فرق مفاوضات شعبية على الأرض
الجمعة / 28 / ربيع الثاني / 1440 هـ الجمعة 04 يناير 2019 01:44
بشرى فيصل السباعي
تصور الوضع التالي؛ مصاب بإصابات خطيرة والأطباء شقوا عن صدره وأحشائه ودماغه ومشارطهم ومقصاتهم وأيديهم في داخل جوفه، ودماؤه تتفجر من كل مكان، لكن وهم بهذا الحال حصل خلاف بين الأطباء على كيفية إجراء العملية وإتمامها فتركوا المريض بهذا الحال وذهبوا لأفخم فندق وطلبوا أفضل الوجبات والمشروبات ليناقشوا أثناءها كيفية إجراء العملية.
واستمروا بالنقاشات في أجمل الفنادق مع ألذ الوجبات ليس لأيام إنما لأشهر وسنوات، فلا عجب أن المصاب ستتدهور حالته للأسوأ ولا يبقى فيه ما يمكن إنقاذه، هذا هو تماماً مثال مفاوضات عمليات السلام التي تجري في عصرنا الحالي لإيقاف الحروب والصراعات، حيث تستمر المفاوضات لأشهر وسنوات وحتى عقود بدون التوصل لاتفاق يوقف النزف والموت البطيء للشعوب، وذلك لغلبة غرور الأنا، وحتى عندما يتم التوصل لاتفاق وقبل أن يجف حبر التوقيعات عليه يخرق على الأرض، والسبب؛ أن المتفاوضين معزولون تماماً عن واقع ضغوط الوضع على الأرض وبالنسبة لهم فترات مفاوضات عملية السلام هي أفضل خبرات حياتهم حيث ينزلون بالمجان في أفخم الفنادق بأجمل المدن العالمية ويأكلون أفضل الطعام ويحظون بأضواء الإعلام العالمي، لكن لو كان المتفاوضون هم الناس المطحونون على الأرض لكانت عملية السلام نجحت وانتهت وتوقفت الحروب خلال أيام بل ساعات، وهذا ليس خيالاً إنما تجارب واقعية أشرف عليها أساتذة جامعات غربية مع فرق من طلابهم بالدراسات العليا التي تعنى بالصراعات والسلام، ذهبوا إلى أماكن الصراعات والحروب المزمنة وقاموا بتكوين فرق مفاوضات شعبية وأقاموا ورشات عمل لتعليمهم على الأرض مهارات حل معضلاتهم بشكل سلمي مدني وترسيخ جهود المصالحة، فسبب الصراعات هو ذاته سبب العنف الأسري والاجتماعي وهو؛ الافتقار للمهارات اللازمة لضبط النزعات العنيفة الأنانية اللاواعية ليتم بدلاً عنها توظيف مهارات واعية مسالمة للتفاهم مع الأطراف الأخرى والتوصل لحلول توافقية ترضي الجميع، والحكومة الأمريكية لديها برنامج رسمي تطوعي يسمى «Peace Corps-كتائب السلام» يقوم بهذا الدور، ويكسب الطلاب خبرة واقعية تؤهلهم لمناصب تتطلب مثل تلك الخبرة الواقعية، وأرى أنه لإطفاء حرائق الحروب والإرهاب في العالم العربي والإسلامي يجب تكوين فرق مفاوضات شعبية على طراز «كتائب السلام» متضمنة فقهاء وخبراء يساهمون على الأرض بإنجاح المفاوضات والتفاهمات والاتفاقات الشعبية بين التجمعات البشرية المتنازعة وعندها سيشكل الناس على الأرض ضغطاً على زعامات طوائفهم وجماعاتهم الذين كل همهم التفاوض على مكاسبهم الأنانية من الحروب والإرهاب ومكاسب القوى الخارجية التي تدعمهم وتتحكم بقرارهم في المفاوضات.
* كاتبة سعودية
bushra.sbe@gmail.com
واستمروا بالنقاشات في أجمل الفنادق مع ألذ الوجبات ليس لأيام إنما لأشهر وسنوات، فلا عجب أن المصاب ستتدهور حالته للأسوأ ولا يبقى فيه ما يمكن إنقاذه، هذا هو تماماً مثال مفاوضات عمليات السلام التي تجري في عصرنا الحالي لإيقاف الحروب والصراعات، حيث تستمر المفاوضات لأشهر وسنوات وحتى عقود بدون التوصل لاتفاق يوقف النزف والموت البطيء للشعوب، وذلك لغلبة غرور الأنا، وحتى عندما يتم التوصل لاتفاق وقبل أن يجف حبر التوقيعات عليه يخرق على الأرض، والسبب؛ أن المتفاوضين معزولون تماماً عن واقع ضغوط الوضع على الأرض وبالنسبة لهم فترات مفاوضات عملية السلام هي أفضل خبرات حياتهم حيث ينزلون بالمجان في أفخم الفنادق بأجمل المدن العالمية ويأكلون أفضل الطعام ويحظون بأضواء الإعلام العالمي، لكن لو كان المتفاوضون هم الناس المطحونون على الأرض لكانت عملية السلام نجحت وانتهت وتوقفت الحروب خلال أيام بل ساعات، وهذا ليس خيالاً إنما تجارب واقعية أشرف عليها أساتذة جامعات غربية مع فرق من طلابهم بالدراسات العليا التي تعنى بالصراعات والسلام، ذهبوا إلى أماكن الصراعات والحروب المزمنة وقاموا بتكوين فرق مفاوضات شعبية وأقاموا ورشات عمل لتعليمهم على الأرض مهارات حل معضلاتهم بشكل سلمي مدني وترسيخ جهود المصالحة، فسبب الصراعات هو ذاته سبب العنف الأسري والاجتماعي وهو؛ الافتقار للمهارات اللازمة لضبط النزعات العنيفة الأنانية اللاواعية ليتم بدلاً عنها توظيف مهارات واعية مسالمة للتفاهم مع الأطراف الأخرى والتوصل لحلول توافقية ترضي الجميع، والحكومة الأمريكية لديها برنامج رسمي تطوعي يسمى «Peace Corps-كتائب السلام» يقوم بهذا الدور، ويكسب الطلاب خبرة واقعية تؤهلهم لمناصب تتطلب مثل تلك الخبرة الواقعية، وأرى أنه لإطفاء حرائق الحروب والإرهاب في العالم العربي والإسلامي يجب تكوين فرق مفاوضات شعبية على طراز «كتائب السلام» متضمنة فقهاء وخبراء يساهمون على الأرض بإنجاح المفاوضات والتفاهمات والاتفاقات الشعبية بين التجمعات البشرية المتنازعة وعندها سيشكل الناس على الأرض ضغطاً على زعامات طوائفهم وجماعاتهم الذين كل همهم التفاوض على مكاسبهم الأنانية من الحروب والإرهاب ومكاسب القوى الخارجية التي تدعمهم وتتحكم بقرارهم في المفاوضات.
* كاتبة سعودية
bushra.sbe@gmail.com