كتاب ومقالات

عرض المتهمين على القاصر

عين الصواب

أحمد عجب

يرى الأغلبية بأن قضية الفتاة القاصر التي بث مقطعها قبل أيام قد انتهت بالقبض على المتهمين الثلاثة، لهذا اقتصرت تعليقاتهم على ضرورة تغليظ العقوبة عليهم لقاء التهم المنسوبة إليهم: خطف فتاة قاصر، التغرير والاختلاء بها، إيوائها، إنتاج مقاطع مخلة، تعاطي المسكر، وهذا صحيح من الناحية الجنائية كون النيابة العامة والمحكمة الجزائية ستتوليان المهمة، لكن من الناحية الاجتماعية إن أردنا منع وقوع مثل هذه الحالات المؤسفة، فإننا بالكاد «مسكنا أول الخيط» الذي سيقودنا للجناة الحقيقيين.

بالطبع لا يمكن لأي قاصر أن يصل لهذه الحالة المزرية ما لم يكن هناك إهمال شديد من قبل الوالدين والمدرسة والرعاية الاجتماعية، مما يمهد الطريق للذئاب البشرية لتنقض على فريستها، وتنهش لحمها قبل أن تتدخل الأجهزة الأمنية وتنقذها باللحظة الأخيرة!؟

لهذا فإن العدالة تقتضي من وجهة نظري قيام هيئة حقوق الإنسان في مثل هذه الحوادث باستدعاء كل من: دار الحماية الاجتماعية التي صمّت آذاننا بوجود رقم تلقي بلاغات حماية الطفل من الإيذاء والإهمال 1919، ثم يشتكي المعنفون من عدم الاهتمام ببلاغاتهم، كما يستدعى معها برنامج الأمان الأسري ومؤسسات المجتمع المدني التي أعلنت تضامنها في تلقي بلاغات خط مساندة الأطفال 116111 دون الـ18 سنة، مدعية بأن توعيتها وصلت للمدن النائية لنفاجأ بوقوع العنف بالمدن الرئيسية، كما يتم استدعاء كل من والدي القاصر، ومديرة المدرسة، وبعض مشاهير السوشل ميديا الذين يروجون بكل بجاحة للانفلات والمخدرات!

أنا على يقين بأنه عند (عرض المتهمين على القاصر) سوف يحاول البعض منهم أن يشيح بوجهه عنها حتى لا تتعرف عليه، لكنها حين تعيد المحاولة سوف تشير إلى ذلك المتهم قائلة: نعم هذا صوته عندما رد على بلاغي قائلاً: لا نستطيع مساعدتك!؟ وذاك الواقف هناك: إنه يحمل ملامح نجم (السناب شات) الذي نشأت على مقاطعه الهابطة، وتلك المديرة ومعها المرشدة الطلابية اللتان لا هم لهما سوى حذف حصة النشاط أو تتبع الغيوم لتعليق الدراسة، لهذا لم تتنبها لمعاناتي الظاهرة على وجهي!

حتى لو جرى التمويه على القاصر (من باب التأكد) بعرض أشخاص وجهات أخرى لا علاقة لهم بحادثتها فإنها لن تتهم أحدهم، لأنها لا تزال طفلة بريئة لا تحمل المكر ولا الضغينة، هي فقط تتعرف على المتهمين المتهاونين ليلقوا جزاءهم ولا يعودوا لفعلتهم، عدا متهمين لن تتعرف عليهما، وهما والداها، ليس لبرائتهما، ولكن لأنها لم ترهما منذ زمن، فكل منهما مشغول في عالمه!؟