صوت المواطن

عودوا لـ«القديمة».. واحذروا «الإلكترونية»

آلاء

د. آلاء هاني عارف

اعتدت أن أرى صديقتي مرحة متفائلة مقبلة على الحياة، كانت الداعم لي للتغلب على الصعاب والمعوقات ومواجهة الأزمات، إلا أني فوجئت أخيراً بها، تعيش حالة ضعف وألم، وبحاجة لمن يقف معها، وحين اقتربت منها وسألتها عن حالة الاكتئاب التي تجتاحها، أجابتني أن ابنها الوحيد ظهرت عليه العديد من الأعراض السلبية، فبعد أن كان شعلة من الذكاء والنشاط، تحول إلى خامل، يتلعثم في الحديث، فضلاً عن نوبات الفزع التي تنتابه ليلاً، وحين سألتها عن الأسباب، أجابت بأن الطبيب أرجع المشكلة إلى جلوس طفلها أمام الألعاب الإلكترونية لفترات طويلة، وذكرت صديقتي أن ابنها كان في بادئ الأمر يعاني من فرط حركة ويصدر الإزعاج في المنزل، وحين اشترى له والده جهازاً حديثاً للألعاب الإلكترونية، أسوة بأقرانه في العائلة، أصبح يمكث أمام الجهاز ما يزيد على 10 ساعات، وهو ما أراح الأسرة من إزعاجه، فتركوه دون توجيه وبعد مضي بضعة أشهر، اكتشفت الأسرة خطأها، حين ظهرت كثير من الأعراض السلبية عليه، منها معاناته من التأتأة والتلعثم، والخمول وحالات الرهاب التي تجتاحه، خصوصاً قبيل النوم، وتحول من طفل حيوي فاعل رغم إزعاجه إلى آخر يعاني من الكسل والابتعاد عن الواقع، وحاولت والدته تدارك الأمر بسحب الجهاز عنه، وألحقته بجلسات تخاطب لدى إحدى الإخصائيات التي أوصت بإدخاله نادٍ رياضي يفرغ طاقته فيه، وتنمية القراءة والكتابة والرسم لديه، بدلاً من الأجهزة، وأثارت حالة طفل صديقتي اهتمامي وبالبحث والتحري في الأمر، تبين أن ممارسة الألعاب الإلكترونية تلحق بالطفل الذي يمارسها كثيراً من الأضرار، منها العزلة الاجتماعية، غرس السلوكيات العدوانية، الخلط بين الواقع والخيال، الخمول والكسل وزيادة الوزن، عدم القدرة على التخاطب بطريقة صحيحة، إضافة إلى مشكلات صحية كالصداع وإجهاد العينين وآلام اليدين.

ويفضل ألاّ نترك الصغار فريسة للألعاب الإلكترونية، وأرى أن نربيهم وفق التربية التي نشأنا عليها نحن جيل «الطيبين»، التي تركز على القراءة وتنمية المواهب كالرسم والكتابة، إضافة إلى الرياضة، فضلاً عن متابعة البرامج التعليمية الهادفة التي كانت تبث في الثمانينات من القرن الماضي، مثل افتح يا سمسم والمناهل، وحتى أفلام الكرتون المقتبسة من الروايات العالمية مثل جزيرة الكنز، وروبنسون كروزو وهي قصة كتبها دانيال ديفو، نشرت للمرة الأولى سنة 1719، وأرى أن العودة إلى جزء من الماضي طريقة مثالية لتربية الأبناء بدلاً من تركهم للأجهزة الحديثة التي أخرتهم ذهنياً وصحياً، وسلبتهم الطفولة الحقيقية.

alaa_aref@hotmail.com