كتاب ومقالات

تفاؤل وتشاؤم اقتصادي في عام «2019»

عبدالله صادق دحلان

لم أكن متفاجئا بالتوقعات السلبية عن الاقتصاد العالمي التي أكدها مجموعة خبراء دوليين شاركوا في المنتدى الإستراتيجي العربي الذي عقد في دبي الأسبوع الماضي على شرف الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وبحضوره شخصيا، حيث أبدى بعض الخبراء تشاؤمهم حول الأوضاع الاقتصادية والسياسية في العالم لعام 2019م.

حيث كان المحور الرئيسي للمنتدى (حالة العالم في «2019»)، وللحقيقة بعد متابعتي لجلسات هذا المنتدى واطلاعي على بعض التقارير والدراسات المعروضة والمقدمة والموثقة، التي استخدمت بكل شفافية لوضع الصورة المتوقعة لعام (2019)، معتمدة على تحاليل ودراسات علمية لتقديم تصورات موثقة ووضع مجموعة متكاملة من المعطيات الحالية والمؤشرات المستقبلية تحت تصرف واضعي الخطط والسياسات الاقتصادية، تساعدهم عند وضع خططهم الاقتصادية السنوية أو الخمسية، ومن أهم الآراء المتطابقة لبعض الخبراء الذين يعتد بآرائهم عالمياً والذين شاركوا في جلسة (حالة العالم العربي اقتصادياً في العام «2019»)، هي أن المنطقة العربية ستواجه ركوداً اقتصادياً خلال العامين المقبلين (2019) و(2020) وستبدأ معالم هذا الركود في النصف الأول من عام (2019) وستظهر معالم الركود بوضوح في عام (2020)، وهذا سيؤثر على معدلات النمو في مجلس التعاون الخليجي وسيكون معدل النمو 3% في العام القادم (2019) وسينخفض في عام (2020)، ويتوقع الخبراء أن أسعار النفط ستشهد انخفاضاً وسيتراوح سعر برميل النفط عام (2019) بين (47) و(69) دولاراً للبرميل ولن يرتفع سعر البرميل إلى سعره السابق (100) أو (120) دولاراً إلا إذا حدثت كارثة عالمية فسيكون الوضع للأسعار غير متوقع.

ويقول النائب الأول لرئيس البنك الدولي «إن العالم يمر بمرحلة عدم اليقين، وهناك أزمة ثقة، ولا سيما في وقت لم تتضح بعد فيه قواعد اللعبة في القرن الواحد والعشرين، وفي وجود قوى تظهر وأخرى تختفي وارتباكات في دول الغرب إضافة إلى نزاعات عالمية».

وتوقع وزير الخزانة الأمريكية السبق (جاك لو) أن عام (2019) سيكون عام التهدئة في حرب الرسوم الجمركية والتجارية على مستوى العالم وتحديداً بين الولايات المتحدة والصين، ويرى محافظ بنك بريطانيا السابق وعضو مجلس اللوردات أن «الاقتصاد العالمي في عام «2019» سيواصل الابتكار وخلق الحلول العملية الناجحة»، أما وزير الخارجية الأسبق المصري نبيل فهمي فيقول «إذا كنا نريد التحدث عن المستقبل فلابد من وصف الحاضر، هناك ضعف سياسي عربي يحتاج إلى توحيد الصفوف وعدم الاعتماد على دول خارجية».

أما عن الاقتصاد السعودي بالتحديد، لم أستمع إلى وجهات وتوقعات سوى مجمل توقعات أن الاقتصاد الخليجي سيواجه ركوداً أو بطئاً في النمو بسبب انخفاض أسعار البترول.

وإذا جاز لي أن أبدي رأيا تجاه الاقتصاد السعودي وهو جزء كبير أو الأكبر في الاقتصاد الخليجي، فإنني أتوقع بأن الاقتصاد السعودي سوف يتأثر دخله من انخفاض أسعار البترول المتوقعة، ولكن سيعوض الانخفاض من الإيرادات الأخرى؛ وهي رسوم الضريبة والرسوم الأخرى التي فرضت مؤخراً بالإضافة إلى تعديل أسعار بعض الخدمات التي كانت شبه مدعومة في السابق.

أما عن نمو القطاع الأهلي فإنني أتوقع أنه سينمو إذا بدأت الدولة تنفيذ مشاريعها العملاقة في الشرق والوسط والشمال، شريطة أن يكون للقطاع الأهلي دور في تنفيذها، ولا مانع من الاستفادة من خبرات الشركات العالمية في التنفيذ، ولكن تكون حصة القطاع الأهلي في التنفيذ أو التوريد كبيرة، وهذه سوف تحرك الأسواق إيجابياً، إن فرض الشروط على الشركات العالمية المنفذة للمقاولات الكبيرة سوف يسهم في زيادة نمو القطاع الأهلي في تلك المجالات، كما أتمنى، ضمن جهود الدولة في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تجميد جميع الرسوم والضرائب عليها بما فيها رسوم العمالة ورخص العمل وتخفيف شروط الإقراض من بنك التنمية الاجتماعي لمدة خمس سنوات قادمة.

وبالإمكان مضاعفة أعداد السياحة الدينية بالسماح للتأشيرات الإلكترونية أو منح تأشيرات الدخول للعمرة من المطار وخفض رسوم العمرة المتكررة، ولن أكون متشائما لو أن إصلاحات سريعة أو مؤقتة أصدرت في هذا المجال.

* كاتب اقتصادي سعودي