«النفاق الحركي».. ليبراليون للخارج متزمتون للداخل!
«عكاظ» تنقّب في خطاب الصحوة المتناقض (1-2)
الاثنين / 10 / ربيع الثاني / 1440 هـ الاثنين 17 ديسمبر 2018 01:30
«عكاظ» Okaz_Online@، عبدالله الداني (جدة) aaaldani@
يبدو أن الحركيين ومنظّري الإسلام السياسي في الخليج يفوقون في المراوغة كل التيارات التي تعاقبت على المجتمع الخليجي، بما فيها التيارات اليسارية العلمانية، إذ أكسبته سطوتهم طيلة العقود الماضية على المناخ العام تجربة فريدة في «الخداع» وقدرة لافتة في المراوغة. خارجياً، يحاولون تقديم أنفسهم كـ«ليبراليين» مؤمنين بحرية الفرد والتعددية، حتى إن اضطروا إلى نسف ثوابتهم. وداخلياً، يستمدون قوتهم من التحريض على التشدد ونشر خطاب الكراهية والتمسح بـ«السلفية»، التي يتقاطعون معها، لتوسيع قاعدة شرعيتهم في الداخل، ما يعتبره وكيل وزارة الشؤون الإسلامية المساعد للدعوة والإرشاد الشيخ عواد سبتي العنزي خطوة مرحلية لدى «الحركيين».
وأكد العنزي لـ«عكاظ» أن مراوغة «الحركيين» تفرضها المرحلة التي يعيشونها، لذلك يقدمون أنفسهم وفق مصالحهم الحزبية فقط، مضيفاً «هم يجيدون توظيف الأحداث بما يخدم مصالحهم الحزبية، لذلك لا تعجب من تركهم المسلمات والخوض في الشذوذات، والتلون في الأحكام دون حياء، ثم يغلّفون ذلك بعبارات فضفاضة، ثم المصلحة والتجديد في الخطاب ومواكبة التغير العصري ونحو ذلك».
ويؤكد أستاذ الدراسات العليا بجامعة أم القرى الدكتور حاتم الشريف أن التشدد سمة عامة للتنظيمات الحركية «حتى إن أظهر بعضهم الاعتدال والانفتاح».
ويذهب الشريف، في حديثه إلى «عكاظ»، إلى أن حرص «الحركيين» على الجماهيرية يجعلهم يسايرون الجماهير، مضيفاً «فإن كانوا يعيشون في مجتمع محافظ سايروه على محافظته، وإن وُجدوا في مجتمع منفتح سايروه على انفتاحه».
ولم تكن محاولة تسويق أن مساعد الأمين لاتحاد القرضاوي الإخواني المسمى بـ«الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» الخاضع للمحاكمة، عبر شاشة قناة الجزيرة الإنجليزية التي تعاني من ازدواجية الخطاب أيضاً والمستهدفة للمشاهد الغربي، تحول من المحافظة إلى الانفتاح المنادي بالتعددية وحقوق المثليين الجنسيين، خارج إطار «التلون».
وحملت الصحف الغربية تصريحات بدت صادمة للداخل السعودي من حركيين، سرعان ما نفوها بعد عودتهم وإثارة الجدل حولها، كتصريح أحدهم لصحيفة سويدية بأن المثلية الجنسية «لا تخرج من الإسلام، وأنها لا تستلزم عقوبة في الدنيا»، وتناولها بطرح وصفه مراقبون غربيون بـ«المختلف والجريء». والتفّ على ردة الفعل الغاضبة من تصريحه بتأكيده أن المثلية جنسية محرمة، وأنه لم يقل بغير حرمتها، فيما تجاهل جوهر تصريحاته المثيرة الكامنة في أنه «لا تستلزم عقوبات على الشواذ في الدنيا».
وفي اللقاء ذاته مع الصحيفة السويدية، رفض القول بإنكار محرقة اليهود على يد النازيين الألمان (هولوكوست)، متناسياً أنه قد سبق أن وصفها في لقاء تلفزيوني قبل أعوام قليلة بأنها مبالغة حولتها المؤسسة الصهيونية إلى خدعة ولعبة سياسية، منتقداً تقديسها ومعاقبة منكريها.
وبينما كان لا يفوّت أي محفل للتنديد بما ينعته «محاولات التغريب» لتطبيع الاختلاط بين الجنسين في المملكة، أطل عند تسلمه جائزة في إسبانيا تعج بـ«الاختلاط» لتضعه في موقف محرج، ليعاود التبرير بأن «التغريبيين» يقفون وراء نشر صور تسلّمه الجائزة بجانب المرأة الأجنبية!
وفي ذات «الولع بمناهضة الاختلاط»، ظهر دعاة مسكونون طيلة عقود عدة بـ«فوبيا الاختلاط المحرم»، في محاضرات خارج البلاد «مختلطة»، ليبرروا لاحقاً أمام الرأي العام بأن طبيعة المجتمعات هي الفاصل في المسألة، ولمحوا إلى أن ما هو محرم على السعوديين قد يكون مباحاً لغيرهم!
وحاول حركيون التسويق لأنفسهم عبر نافذة «تحديث التراث» إلى المنظمات والمراكز البحثية الدولية بعد أحداث 11 سبتمبر، التي هزت منهاتن، وامتدت انعكاساتها إلى العالم، في وقت كانوا لا يزالون يكسبون بخطاب الإقصاء و«تقديس التراث»، فمع تسويقهم تجديد التراث الإسلامي وتحديث الخطاب الديني إلى الخارج، أصدروا بعدها خطابا موقعا من 21 نجماً من نجوم الحركيين يدعون إلى «الجهاد ضد القوات الأمريكية» في العراق، وبدا أن الجمهور الداخلي السعودي هو المستهدف من نشره، كون المقاومة العراقية بما فيها الفصائل المتطرفة لن تنتظر حينها توجيها من 21 داعية سعوديا ليحثوهم على القوات الأمريكية!.
ومع اندلاع الثورات العربية، حاول الحركيون الخليجيون تقديم خطاب أكثر انفتاحاً -يتناقض إلى حد كبير مع ما كانوا يرونه ثابتاً- ليطمئنوا القوى الغربية ويزيلوا التصورات الغربية المريبة من تحركاتهم، في وقت كانوا يستثمرون الهجوم على الخطوات الانفتاحية في سوق العمل السعودي لكسب جماهيرية في الداخل.
ويرفض العارفون بمنهجية الحركيين وصف مراوغاتهم بـ«البراغماتية» كما يرفضون وصفها بـ«الشيزوفرينيا» كون الحركيين يمارسون الخديعة والخطاب المزدوج عن وعي. خطاب رغبوي مطّاط ويعزو الداعية الشيخ سليمان الطريفي مشكلة الخطاب «الصحوي» ورموز «الحركيين» إلى حركتهم، مضيفاً «خطابهم يعاني من إشكالات عدة، أهمها أنهم لم يستوعبوا المستجدات في العالم وتطور العقل البشري والعلاقات البشرية». ويضيف الطريفي «لم يقرأوا النص قراءة مقاصدية، ولذلك يقعون في إشكالات كبرى، فهم من جهة يريدون الالتزام بظواهر النصوص وما تدل عليه المذاهب المعتبرة لدى المسلمين، وهم من جهة أخرى يريدون إقناع العالم بعالمية الإسلام والدعوة وخطابهم، لذلك يقعون في هذا التناقض جراء إشكال كبير، إضافة إلى اشكالهم الحركي». ويشير إلى ميل الحركيين الدائم إلى المواقف المطاطة ذات النفع المؤقت الذي يعود على حركاتهم، أكثر من كونهم أصحاب مبدأ ثابت لا يتغير، خصوصا في الثوابت والمحرمات. ويزيد: يريدون كسب رأي سياسي ويظنون أن الخطاب لن يتابعه أحد من الداخل أو يكتشفه «هذا الأمر أدى بهم إلى هذا التناقض». ويشدد الطريفي على أن الآخر «سواء الغرب أو أهل الديانات الأخرى يحترمونك أكثر حينما تلتزم بمبادئك وثوابتك، وتقنع الآخرين أن هذه المبادئ والثوابت التي لا تضر أحدا من صميم عقيدتك ودينك، وهنا يحترمونك أكثر من كون خطابك رغبويا أو له مصالح يتمطط الخطاب وفقا لها». ويعاود الطريفي التأكيد على أن الإشكالية تكمن في الخطاب الحركي الذي لم ينتبه إلى أن العالم أصبح قرية مفتوحة، وسهولة التواصل. يحاربون العلمانية ويطبقونها ولا يغفل أستاذ الدراسات العليا بجامعة أم القرى الدكتور حاتم الشريف ما أسماه «الخلل الكبير» عند الحركيين، إذ إنهم يصرحون في الداخل أن فصل الدين عن السياسة علمانية تخالف الدين، ويحاربون الدول باسم الدين، ويستقطبون الجماهير في الانتخابات باسم الدين، ويجمعون الأصوات الاستفتائية على أي قضية باسم الدين، ولو كانت مسألة مصلحية ليس لها حكم ثابت في الشريعة.
ويضيف «لمّا وصلوا لسدة الحكم في بعض البلدان رفضوا استغلال الدين ضدهم، وصاروا يقررون عدم إدخال الدين في السياسة»، لافتاً إلى أن الحركيين يترخصون في ما يشددون فيه على الناس، ويستمتعون بما يمنعونه عنهم من متع الحياة ورخص الشريعة!.
وفي محاولة لتفسير تناقضات الخطاب الصحوي «الحركي»، يرى الشريف أن هناك عددا من الأسباب قد تجتمع أو تتفرق لحصول ما أسماه «الفصام» لدى التنظيمات الحركية. وكيل «الشؤون الإسلامية» للدعوة لـ«عكاظ»: أسرى الحزبية ويعزو وكيل وزارة الشؤون الإسلامية المساعد للدعوة والإرشاد الشيخ عواد سبتي العنزي تلون الحركيين في الخارج إلى أنه مبني على توجيه القيادات الحزبية التي تعيش في الخارج، لافتاً إلى أن الأتباع في الداخل يتأثرون بذلك، ويرددون ما يقول قادتهم الذين يعلنون السياسة والعمل الحزبي السياسي منطلقا لهم. ويستشهد العنزي بتكفير القيادات الحزبية في الخارج، السعودية، بمسائل الحاكمية، ويفترون على المملكة في عدم تحكيم الشريعة، على الرغم من أن الواقع يعريهم. ويضيف «لما وصل قادتهم إلى البرلمانات أو الحكومات أغفلوا الكلام عن الحاكمية، ومنعوا الحديث عنها خدمة لأحزابهم». ويفسر تناقض خطاب الحركيين بين الداخل والخارج بعدم تعظيمهم الشرع والعمل به، وتقديم السياسة عليه. ويؤكد أستاذ الدراسات العليا بجامعة الملك عبدالعزيز الخبير بمجمع الفقه الدولي الدكتور حسن سفر أن الحركيين «لهم نصيب من أسمائهم»، موضحاً أنهم «متقلبون ولا يمكن أن يكونوا على وتيرة واحدة، لأن لهم أجندات معينة ولا يستقرون على مبدأ واحد». ويضيف «لذلك يتلونون في الداخل والخارج حتى يكسبوا الرأي العام»، لافتاً إلى أن الحركيين يفصلون بين الخطاب المتشدد في الداخل والخارج لأنهم يظنون أن خطابهم في الداخل يلقى أتباعا كثرا، والعكس في خطابهم إلى الخارج. غداً..
ماذا قال أمين لجنة برامج الدعوة عن «المتأسلفون الجدد»؟
وأكد العنزي لـ«عكاظ» أن مراوغة «الحركيين» تفرضها المرحلة التي يعيشونها، لذلك يقدمون أنفسهم وفق مصالحهم الحزبية فقط، مضيفاً «هم يجيدون توظيف الأحداث بما يخدم مصالحهم الحزبية، لذلك لا تعجب من تركهم المسلمات والخوض في الشذوذات، والتلون في الأحكام دون حياء، ثم يغلّفون ذلك بعبارات فضفاضة، ثم المصلحة والتجديد في الخطاب ومواكبة التغير العصري ونحو ذلك».
ويؤكد أستاذ الدراسات العليا بجامعة أم القرى الدكتور حاتم الشريف أن التشدد سمة عامة للتنظيمات الحركية «حتى إن أظهر بعضهم الاعتدال والانفتاح».
ويذهب الشريف، في حديثه إلى «عكاظ»، إلى أن حرص «الحركيين» على الجماهيرية يجعلهم يسايرون الجماهير، مضيفاً «فإن كانوا يعيشون في مجتمع محافظ سايروه على محافظته، وإن وُجدوا في مجتمع منفتح سايروه على انفتاحه».
ولم تكن محاولة تسويق أن مساعد الأمين لاتحاد القرضاوي الإخواني المسمى بـ«الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» الخاضع للمحاكمة، عبر شاشة قناة الجزيرة الإنجليزية التي تعاني من ازدواجية الخطاب أيضاً والمستهدفة للمشاهد الغربي، تحول من المحافظة إلى الانفتاح المنادي بالتعددية وحقوق المثليين الجنسيين، خارج إطار «التلون».
وحملت الصحف الغربية تصريحات بدت صادمة للداخل السعودي من حركيين، سرعان ما نفوها بعد عودتهم وإثارة الجدل حولها، كتصريح أحدهم لصحيفة سويدية بأن المثلية الجنسية «لا تخرج من الإسلام، وأنها لا تستلزم عقوبة في الدنيا»، وتناولها بطرح وصفه مراقبون غربيون بـ«المختلف والجريء». والتفّ على ردة الفعل الغاضبة من تصريحه بتأكيده أن المثلية جنسية محرمة، وأنه لم يقل بغير حرمتها، فيما تجاهل جوهر تصريحاته المثيرة الكامنة في أنه «لا تستلزم عقوبات على الشواذ في الدنيا».
وفي اللقاء ذاته مع الصحيفة السويدية، رفض القول بإنكار محرقة اليهود على يد النازيين الألمان (هولوكوست)، متناسياً أنه قد سبق أن وصفها في لقاء تلفزيوني قبل أعوام قليلة بأنها مبالغة حولتها المؤسسة الصهيونية إلى خدعة ولعبة سياسية، منتقداً تقديسها ومعاقبة منكريها.
وبينما كان لا يفوّت أي محفل للتنديد بما ينعته «محاولات التغريب» لتطبيع الاختلاط بين الجنسين في المملكة، أطل عند تسلمه جائزة في إسبانيا تعج بـ«الاختلاط» لتضعه في موقف محرج، ليعاود التبرير بأن «التغريبيين» يقفون وراء نشر صور تسلّمه الجائزة بجانب المرأة الأجنبية!
وفي ذات «الولع بمناهضة الاختلاط»، ظهر دعاة مسكونون طيلة عقود عدة بـ«فوبيا الاختلاط المحرم»، في محاضرات خارج البلاد «مختلطة»، ليبرروا لاحقاً أمام الرأي العام بأن طبيعة المجتمعات هي الفاصل في المسألة، ولمحوا إلى أن ما هو محرم على السعوديين قد يكون مباحاً لغيرهم!
وحاول حركيون التسويق لأنفسهم عبر نافذة «تحديث التراث» إلى المنظمات والمراكز البحثية الدولية بعد أحداث 11 سبتمبر، التي هزت منهاتن، وامتدت انعكاساتها إلى العالم، في وقت كانوا لا يزالون يكسبون بخطاب الإقصاء و«تقديس التراث»، فمع تسويقهم تجديد التراث الإسلامي وتحديث الخطاب الديني إلى الخارج، أصدروا بعدها خطابا موقعا من 21 نجماً من نجوم الحركيين يدعون إلى «الجهاد ضد القوات الأمريكية» في العراق، وبدا أن الجمهور الداخلي السعودي هو المستهدف من نشره، كون المقاومة العراقية بما فيها الفصائل المتطرفة لن تنتظر حينها توجيها من 21 داعية سعوديا ليحثوهم على القوات الأمريكية!.
ومع اندلاع الثورات العربية، حاول الحركيون الخليجيون تقديم خطاب أكثر انفتاحاً -يتناقض إلى حد كبير مع ما كانوا يرونه ثابتاً- ليطمئنوا القوى الغربية ويزيلوا التصورات الغربية المريبة من تحركاتهم، في وقت كانوا يستثمرون الهجوم على الخطوات الانفتاحية في سوق العمل السعودي لكسب جماهيرية في الداخل.
ويرفض العارفون بمنهجية الحركيين وصف مراوغاتهم بـ«البراغماتية» كما يرفضون وصفها بـ«الشيزوفرينيا» كون الحركيين يمارسون الخديعة والخطاب المزدوج عن وعي. خطاب رغبوي مطّاط ويعزو الداعية الشيخ سليمان الطريفي مشكلة الخطاب «الصحوي» ورموز «الحركيين» إلى حركتهم، مضيفاً «خطابهم يعاني من إشكالات عدة، أهمها أنهم لم يستوعبوا المستجدات في العالم وتطور العقل البشري والعلاقات البشرية». ويضيف الطريفي «لم يقرأوا النص قراءة مقاصدية، ولذلك يقعون في إشكالات كبرى، فهم من جهة يريدون الالتزام بظواهر النصوص وما تدل عليه المذاهب المعتبرة لدى المسلمين، وهم من جهة أخرى يريدون إقناع العالم بعالمية الإسلام والدعوة وخطابهم، لذلك يقعون في هذا التناقض جراء إشكال كبير، إضافة إلى اشكالهم الحركي». ويشير إلى ميل الحركيين الدائم إلى المواقف المطاطة ذات النفع المؤقت الذي يعود على حركاتهم، أكثر من كونهم أصحاب مبدأ ثابت لا يتغير، خصوصا في الثوابت والمحرمات. ويزيد: يريدون كسب رأي سياسي ويظنون أن الخطاب لن يتابعه أحد من الداخل أو يكتشفه «هذا الأمر أدى بهم إلى هذا التناقض». ويشدد الطريفي على أن الآخر «سواء الغرب أو أهل الديانات الأخرى يحترمونك أكثر حينما تلتزم بمبادئك وثوابتك، وتقنع الآخرين أن هذه المبادئ والثوابت التي لا تضر أحدا من صميم عقيدتك ودينك، وهنا يحترمونك أكثر من كون خطابك رغبويا أو له مصالح يتمطط الخطاب وفقا لها». ويعاود الطريفي التأكيد على أن الإشكالية تكمن في الخطاب الحركي الذي لم ينتبه إلى أن العالم أصبح قرية مفتوحة، وسهولة التواصل. يحاربون العلمانية ويطبقونها ولا يغفل أستاذ الدراسات العليا بجامعة أم القرى الدكتور حاتم الشريف ما أسماه «الخلل الكبير» عند الحركيين، إذ إنهم يصرحون في الداخل أن فصل الدين عن السياسة علمانية تخالف الدين، ويحاربون الدول باسم الدين، ويستقطبون الجماهير في الانتخابات باسم الدين، ويجمعون الأصوات الاستفتائية على أي قضية باسم الدين، ولو كانت مسألة مصلحية ليس لها حكم ثابت في الشريعة.
ويضيف «لمّا وصلوا لسدة الحكم في بعض البلدان رفضوا استغلال الدين ضدهم، وصاروا يقررون عدم إدخال الدين في السياسة»، لافتاً إلى أن الحركيين يترخصون في ما يشددون فيه على الناس، ويستمتعون بما يمنعونه عنهم من متع الحياة ورخص الشريعة!.
وفي محاولة لتفسير تناقضات الخطاب الصحوي «الحركي»، يرى الشريف أن هناك عددا من الأسباب قد تجتمع أو تتفرق لحصول ما أسماه «الفصام» لدى التنظيمات الحركية. وكيل «الشؤون الإسلامية» للدعوة لـ«عكاظ»: أسرى الحزبية ويعزو وكيل وزارة الشؤون الإسلامية المساعد للدعوة والإرشاد الشيخ عواد سبتي العنزي تلون الحركيين في الخارج إلى أنه مبني على توجيه القيادات الحزبية التي تعيش في الخارج، لافتاً إلى أن الأتباع في الداخل يتأثرون بذلك، ويرددون ما يقول قادتهم الذين يعلنون السياسة والعمل الحزبي السياسي منطلقا لهم. ويستشهد العنزي بتكفير القيادات الحزبية في الخارج، السعودية، بمسائل الحاكمية، ويفترون على المملكة في عدم تحكيم الشريعة، على الرغم من أن الواقع يعريهم. ويضيف «لما وصل قادتهم إلى البرلمانات أو الحكومات أغفلوا الكلام عن الحاكمية، ومنعوا الحديث عنها خدمة لأحزابهم». ويفسر تناقض خطاب الحركيين بين الداخل والخارج بعدم تعظيمهم الشرع والعمل به، وتقديم السياسة عليه. ويؤكد أستاذ الدراسات العليا بجامعة الملك عبدالعزيز الخبير بمجمع الفقه الدولي الدكتور حسن سفر أن الحركيين «لهم نصيب من أسمائهم»، موضحاً أنهم «متقلبون ولا يمكن أن يكونوا على وتيرة واحدة، لأن لهم أجندات معينة ولا يستقرون على مبدأ واحد». ويضيف «لذلك يتلونون في الداخل والخارج حتى يكسبوا الرأي العام»، لافتاً إلى أن الحركيين يفصلون بين الخطاب المتشدد في الداخل والخارج لأنهم يظنون أن خطابهم في الداخل يلقى أتباعا كثرا، والعكس في خطابهم إلى الخارج. غداً..
ماذا قال أمين لجنة برامج الدعوة عن «المتأسلفون الجدد»؟