صوت المواطن

الحرب والقانون

عساف بن مسعود العتيبي

منذ العصور القديمة والإنسان يسعى جاهداً لإيجاد طريقة تجعله أكثر تنظيماً في جميع أحواله وتعاملاته، سواء كان في حالة حرب أو في حالة سلم واستقرار ولأن من طبيعة القوانين، ومن الهدف المنشود منها أنها تنظم جميع أمور حياة البشرية في الدول الآمنة والمستقرة إذا ما تم تطبيقها بحذافيرها بحيث لا يظلم فيها أحد، ما يعني أيضاً أنها وإن كانت تدخل في تنظيم أمور الدول المستقرة فهي أيضاً تدخل في تنظيم الدول غير المستقرة التي ينشب فيها نزاع مسلح مع دول أخرى، بهدف التقليل من آثارها المدمرة وحتى لا تكون حرباً عشوائية ويكون الضحية منها إعدام الجنس البشري بشكل كامل دون تمييز، كما حدث في الحروب التي وقعت سابقاً كحرب «يوغسلافيا ورواندا السابقة» التي كانت من الحروب التي وقع فيها أبشع الجرائم وحشية وقسوة ارتكبت ضد الإنسانية في التاريخ، وإذا نظرنا إلى علاقة القانون بالحرب فليس للقانون أي تدخل أو علاقة في الأسباب التي أدت إلى اندلاع حرب، أو حتى إيقاف الحرب وبسبب هذه العشوائية التي نراها في استخدام أدوات الحرب التي تكون بعضها محرمة دولياً وبالتالي لا تمت بصلة بالهدف المنشود منها، وهو إضعاف العدو ومن ثم السيطرة عليه ولعلنا نذكر هنا ما شاهده رجل الأعمال السويسري هنري دونان بعد ساعات قليلة على انتهاء المعركة التي وقعت بين القوات الفرنسية والقوات النمساوية (معركة سولفرينو) من مناظر بشعة كان السبب الأول لعقد مؤتمر دبلوماسي عالمي، أصدر من خلاله المجتمع الدولي قانون ينظم الحروب ويعتبر أول قانون صدر في ذلك الوقت وجعل اسمه «قانون الحرب» الذي دخل عليه بعض التطورات على مر التاريخ، حتى أصبح يسمى في الوقت الحاضر «القانون الدولي الإنساني» الذي اشتمل على أربع اتفاقيات أساسية رئيسة- تسمى اتفاقيات جنيف 1949م، والذي يهتم بالدرجة الأولى بالإنسان ويوفر له الحماية في حالة الحرب كحماية العسكريين الذين توقفوا عن حمل السلاح تحت أي ظرف كان، وحماية المدنيين وخاصة فئة محددة منهم مثل الأطفال والنساء ومقدمي الإسعافات للجرحي والمرضي ورجال الدين، وتطبق جميع مواده عندما تنشأ النزاعات المسلحة بين الدول للحد من أثارها وهو القانون الوحيد المناط به هذا الهدف، بعكس باقي القوانين الأخرى لأن في الحروب جرت العادة أن يتم التركيز على الأهداف العسكرية من منشأة وغيرها، وليس على الأعيان المدنية كالمستشفيات والمساجد والمرافق التعليمية ونحوها ولا على النفس البشرية، ولكن مع الأسف أننا نرى العشوائيات والانتهاكات للقوانين الدولية التي تحصل بسبب هذه النزاعات المسلحة، مثل المجزرة التي حصلت في قطاع غزه وغيرها من البلاد العربية، ما يحتم على المجتمع الدولي ضرورة التصدي لها وذلك بتفعيل الالتزام بأعراف وقوانين الحرب حتى تصبح لها قيمه تحترمها الدول المتحاربة.

ASSAF_2007@hotmail.com