كتاب ومقالات

محميات بلا سند رادع

أشواك

عبده خال

الاعتداء على المحميات الطبيعية طريق سهل لمن أراد اختراق أنظمة الحماية للثروات الحيوانية أو النباتية أو البيئية أو ذات الأهمية في إبقاء التوازن الطبيعي في معدلاته المتساوية أو المتقاربة، وعندما أقول إن الطريق سهل للعبث بالمحميات، لوجود مسببات تجعل من المقترف لهذا الاعتداء على المحمية أمرا يسيرا، ولا يتنبه إلى خطورة الإضرار بالمحميات إلا من له علاقة بهذا الأمر.

وهناك الكثير من المواطنين (والوافدين) لم يصلوا إلى الوعي الكامل بأهمية المحمية، ولم يصلوا بعد في تثمين خطورة ما يفعله المنتهك من اعتداء صارخ على ثروة طبيعية، وتبذل جهود جبارة للمحافظة على التنوع والتوازن في هذا الاتجاه.

وبالأمس تم نشر خبر عن تمكين اللجنة المشتركة المكلفة بمراقبة البيئة البحرية بمحافظة جزر فرسان من ضبط معتدين على الشعاب المرجانية بجزيرة فرسان بقصد تدميرها للوصول إلى صيد وفير، ومن تابع تفاصيل الخبر فسوف يجد أن العقوبة يسيرة، إذا قورنت بفعل الاعتداء.

ففي الخبر أن بعض الوافدين استخدموا شباك النايلون المحظورة في الصيد مستهدفين تدمير الشعب المرجانية وصيد الأسماك التي بداخلها، ونصت العقوبة على دفع 5000 ريال ومصادرة شباك النايلون وبيع الأسماك في مزاد، مع تطبيق نظام عدم وجود مرافق سعودي، ومن خلال هذه العقوبة يصبح الوصول إلى تدمير المحميات أمرا يسيرا، فالمعتدي يكون قد مارس اعتداءه وكسب المال الوفير، فماذا يعني دفع مبلغ زهيد أمام مكاسب يجنيها الفاعل في كل اعتداء لم يتم كشفه؟

وماذا تعني مصادرة الأداة التي تم بها الاعتداء أو بيع ما تم اصطياده بالمزاد، أو تطبيق نظام عدم وجود مرافق سعودي، وهل وجود مواطن يخفف العقوبة أو تتضاعف؟

إن هذا الاعتداء (تهشيم الشعب المرجانية) ما هو إلا مثال بسيط لما يحدث في المحميات بجميع أنواعها من تساهل في العقوبة، وإذا عرفنا أن هناك العديد من المحميات كل منها تخص ثروة طبيعية بعينها، سوف نجد هذا التساهل في العقوبة يحرض المخالفين على مواصلة عبثهم تدميرا (مثل الشعب المرجانية)، أو قتلا (للحيوانات)، أو تقطيعا (للأشجار)، أو طمسا (لمواقع التراث الإنساني).

وأعتقد أن من الضرورة معاودة النظر في العقوبة لتكون بالسجن والغرامة المالية ورفع حدودها إلى مراتب متقدمة من العقوبة، فمثل هذا الحزم يكسب المحميات هيبة تمنع من توسوس له نفسه باختراقها.