ماذا تعرف عن إقليم كيبك الكندي؟
الخميس / 11 / جمادى الأولى / 1440 هـ الخميس 17 يناير 2019 02:11
محمد الساعد
مدينة كيبك هي أهم تجمع سكاني وحضري يتحدث اللغة الفرنسية وجزء من المكون السكاني ليس في شرق الدولة الكندية فقط بل وفي القارة الأمريكية كاملة، ويأتي موقعها في المنطقة المأهولة بولاية الكيبك ذات الأغلبية الفرنسية، وتأسست المدينة على أيدي المهاجرين القادمين من فرنسا العام 1608، حتى أنها لقبت بعاصمة فرنسا الجديدة، متجاورين مع المستوطنين الإنجليز الذين سكنوا المقاطعات الأخرى، واختيرت لمدة قصيرة عاصمة لكندا، ولذا لقبت بالعاصمة القديمة.
ومنذ 2001 عدت المدينة الأكثر استقرارا والأكثر ازدهارا بين مثيلاتها، ومعدل البطالة بها هو ثالث أقل نسبة في كندا، وفي 2008 احتفلت كيبك بعيدها الـ 400 لتكون بذلك مهد الحضارة الفرنسية بالقارة الأمريكية.
ما سبق كانت مقدمة لمعرفة الخلفية الثقافية والعرقية والاقتصادية لهذه المدينة والمقاطعة التي تمثلها، ولماذا يسعى سكانها للاستقلال والإعلان عن دولة فرنسية في شمال قارة أمريكا، ولماذا يرفض حكام كندا الاستماع لمطالبهم، فكيبك ناضل أهلها طوال سنوات طويلة لأخذ حقوقهم المسلوبة من العرق «الأنجلوسكسوني» المسيطر على الحكم في كندا الذي يدعي الليبرالية وحقوق الإنسان.
فهل من المقبول لدى دعاة الليبرالية الغربية بشكلها المتطرف الحالي أن يعاني جزء من الشعب الكندي وتسلب حريته وحقوقه لأن الأنجلوساكسون غير مقتنعين بمطالب ذوي الأصول الفرنسية أن يستقلوا في كيان منفصل، أو لأن مصالحهم الاقتصادية مبنية على ثروات كيبك ودورها الكبير في الاقتصاد الكندي، أم أنه يأتي استكمالا للموقف اللاأخلاقي والمعايير المزدوجة التي تنتهجها الدول الغربية في نظرتها لكثير من القضايا وبالأخص الحكومة الكندية.
من هنا، لا يمكن للإنسانية أن تنسى أن الاستعمار الكندي هو من تسبب في معاناة السكان الهنود الأصليين الذين تمت تصفيتهم والقضاء على قضيتهم في عمل ممنهج ودموي استمر لعقود وسلبوا حق الإقامة على أراضيهم التي احتلها المهاجرون عند إنشائهم لمستوطناتهم، ولا تزال قضيتهم إلى اليوم من المسكوت عنها إعلاميا وحكوميا.
دعونا هنا نستعرض رأي رئيس الوزراء الكندي الحالي جاستن ترودو في قضية المقاطعة ورغبة سكانها في الاستقلال لنتعرف طريقة التفكير لدى السياسيين الغربيين الذين يروجون لقيم هم أبعد الناس عنها، مادامت تحقق مصالحهم ويبتعدون عنها ويتجاوزونها ما دامت لا تخدم طريقهم السياسي، فجستن الذي يدعي الحرية والديموقراطية ويدعم هروب الفتيات القاصرات في أقصى الأرض لا ينظر تحت قدميه ويعطي «الكيبكيين» والهنود الأصليين حقوقهم المستلبة، قبل أن يكون منافقا في قضايا غيره.
هذا ليس موقفا جديدا بل هو رأيه الأصيل منذ دخوله عالم السياسة، ففي أكتوبر 2006، انتقد ترودو القومية الكيبكية واصفا إياها بأنها قومية سياسية وفكرة قديمة من القرن التاسع عشر مبنية على صغر الفكر ولا صلة لها بكيبك الحديثة، رأي المرشح للرئاسة وقتها كان لدغدغة مشاعر بقية الكنديين وترجيح كفته الانتخابية، وهذا ما حصل فعلا، فقد كان موقفه الصلب من قضية كيبك هو جواز سفره نحو الفوز في الانتخابات.
فهل الكيبكيون ليسوا بشرا مثلهم مثل القاصرات والهاربات اللاتي يسعى وراءهن السيد ترودوا وإدارته، وهل يحق لنا أن نصف هروب الفتيات بأنه قصور في العقل وفكرة قديمة، مستخدمين نفس الألفاظ والصفات التي يطلقها رئيس وزراء كندا على خصومه.
الغريب أن رئيس الوزراء الكندي هو أحد أهم مناصري المثليين من بين السياسيين الغربيين، ويوصف من قبل تيار الإسلام السياسي بأنه «ملاذهم الآمن»، بينما هو في واقع الأمر ملاذ مطاريد الاخوان والملحدين والشاذين والشاذات.
* كاتب سعودي
ومنذ 2001 عدت المدينة الأكثر استقرارا والأكثر ازدهارا بين مثيلاتها، ومعدل البطالة بها هو ثالث أقل نسبة في كندا، وفي 2008 احتفلت كيبك بعيدها الـ 400 لتكون بذلك مهد الحضارة الفرنسية بالقارة الأمريكية.
ما سبق كانت مقدمة لمعرفة الخلفية الثقافية والعرقية والاقتصادية لهذه المدينة والمقاطعة التي تمثلها، ولماذا يسعى سكانها للاستقلال والإعلان عن دولة فرنسية في شمال قارة أمريكا، ولماذا يرفض حكام كندا الاستماع لمطالبهم، فكيبك ناضل أهلها طوال سنوات طويلة لأخذ حقوقهم المسلوبة من العرق «الأنجلوسكسوني» المسيطر على الحكم في كندا الذي يدعي الليبرالية وحقوق الإنسان.
فهل من المقبول لدى دعاة الليبرالية الغربية بشكلها المتطرف الحالي أن يعاني جزء من الشعب الكندي وتسلب حريته وحقوقه لأن الأنجلوساكسون غير مقتنعين بمطالب ذوي الأصول الفرنسية أن يستقلوا في كيان منفصل، أو لأن مصالحهم الاقتصادية مبنية على ثروات كيبك ودورها الكبير في الاقتصاد الكندي، أم أنه يأتي استكمالا للموقف اللاأخلاقي والمعايير المزدوجة التي تنتهجها الدول الغربية في نظرتها لكثير من القضايا وبالأخص الحكومة الكندية.
من هنا، لا يمكن للإنسانية أن تنسى أن الاستعمار الكندي هو من تسبب في معاناة السكان الهنود الأصليين الذين تمت تصفيتهم والقضاء على قضيتهم في عمل ممنهج ودموي استمر لعقود وسلبوا حق الإقامة على أراضيهم التي احتلها المهاجرون عند إنشائهم لمستوطناتهم، ولا تزال قضيتهم إلى اليوم من المسكوت عنها إعلاميا وحكوميا.
دعونا هنا نستعرض رأي رئيس الوزراء الكندي الحالي جاستن ترودو في قضية المقاطعة ورغبة سكانها في الاستقلال لنتعرف طريقة التفكير لدى السياسيين الغربيين الذين يروجون لقيم هم أبعد الناس عنها، مادامت تحقق مصالحهم ويبتعدون عنها ويتجاوزونها ما دامت لا تخدم طريقهم السياسي، فجستن الذي يدعي الحرية والديموقراطية ويدعم هروب الفتيات القاصرات في أقصى الأرض لا ينظر تحت قدميه ويعطي «الكيبكيين» والهنود الأصليين حقوقهم المستلبة، قبل أن يكون منافقا في قضايا غيره.
هذا ليس موقفا جديدا بل هو رأيه الأصيل منذ دخوله عالم السياسة، ففي أكتوبر 2006، انتقد ترودو القومية الكيبكية واصفا إياها بأنها قومية سياسية وفكرة قديمة من القرن التاسع عشر مبنية على صغر الفكر ولا صلة لها بكيبك الحديثة، رأي المرشح للرئاسة وقتها كان لدغدغة مشاعر بقية الكنديين وترجيح كفته الانتخابية، وهذا ما حصل فعلا، فقد كان موقفه الصلب من قضية كيبك هو جواز سفره نحو الفوز في الانتخابات.
فهل الكيبكيون ليسوا بشرا مثلهم مثل القاصرات والهاربات اللاتي يسعى وراءهن السيد ترودوا وإدارته، وهل يحق لنا أن نصف هروب الفتيات بأنه قصور في العقل وفكرة قديمة، مستخدمين نفس الألفاظ والصفات التي يطلقها رئيس وزراء كندا على خصومه.
الغريب أن رئيس الوزراء الكندي هو أحد أهم مناصري المثليين من بين السياسيين الغربيين، ويوصف من قبل تيار الإسلام السياسي بأنه «ملاذهم الآمن»، بينما هو في واقع الأمر ملاذ مطاريد الاخوان والملحدين والشاذين والشاذات.
* كاتب سعودي