كتاب ومقالات

عبرة هجمات الإرهاب المحلي بأمريكا

بشرى فيصل السباعي

شهد الأسبوع المنصرم هجومان إرهابييان كبيران في أمريكا؛ أحدهما كان بدافع التعصب العرقي السياسي، والآخر بدافع التعصب الديني السياسي وسبقهما خلال السنة الماضية عدد ليس بالقليل من العمليات التي تورط بها إرهابيون أمريكيون غير مسلمين بدافع التعصب العرقي والعقائدي السياسي ولم تحظ بتغطية لأنه تم كشفها قبيل وقوعها أو لأن أثرها كان محدودا، فحدثت يقظة وعي عامة بخطورة هذا التيار المتعصب الذي كان حتى وقت قريب مهمشا ولا يؤخذ على محمل الجد وبخاصة وأن كثيرا من بنيانه قائم على نظريات مؤامرة مجنونة أشهرها؛

الأمم المتحدة تحتل أمريكا وتجهز معتقلات لتعتقل فيها الأمريكيين كالنازية لذا يريدون حظر امتلاك الأفراد للأسلحة، المواد المعقمة التي تضاف للمياه هدفها التحكم بالأدمغة، الحزب الديمقراطي يقدم قرابين بشرية من الأطفال ويدير شبكات لدعارة الأطفال وعبادة الشيطان، تطعيمات الأطفال هدفها التسبب بالعقم، هناك مؤامرة للقضاء على العرق الأبيض، وحركة حقوق المرأة تهدف لإحداث انقراض للذكور عبر الأضرار الجانبية للمواد المصنعة..

وهذه السخافات كان لبعضها آثار كارثية لتوهم أن كل ما يتداول هو حقيقة قطعية بدون تمييز بين المصادر الموثوقة وبين المؤامراتية المبتذلة، فنظريات المؤامرة التي زعمها أمريكيون حول التطعيمات انتشرت بنيجيريا وباكستان وأفغانستان ونتج عنها قيام طالبان وبوكوحرام بتحريم التطعيم وقتل للأطباء الذين يقومون بتطعيم الأطفال مما تسبب بانتشار وبائي لأمراض كانت قد انقرضت بفضل التطعيمات كشلل الأطفال، وبأمريكا وحتى دول عربية بدأ ينتشر امتناع الآباء عن تطعيم أطفالهم بسبب نظريات المؤامرة، وبسبب العمليات الإرهابية التي قام بها المتأثرون بتيار نظريات المؤامرة والتحريض الديماغوجي الغوغائي بأمريكا قامت جميع مواقع التواصل والبث ومواقع الدفع والحوالات المالية في الإنترنت بمنع حسابات أبرز زعماء ونجوم هذا التيار للأبد مثل المذيع «ألكس جونز»، والعبرة التي تقدمها هذه العمليات الإرهابية التي قام بها المتأثرون بتيار نظريات المؤامرة في أمريكا بشكل خاص هي؛ أن الخطر يكمن دائما ليس في أي انتماء بحد ذاته إنما الخطر يكمن بنسخته المتعصبة المؤامراتية العدوانية الغوغائية التحريضية الجاهلة فهناك دائما من سيتجاوب معها بنمط العمليات الإرهابية حتى وإن كانت مادتها التحريضية مبنية على الأكاذيب والأوهام التي لا حقيقة لها.

ولهذا جرس الخطر بأي خطاب عام يتمثل بالنمط المهيج للمشاعر العدوانية ضد الآخرين والذي يشوههم ويشيطنهم ويزعم أنهم يمثلون مؤامرة خبيثة كبرى وخطرا وجوديا وكبش فداء بالقضاء عليه ستزول المؤامرة وتحل كل المعضلات وتعود العظمة الطوباوية الماضية المزعومة.

* كاتبة سعودية

bushra.sbe@gmail.com