ثقافة وفن

رحيل الشهيل ثاني مدير للأندية الأدبية وعاشق أدب الأندلس

قضى 6 عقود في خدمة الثقافة

عبدالله الشهيل

علي الرباعي (الباحة) Okaz_Culture@

من تتبع سيرة الأديب الراحل عبدالله الشهيل سيكتشف أنه من أبرز الشخصيات التي جمعت بين المعرفة النظرية وبين تجربة الحياة الفكرية والثقافية والفلسفية طيلة 6 عقود، فالراحل أديب ومؤرخ ومتصالح مع نفسه ومع الناس، ثاني مدير للأندية الأدبية، بعد انطلاقها في التسعينات الهجرية، ورغم انتهاء تكليفه العملي إلا أنه استمر في خدمة الثقافة والكتابة والمتابعة والمشاركة طيلة 6 عقود، دون شكوى أو تذمر لأنه وفق فلسفة خاصة مع الزمن يرى أن الإنسان مسؤول عن تجميل الزمن وعن قبحه.

وعدّه عضو الشورى السابق الدكتور منصور الحازمي أشبه بأبي حيان التوحيدي في تفتيق القول والمقابسات، ويرى أنه انشغل عن التحصيل العلمي برئاسته للأندية الأدبية إلا أنه كبر بعلمه وفضله على كل الألقاب، وقال: «كان نعم الرجل المثقف المحب لوطنه وأمته».

فيما يرى عضو مجلس الشورى السابق حمد القاضي أن الراحل أحدث نقلة نوعية في العمل الثقافي من خلال إدارته للأندية الأدبية، مشيراً إلى أنه عاشق للأدب الأندلسي، وحافظ وراوٍ له.

يذكر أن الراحل دوّن سيرته في أكثر من 600 صفحة في كتابه «محطات عمر من 1939 - 2013م» وروى تفاصيل حياته منذ مولده حتى تقاعده، وقال في مقدمتها: «كل الكائنات لها محطات عمرية، تقصر وتطول، وتنمو وتذبل، والأنموذج الأبرز من بينها الإنسان الذي ميزه الله بالعقل ليفكر ويتدبر، ولكل مرحلة عمرية نكهة خاصة، وخاصية نسبية عقلية وبدنية، ومسلكية ونفسية، فالأعمار كلها مختلفة البيئات، والشرائح الاجتماعية، والأجيال والأيدولوجيات، والطوائف والمذاهب، اختلافها إذا لم يختل بالتخلف والتعصب، والإلغاء والاحتكار، والظلم والأنانية وحبس الحريات يغتني المجتمع».

ومن خلال فلسفته الخاصة بالزمن قال في كتاب سيرته: «لم أشعر يوماً بأن الزمن إما جميل، وإما عكس ذلك، فالأزمنة لا ذنب لها، فنحن الذين نجملها ونقبحها». ويضيف: «الإحساس بالزمن مرهون بالعيش فيه، وعندئذ سواء أحبه أو أكرهه، أو أتمنى عودته يبقى الزمن المعيش بمرحلة عمرية ما مقيماً بالذاكرة، إلا أن النظرة إليه تختلف حسب نوع ومدة التجربة، ومستوى الوعي، والوضع الاجتماعي والاقتصادي».

وعن المكان قال: «بعض الأحيان تكون للأمكنة إشكالية باعتبارها لصيقة بحياة الإنسان على مختلف أشكالها وأحجامها، وأنواعها، وبيئاتها ومناخاتها، وجغرافيتها، وديمغرافيتها، وموقعها السياسي ومستواها الاقتصادي والحضاري، والثقافي والاجتماعي، ولأنها تثبت بالتفكير إلا أن النظرة إليها متغيرة إن سلباً وإيجاباً وليس بالضرورة تسجيل الانطباع عنها عبر زيارة سريعة، أو أثناء مرحلة عمرية لم تتأهل بالوعي، وفي حالة الوعي ليس بالضرورة أن يحضر التمييز إلا بتجربة طويلة ومعرفة كاملة بالمكان والعاطفة نحو المكان لا تقرر أرجحية دون مراعاة الموضوعية بدراسة تظهر حقيقته».

وقال نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الأدب العربي الدكتور عبدالله الحيدري إن الراحل عبدالله بن محمد الشهيل صنع له اسما بارزا في الوسط الثقافي إذ عمل في أكثر من جهة، وبدأ وظيفيا في إذاعة الرياض معدا للبرامج الثقافية، ومنها برنامج «ندوة الرياض»، ثم انتقل إلى الرئاسة العامة لرعاية الشباب، لافتاً إلى أن الراحل اعتنى بالتاريخ، كونه تخصصه الجامعي وما بعد الجامعي، والكتابة الصحفية الشمولية فهو يكتب في أكثر من مجال، فضلا عن الإدارة الثقافية والقرب من الأندية الأدبية. وأوضح الحيدري أن الشهيل أصدر في عام ١٤٣٨هـ سيرته الذاتية «محطات عمر»، إلا أنها خلت من الحديث عن تجربته الثقافية، وربما كان هناك جزء ثان لم ينشر منها؛ لأن العنوان نص على الوقوف عند عام ١٤٣٤هـ. مشيراً إلى أن أدبي الرياض طبع له كتابين، وهما: «صور عربية من إسبانيا» عام ١٣٩٩هـ، و«التطور التاريخي للدولة السعودية في دورها الأول» عام ١٤٢٣هـ.