كتاب ومقالات

من يعشق الاتحاد.. أنتم أم علي سجمة؟

جرة قلم

إبراهيم عقيلي

بت أكثر إيمانا بأن ليس هناك من يحب الاتحاد، كالذي يقتطع قيمة تذكرة مباراة من قوت يومه وأبنائه «ويتسمر» في المدرجات من وقت مبكر، ليقتسم الفرحة مع جموع العشاق التي حضرت من أجل النمور فقط، ومن أجل الفرح. أما غيرهم فلا أحد يحب الاتحاد.

ودعوني أحكي لكم قصة عاشق كبير للنادي اسمه علي سجمة، وهو موظف صغير عمل في عدد من الصحف، يجمع رزقه منها ويجمع من أقسام الرياضة يوميا أخبار الاتحاد، فما إن يبدأ يومنا المرهق حتى يدخل علينا سائلا، «كيف الاتحاد؟». كبرت معاناة علي سجمة عندما بدأت قصة الاتحاد مع الهزيمة، ففي كل جولة يتوعده بعدم الحضور خاصة وأن تذاكر المباراة قد أرهقت راتبه الصغير، لكن ما إن تأتي مباراة حتى يفر بعشقه إلى الجوهرة، يحضر ويؤازر، ليس من أجل شيء سوى أنه يعشق الاتحاد بجنون.

وأنا أرى المشهد اليومي لعلي سجمة أسأل نفسي، من يعشق الاتحاد علي سجمة أم أولئك المتسمرون عبر الشاشات يطلقون آراءهم حسب الأهواء، أم ذلك العضو العتيق الذي ينافح إذا سمح مزاجه، ويتوارى إذا لم ترق له الأجواء.

المشاهد الاتحادية باتت تفرض علينا تلك المقارنات، خاصة حضورهم المفاجئ يوم الحزم، يوم تكشفت الأمور أكثر، فالجموع التي حضرت بعد غياب طارئ دام أكثر من عشر جولات، غابت أو غيبت، رغم أن الاتحاد كان ينزف ألما، ويحتاج من يضمد جراحه، كانت الكاميرات ترصد الحضور، لتؤكد المشهد الاتحادي، فمن يعشق ليست تلك الأسماء التي تظهر عندما يروق لها، لكن من يعشق هو ذلك الذي تجده في زمن الرخاء والشدة، من تجده من أجل العميد «العميد وبس».

أولئك العاشقون الحقيقيون يحضرون بلا حسابات ولا محسوبيات، يحضرون لأن الاتحاد عشق، وليس شيئا آخر.

كل شيء انتهى في الاتحاد سوى جمهوره العظيم، سوى أصوات النمور في المدرجات، جمهور يسجل أعظم فصول الولاء والمحبة، فمن مثلهم، يبادل ناديه المحبة رغم الخيبات المتتالية، ويبقى وفيا، ليؤكد أن العشق للاتحاد ليس من طرف واحد، فمن حق الاتحاد أن يفخر بهم، فهم الحلقة الأقوى في دورينا.

بعكس الآخرين، والذي غاب بعضهم لغياب مصالحهم، وغاب آخرون لحاجة في نفس يعقوب، وآخر لأن له رأيا لم يسمعه أحد. وآخر في فمه ماء.

عشر جولات صرخ النمر الجريح، ولم يسمع صراخه أحد منهم، فلا الدعم راق لهم، ولا تضحيات الإدارة ناسبتهم، فأبت التفرقة أن تغادر، بل فرضت نفسها بقوة، وفرضت على الجميع غيابا مخجلا، ليحضروا أخيرا لكن الحضور هذه المرة كان أشد قسوة من الغياب.

من حق كل متابع أن يسأل، لماذا غبتم عشر جولات، وحضرتم يوم الحزم، أسأل لأن الشأن الاتحادي ليس شأنكم فقط، بل شأن كل مشجع سعودي، فالجار منافس، وبدونه نفقد طعم الكرة، وطعم الأهزوجة الممزوجة بالفرح، وطعم الطموح.

غياب العميد يفقدنا أبسط قواعد الحياة، والنجاح.

فمن يعشق الاتحاد بحق.. أنتم؟ أم علي سجمة، أنتم؟ أم الجموع الغفيرة العاشقة؟

فاصلة

رسمتك على المشاوير

يا هم العمر.. يا دمع الزهر

يا مواسم العصافير