ثقافة وفن

فريشيه يبدع في «التصنيع المتقارب» ويحصد جائزة الملك فيصل

جان فريشيه

«عكاظ» (جدة) Okaz_online@

فاز البروفيسور جان فريشيه، الذي كان يشغل منصب نائب الرئيس الأعلى للأبحاث والابتكار والتنمية الاقتصادية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، بجائزة الملك فيصل العالمية لعام 2019 في الكيمياء نظير أعماله الرائدة في مجال التصنيع المتقارب للجزيئات المتسلسلة (dendrimers) وتطبيقاتها، والتضخيم الكيميائي للمقاومات الضوئية، والخلايا الضوئية العضوية.

وقدم البروفيسور فريشيه إسهامات علمية كبيرة أصبحت تؤثر في حياة كل شخص يعيش اليوم. ومن بين المجالات الرئيسية التي أسهم بها بفاعلية العلاج الحيوي، والإلكترونيات العضوية، وعلم المواد، والحفز الكيميائي، وكيمياء الأسطح، وعلم الموائع الدقيقة. ويحتل الترتيب العاشر في قائمة أكثر الكيميائيين استشهاداً بأعمالهم في العالم، وساهمت أبحاثه وأعماله الريادية في تطوير مجالات الصناعة والتنمية الاقتصادية في جميع أنحاء العالم.

البروفيسور فريشيه هو في الأساس عالم كيمياء ومهندس كيميائي بالممارسة، اشتهر بتأليفه لأكثر من 900 ورقة بحثية، وبلغ عدد الاستشهادات بأعماله ومنشوراته العلمية أكثر من 119 ألف استشهاد (وهو العاشر بين جميع الكيميائيين في العالم – بحسب تصنيف الباحث العلمي لقوقل Google)، ويحمل أكثر من 200 براءة اختراع. وقد حظي خلال مسيرته العلمية بالتكريم من جهات علمية عدة، وحصل على جوائز عدة، من ضمنها جائزة اليابان المرموقة (2013). وهو مشهور بنهجه المبتكر في الأبحاث، خصوصاً في الجمع بين الأنشطة الأكاديمية وريادة الأعمال في مجال علوم وتقنية النانو.

وخلال مسيرته العلمية والأكاديمية الحافلة، قدم نائب الرئيس الأعلى للأبحاث والابتكار والتنمية في كاوست مساهمات كبيرة في مجالات العلاج الحيوي، والإلكترونيات العضوية، وعلم المواد، والحفز الكيميائي، وكيمياء الأسطح، وعلم الموائع الدقيقة. كما أسس عددا من الشركات الناشئة، وعمل مع شركات رأس المال الاستثماري لتمويل شركات الصحة وتصنيع الأدوية القائمة على العلوم. كما أسس عددا من الشركات في منطقة سان فرانسيسكو الأمريكية التي تعتمد على اكتشافاته للمواد الجديدة والبوليمرات والعلاجات الحيوية.

ومن بين إنجازاته العديدة التي منحته المكانة العلمية المرموقة، عمله المشترك مع البروفيسور غرانت ويلسون لتطوير المضخّم الكيميائي للمقاومات الضوئية من خلال إحداث تفاعل ضوئي كيميائي واحد يتم «تضخيمه» على طول سلسلة البوليمر. وقد مُنح جائزة اليابان في عام 2013 تكريماً لهذا الإنجاز الذي قاد ثورة تصنيع المعالجات الدقيقة ورقائق الذاكرة بأحجام صغيرة جداً لم يسبق لها مثيل التي لا تخلو منها جميع الإلكترونيات الاستهلاكية اليوم.

كما قدم البروفيسور فريشيه منهجية «التقارب» في الكيمياء، التي وصفت بأنها نهج كيميائي عضوي، لتصنيع الجزيئات المتسلسلة (dendrimers). يمكن من خلال هذا النهج إجراء تصنيع كيميائي متكامل لجزيء ضخم مع القدرة على التحكم المطلق في نمو الجزيء وبنيته ووظائفه. وقد استخدمت الجزيئات المتسلسلة هذه في عدد كبير من التطبيقات من مفاعلات الحفز الكيميائي النانوية إلى أنظمة توصيل الدواء داخل الجسم. وفي استمرارية لإنجازاته المؤثرة في هذا المجال، طوّر فريشيه لاحقاً جزيئات ضخمة قادرة على حمل الأدوية تستند على تصميميه للجزيئات المتسلسلة التي يمكنها استهداف أعضاء معينة داخل الجسم قبل إطلاق حمولتها من الأدوية.

وتشمل إنجازاته البحثية البارزة الأخرى تطوير وسائط فصل جديدة، حيث تتدفق الوسائط مباشرة عبر مسام البوليمر الوظيفي بدلاً من الخرزات، ما يسمح بعملية فصل سريع للغاية على مقياس صغير.

ساهم فريشيه بشكل كبير في الدور القيادي الذي تلعبه جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) اليوم كمركز رائد في العلوم والهندسة والبحث والابتكار في المملكة العربية السعودية والعالم، حيث قام خلال فترة عمله في الجامعة بجهود جبارة لموازنة إستراتيجيات الجامعة كي تنافس على الصعيد العالمي، وفي الوقت نفسه تساهم بفاعلية في التنمية الوطنية.

في عام 2010، ترك البروفيسور فريشيه منصبه في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، ليصبح نائب الرئيس للأبحاث في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست). وفي هذا المنصب، أشرف على المختبرات الأساسية ومراكز الأبحاث متعددة التخصصات في الجامعة. كما قام بتيسير إجراء الأبحاث التعاونية في مختلف مجالات العلوم والهندسة وفق أعلى المعايير العلمية. ولعب دوراً أساسياً في تهيئة بيئة مناسبة للتعليم متعدد التخصصات وفي الموازنة ما بين مشاريع الأبحاث التي تركز على موضوع موحد في مراكز الأبحاث وما بين التعمق في قدرات التخصصات الرئيسية للعلوم والهندسة.

في عام 2017، تمت ترقية البروفيسور فريشيه لمنصب نائب الرئيس الأعلى للأبحاث والابتكار والتنمية الاقتصادية في كاوست، حيث عمل على تطوير الإستراتيجيات وبدء البرامج وإدارة الموارد لسد الفجوة بين الأبحاث الأساسية والموجهة لتحقيق أهداف محددة وريادة الأعمال.

ومن خلال قيادته للجهود الهادفة إلى تحقيق التآزر الناشئ عن البنية الفريدة للجامعة، قام فريشيه بوضع الإستراتيجيات التي وضعت كاوست في طليعة الابتكار والتفوق المؤسسي، ومكنتها من مواصلة رسالتها الطموحة الرامية إلى أن تصبح جامعة عالمية مشهورة تركز على التميّز البحثي مع المساهمة في التنمية الاقتصادية للمملكة.

أيضاً كان للبروفيسور فريشيه دور أساسي في ارتفع حصيلة المنشورات البحثية التي أنتجها أعضاء هيئة التدريس في كاوست، حيث ارتفع عدد المنشورات البحثية في عام 2010 من 400 إلى أكثر من 2000 في عام 2016. كما ساهم التزامه الكبير بثقافة التميّز البحثي في استقطاب أفضل الطلبة السعوديين والدوليين وأعضاء هيئة تدريس للدراسة في الجامعة وإجراء الأبحاث فيها. وساهمت غزارة إنتاجه للأبحاث المؤثرة في شحذ همم أعضاء هيئة التدريس في كاوست وإلهامهم لإجراء أبحاث على أعلى المعايير. تقاعد البروفيسور فريشيه من كاوست في أوائل يناير 2019. وقال رئيس الجامعة الدكتور توني تشان في حفل توديعه: «استفادت كاوست بصورة لا يمكن حصرها من القيادة القوية والواضحة والفعالة لجان. لقد كان جان يعمل دون كلل في خدمة الجامعة ولعب دورا حاسما في تحقيق التميّز البحثي فيها».