كيف أقدر أساعدك؟
الخميس / 20 / ربيع الثاني / 1440 هـ الخميس 27 ديسمبر 2018 02:09
أريج الجهني
ببساطة، إذا وجدت نفسك في محل خدمة أو أمام مشكلة مع طرف آخر اطرح هذا السؤال «كيف أقدر أساعدك؟ كيف ممكن أخدمك؟، كيف ممكن أجعلك تشعر أفضل؟ كيف ممكن أخفف عنك؟، هل ما قمت به أزعجك؟ هل يمكنني أن أصلح الأمر؟، هل أستطيع أن أبدأ من جديد؟»، أعتقد أن ترديدك فقط لهذه الأسئلة يجعلك تشعر بالتحسن أليس كذلك؟ فما بالك إن أصبحت هذه الأسئلة جزءا من مخزونك اللغوي المعتاد؟ وكيف تاهت هذه العبارات اللطيفة المهذبة من خريطة ألسنتنا أمام الجحود والتكبر مثل «لا علاقة لي بهذا، لا شأن لك بهذا وهيهات هيهات»، والسخط المضمر في «الأمور على ما يرام»، هكذا غابت عنا المشاعر الإنسانية المهذبة والرقيقة أمام خطابات الكراهية والتعصب.
السنوات العشر الأخيرة شهدت موجة من الخطابات التي تصور للفرد بأنه غير محتاج للآخرين، وهذا زعم عارٍ عن الصحة، فالإنسان كائن اجتماعي، وسواء أحببت أم لم تحب محيطك أنت ملزم بالقانون أن تحترم الآخرين وتتعامل برقي، في الجهات التي تهتم بتوظيف شخصيات متزنة عادة ما يتم إثارة هذا النوع من الأسئلة، فالقائد الواقعي سيهتم بمعرفة أخلاقيات الموظف سواء مع زملائه أو العملاء، العميل بالذات لن ينسى تجربته السلبية مع أي منظمة أو جهة لم يتلق فيها المساعدة الكافية، فتخيل أن تذهب إلى بنك تضع فيه أموالك ولا تتم خدمتك بالشكل اللائق، وتخيل أن تذهب لتسترخي في مقهاك المفضل فتنسكب قهوتك من يد المقدم دون أن يحضر لك أخرى!
أتفهم مشاعر الخوف من الرفض والأحكام المسبقة، لكن لماذا لا نعيد النظر في مفهوم المساعدة؟ ومفهوم التقدير أليس من الجيد أن نتعامل مع حاجتنا للآخرين بطريقة أكثر عقلانية وبساطة؟، أيضا في علاقاتنا مع الدائرة المحيطة أليس من الجيد أن نجعل الخلافات الأسرية تحل بهذا المنطق؟، «كيف ممكن أعدل خطأي؟ كيف أجعلك تشعر بأنك مهم بالنسبة لي؟»، لماذا نخجل من أن نرسم ملامح علاقاتنا ولكننا لا نخجل من أن نظلم بعضنا البعض! وأن تصل المشكلات لدرجة القطيعة! مفهوم «صلة الرحم» تكلس أمام التغيرات المجتمعية، أليس من الجيد أن نتفق أن نجعل صلة الرحم في كل ما هو جميل وبناء وألّا نجعل هذه الصلة إلا بالخير وللخير؟، فبدلا أن يعاتب الأخ أخاه لعدم توافقهما ليدعوه فقط لقهوة ويخبره بأنه مهما اختلفا ستبقى مكانته عزيزة؟
ماذا لو وظف العشاق أيضا هذا السؤال بينهم «كيف أجعل هذا الخلاف لا يؤثر بيننا، كيف أتجنب أن أجرح مشاعرك؟، هل أستطيع أن أكون الشخص الأفضل لك؟»، لكن الذي يحدث أنهم يندفعون عادة خلف مشاعرهم متلبسين أردية الرغبات وحجبت عقولهم خلف ستائر الغيرة وأوشحة الشكوك، تماما وهذا الذي يحدث في البيوت، إنه الانعكاس البسيط لغياب فكرة: التحسين المستمر «والذي أهم أدواته طرح الأسئلة! نعم لا تخجل كن واضحا في رسالتك، مباشرا فيما تريد، إذا أردت أن تنجح علاقتك مع من حولك».
والآن في نهاية ٢٠١٨ أسأل نفسك كيف يمكن أن أساعد نفسي لتصبح أفضل نسخة مني؟، كيف يمكن أن يصفني أصدقائي في حياتهم، كيف يمكن أن أجعل الآخرين يشعرون بقيمة ما أقدمه لهم؟ دون أن أظلمهم أو أظلم نفسي؟ وكيف أستطيع أن أشعر بأنني إنسان جيد مع ذاتي ومع من حولي، قد تجد نفسك في بداية العام أمام أجندة زمنية طويلة وبرامج حافلة، لكن لن تستطيع أن تستشعر لذتها دون أن تستشعر ذاتك وتسعى لأن تكون في حالة تنافس مستمر مع نفسك.
كلمة أخيرة: مهما كان محيطك سيئاً كن صديقاً جيداً، وعامكم سعيد.
* كاتبة سعودية
areejaljahani@gmail.com
السنوات العشر الأخيرة شهدت موجة من الخطابات التي تصور للفرد بأنه غير محتاج للآخرين، وهذا زعم عارٍ عن الصحة، فالإنسان كائن اجتماعي، وسواء أحببت أم لم تحب محيطك أنت ملزم بالقانون أن تحترم الآخرين وتتعامل برقي، في الجهات التي تهتم بتوظيف شخصيات متزنة عادة ما يتم إثارة هذا النوع من الأسئلة، فالقائد الواقعي سيهتم بمعرفة أخلاقيات الموظف سواء مع زملائه أو العملاء، العميل بالذات لن ينسى تجربته السلبية مع أي منظمة أو جهة لم يتلق فيها المساعدة الكافية، فتخيل أن تذهب إلى بنك تضع فيه أموالك ولا تتم خدمتك بالشكل اللائق، وتخيل أن تذهب لتسترخي في مقهاك المفضل فتنسكب قهوتك من يد المقدم دون أن يحضر لك أخرى!
أتفهم مشاعر الخوف من الرفض والأحكام المسبقة، لكن لماذا لا نعيد النظر في مفهوم المساعدة؟ ومفهوم التقدير أليس من الجيد أن نتعامل مع حاجتنا للآخرين بطريقة أكثر عقلانية وبساطة؟، أيضا في علاقاتنا مع الدائرة المحيطة أليس من الجيد أن نجعل الخلافات الأسرية تحل بهذا المنطق؟، «كيف ممكن أعدل خطأي؟ كيف أجعلك تشعر بأنك مهم بالنسبة لي؟»، لماذا نخجل من أن نرسم ملامح علاقاتنا ولكننا لا نخجل من أن نظلم بعضنا البعض! وأن تصل المشكلات لدرجة القطيعة! مفهوم «صلة الرحم» تكلس أمام التغيرات المجتمعية، أليس من الجيد أن نتفق أن نجعل صلة الرحم في كل ما هو جميل وبناء وألّا نجعل هذه الصلة إلا بالخير وللخير؟، فبدلا أن يعاتب الأخ أخاه لعدم توافقهما ليدعوه فقط لقهوة ويخبره بأنه مهما اختلفا ستبقى مكانته عزيزة؟
ماذا لو وظف العشاق أيضا هذا السؤال بينهم «كيف أجعل هذا الخلاف لا يؤثر بيننا، كيف أتجنب أن أجرح مشاعرك؟، هل أستطيع أن أكون الشخص الأفضل لك؟»، لكن الذي يحدث أنهم يندفعون عادة خلف مشاعرهم متلبسين أردية الرغبات وحجبت عقولهم خلف ستائر الغيرة وأوشحة الشكوك، تماما وهذا الذي يحدث في البيوت، إنه الانعكاس البسيط لغياب فكرة: التحسين المستمر «والذي أهم أدواته طرح الأسئلة! نعم لا تخجل كن واضحا في رسالتك، مباشرا فيما تريد، إذا أردت أن تنجح علاقتك مع من حولك».
والآن في نهاية ٢٠١٨ أسأل نفسك كيف يمكن أن أساعد نفسي لتصبح أفضل نسخة مني؟، كيف يمكن أن يصفني أصدقائي في حياتهم، كيف يمكن أن أجعل الآخرين يشعرون بقيمة ما أقدمه لهم؟ دون أن أظلمهم أو أظلم نفسي؟ وكيف أستطيع أن أشعر بأنني إنسان جيد مع ذاتي ومع من حولي، قد تجد نفسك في بداية العام أمام أجندة زمنية طويلة وبرامج حافلة، لكن لن تستطيع أن تستشعر لذتها دون أن تستشعر ذاتك وتسعى لأن تكون في حالة تنافس مستمر مع نفسك.
كلمة أخيرة: مهما كان محيطك سيئاً كن صديقاً جيداً، وعامكم سعيد.
* كاتبة سعودية
areejaljahani@gmail.com