رئيس فرنسا.. هل يسير على خطى جورباتشوف؟
الأربعاء / 05 / ربيع الثاني / 1440 هـ الأربعاء 12 ديسمبر 2018 01:58
أسماء بوزيان (باريس) Okaz_online@
تقف فرنسا اليوم على محك عصيان مدني، يرى فيه مراقبون أنه بمثابة «اللغز العميق»، فالحل للأزمة الاجتماعية اليوم كان في عمق نقاشات الحملة الانتخابية للرئيس إيمانويل ماكرون الذي رفع لغة التحدي في الاقتراب من الفرنسيين. وكادت فرنسا بنخبها ورسمييها وطبقتها العاملة أن تصدق وعود «جورباتشوف فرنسا» بالرخاء والحلول طويلة المدى لمختلف المشكلات.
ولكن جاءت حركة «السترات الصفراء» لتوقظ الفرنسيين من التنويم المغناطيسي الذي مارسته الحكومة عليهم، وإذا سلمنا أنها حركة لأجل تصويب مسار بعينه، فعلينا أن نقف عند مطبات الحكومة والرئيس الذي تحصن داخل قصر الإليزيه حين اشتد «الوطيس».
ثمة نقطتان لا ينكرهما عاقل وهما أن طرفي السلطة (التشريعية والتنفيذية) استهانا بالشارع الفرنسي وبالفرنسيين وصدقوا كذبة (L’indice de Gini) مؤشر جيني، وهو مؤشر تركيبي، يوضح عدم المساواة في الأجور، ويشيع استخدامه في بحوث العلوم الاجتماعية بشكل خاص.
هذا المؤشر وضع فرنسا أفضل من معظم الدول المتقدمة، ويميل إلى الانخفاض بشكل طفيف في السنوات الأخيرة. وبالتالي أعطى الانطباع لماكرون ورئيس حكومته أن الوضع العام في أحسن أحواله، خصوصا أن معدل الفقر بعد التحويلات الاجتماعية قبل ثلاث سنوات بلغ 13.6 ٪، وهو أدنى المعدلات في أوروبا. وقد احتلت فرنسا المركز الثالث في القدرة الشرائية، عام 2016، بعد النمسا ولوكسمبورغ، وقبل ألمانيا والسويد.
اليوم، الشارع الفرنسي، لا يأبه لما ستؤول إليه سلة النفقات وإيرادات الدولة بعد سحب قرارات فرض الضرائب على المحروقات، لكنه أيضا يطالب بأن تكون للدولة يد تقبض على الأثرياء وترفع من القدرة الشرائية لمتوسطي الدخل.
بعبارة أخرى، الشارع والطبقة العاملة يريدان تحقيق نفس النتائج السابقة، مع الاحتفاظ بالقدرة الشرائية وضمان اجتماعي جيد، ونظام صحي يراعي كل الطبقات ونظام تعليمي متاح للجميع دون فروقات اجتماعية ودون ضرائب على متوسطي ومحدودي الدخل.
إن عدم فعالية السياسة الاجتماعية المعتمدة من الحكومة الحالية سببه عوامل عدة، لكن ما لم يغفل مختصون أن العامل الأهم في كل هذا هو المركزية المفرطة، الناتجة عن نموذج (الملكية الجمهورية) التي أصبحت تطبع فرنسا وتُركز السلطات والوسائل المالية حول رأسمالها فقط. بينما تفرز مؤسساتها أعباء لا حصر لها. أعباء يقف عندها اليوم الرئيس الفرنسي بعدما شعر بالخطر جراء «السترات الصفراء»، وخيبة أملها في تغيير وعد به ولم يتحقق، خاصة وأنه كان منتخبًا للاقتصاد قبل كل شيء، بينما كان الشعب يأمل حدوث تغييرات في الحوكمة.
فضل ماكرون مهادنة الشعب الذي يطالب برحيله وحكومته، فجاء ليعدهم بإصلاح من القمة إلى القاع، على طريقة «بروسترويكا جورباتشوف» حين حاول مواجهة الاختلالات المالية والاقتصادية للاتحاد السوفيتي السابق.
ماكرون وعلى طريقة جورباتشوف، يحاول إنقاذ مشروعه (الحوكمي)، دون أن يعالج مكمن الاختلال وهو التهرب الضريبي للأغنياء وإعفاؤهم منها. فإذا كانت الزيادة الضريبية هي القشة التي قصمت ظهر البعير، فإن الفرنسيين اليوم يرفضون بشكل قاطع أن يدفعوا ضريبة الأغنياء.
الرئيس حاول من خلال حديثه مساء (الإثنين)، إرخاء الخيط الذي شده لسنتين، فلعب على حبل التعاطف مع العائلات الفقيرة.
ولكن كل هذا لم يكن سوى ذر الرماد في العيون. ولم ينجح في استمالة نشطاء الحركة الاحتجاجية بعد.
ولكن جاءت حركة «السترات الصفراء» لتوقظ الفرنسيين من التنويم المغناطيسي الذي مارسته الحكومة عليهم، وإذا سلمنا أنها حركة لأجل تصويب مسار بعينه، فعلينا أن نقف عند مطبات الحكومة والرئيس الذي تحصن داخل قصر الإليزيه حين اشتد «الوطيس».
ثمة نقطتان لا ينكرهما عاقل وهما أن طرفي السلطة (التشريعية والتنفيذية) استهانا بالشارع الفرنسي وبالفرنسيين وصدقوا كذبة (L’indice de Gini) مؤشر جيني، وهو مؤشر تركيبي، يوضح عدم المساواة في الأجور، ويشيع استخدامه في بحوث العلوم الاجتماعية بشكل خاص.
هذا المؤشر وضع فرنسا أفضل من معظم الدول المتقدمة، ويميل إلى الانخفاض بشكل طفيف في السنوات الأخيرة. وبالتالي أعطى الانطباع لماكرون ورئيس حكومته أن الوضع العام في أحسن أحواله، خصوصا أن معدل الفقر بعد التحويلات الاجتماعية قبل ثلاث سنوات بلغ 13.6 ٪، وهو أدنى المعدلات في أوروبا. وقد احتلت فرنسا المركز الثالث في القدرة الشرائية، عام 2016، بعد النمسا ولوكسمبورغ، وقبل ألمانيا والسويد.
اليوم، الشارع الفرنسي، لا يأبه لما ستؤول إليه سلة النفقات وإيرادات الدولة بعد سحب قرارات فرض الضرائب على المحروقات، لكنه أيضا يطالب بأن تكون للدولة يد تقبض على الأثرياء وترفع من القدرة الشرائية لمتوسطي الدخل.
بعبارة أخرى، الشارع والطبقة العاملة يريدان تحقيق نفس النتائج السابقة، مع الاحتفاظ بالقدرة الشرائية وضمان اجتماعي جيد، ونظام صحي يراعي كل الطبقات ونظام تعليمي متاح للجميع دون فروقات اجتماعية ودون ضرائب على متوسطي ومحدودي الدخل.
إن عدم فعالية السياسة الاجتماعية المعتمدة من الحكومة الحالية سببه عوامل عدة، لكن ما لم يغفل مختصون أن العامل الأهم في كل هذا هو المركزية المفرطة، الناتجة عن نموذج (الملكية الجمهورية) التي أصبحت تطبع فرنسا وتُركز السلطات والوسائل المالية حول رأسمالها فقط. بينما تفرز مؤسساتها أعباء لا حصر لها. أعباء يقف عندها اليوم الرئيس الفرنسي بعدما شعر بالخطر جراء «السترات الصفراء»، وخيبة أملها في تغيير وعد به ولم يتحقق، خاصة وأنه كان منتخبًا للاقتصاد قبل كل شيء، بينما كان الشعب يأمل حدوث تغييرات في الحوكمة.
فضل ماكرون مهادنة الشعب الذي يطالب برحيله وحكومته، فجاء ليعدهم بإصلاح من القمة إلى القاع، على طريقة «بروسترويكا جورباتشوف» حين حاول مواجهة الاختلالات المالية والاقتصادية للاتحاد السوفيتي السابق.
ماكرون وعلى طريقة جورباتشوف، يحاول إنقاذ مشروعه (الحوكمي)، دون أن يعالج مكمن الاختلال وهو التهرب الضريبي للأغنياء وإعفاؤهم منها. فإذا كانت الزيادة الضريبية هي القشة التي قصمت ظهر البعير، فإن الفرنسيين اليوم يرفضون بشكل قاطع أن يدفعوا ضريبة الأغنياء.
الرئيس حاول من خلال حديثه مساء (الإثنين)، إرخاء الخيط الذي شده لسنتين، فلعب على حبل التعاطف مع العائلات الفقيرة.
ولكن كل هذا لم يكن سوى ذر الرماد في العيون. ولم ينجح في استمالة نشطاء الحركة الاحتجاجية بعد.