ثقافة وفن

مراثي الغجر الراحلين عن الأندلس

3765

موسى حوامدة *

أعرف أن قلبي لن يظلَّ هنا

سيرحلُ مع مُغنٍّ جوال

يُطوِّفُ الذكرياتِ

وينسى حقولَ القمح

يوغلُ في الحنين

وينسى صلاة الغائب

يكتب على الماءِ

مراثيَ الغجرِ الراحلين عن الأندلس.

ثقيلٌ أنت يا ليلُ

ثقيلٌ حين تجثم فوق ضلوعي

ثقيلٌ حين تطلب تقليبَ الأسى

تعاود الزيارة

كلما سمعتَ عن نيتي للفرح

تغتال أحلامي

كلما هرمت قسماتي

وشاخت سنوات الغربة

وتقطع وعداً للظلام

أن تلعن ذكرياتي.

يا حزنُ...

آه يا حزنُ

أعرف أنك تكره صوت الغراب

وتحكم على الأشجار بالانحناء

وعلى الموت بالابتسام

ولكنك لن تًروِّضَ غزالةَ الشؤمِ التي كمنت في كهف صدري.

صدري لن يمكثَ هنا طويلاً

ظلالي ستغيب

شمس عمري ذائبة في كوبِ شايٍ صباحي

فصل الربيع لن يهزم طاعتي للألم

وكلما رحلت سويعات الغروب

تلاشت رويداً

حماسة البستان للغيوم

وحنين النحل للزهور.

بريد الندى بطيء

بريد الذكريات بطيء

بريد الفجر

لا يأتي.

أعرف ما لا أعرف

وحصتي في شتاء العام

أقلُّ من حصة المروج والسهوب

أقلُّ من ندبةٍ على جبين الجبل

وأكثرُ من حكمةٍ رعويةٍ منحتْ قَطيعي للذئاب

وخرافي للعويل.

أعرف أن الذئاب تَرِقُّ لإناثها

والصيف يَرقُّ لواحته

واللبؤة ترق للأسد

والغابة ترق لخدرٍ سري يعبر خلاياها،

كلُّ قسوةٍ تلينُ

إلا ليلُ منفايَ الطويل.

جروح العاشق تلتئم

جروح الغدر تلتئم

جروح الغيوم تلتئم

جروح أيامي... ينابيع

أما قلبي فلن يمكث هنا طويلا...

* شاعر أردني