنه محمد بن سلمان الذي لم يقبل على نفسه وبلاده تغريدة تأخذ صيغة الأمر من وزيرة خارجية كندا، ولن يسمح للألمان بالتعدي على السيادة السعودية، ولم يسمح لحمد بن خليفة وفيصل بن جاسم وحمد بن جاسم أن يسرحوا ويستبيحوا بلاده طولا وعرضا.
«الأصيل» محمد بن سلمان اختار الطريق الصعب والأكثر كلفة على نفسه وحياته تحت قيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز، اختار شعبه وقال لهم إن طموحه عنان السماء، وإنه سيدافع عنهم وعن مستقبلهم حتى لو قدم حياته نيابة عنهم، ولذلك لم يكن القلق الذي انتاب الناس خلال الأسبوعين الماضيين إلا خوفا من أن الحلم الذي عاشوه على يدي «سلمان وابن سلمان» طوال السنوات الأربع الماضية قد يتلاشى لا سمح الله.
* كاتب سعودي