شهامة علي تنقذ والده من الغرق !
في الوقت الضايع
الأربعاء / 17 / جمادى الأولى / 1440 هـ الأربعاء 23 يناير 2019 01:11
علي محمد الرابغي
كان الوقت إجازة منتصف العام الدراسي (إجازة الربيع) التي مضت قبل أسابيع.. وكان المكان أبحر وفي أحد شاليهاتها المتميزة.. كان كل شيء يمضي وفق تخطيط ابن القرية.. الذي عرفته وعرفها فقيرة لا شيء إلا التعاطي مع الأرض وزراعتها عندما تجود السماء بالمزن.. أو البحر الذي كان نافذة عريضة هو مجال الرزق من خلال السواعي (السفن) والتي كانت سبيلهم لكسب العيش.. عبر المسافات البعيدة أو الاكتفاء بالصيد.. تلك هي المجالات التي كانت متاحة لأبناء قريته.
.. ولما ضاقت عليهم الأرض بما رحبت.. انتقلوا إلى جدة وإلى حارة الرويس التي هي قريتهم الثانية.. وقريبة من البحر وشاطئه.. ولكن أبوعلي لم يستهوه البحر وإنما كان دائما يتوق إلى ما هو أبعد.. فأخذ يمارس التجارة.. تجارة السيارات القديمة (المستعملة) من أمريكا كان يأتي بها.. وقد استطاع أن يحرز في هذا المجال ومن خلال موهبته الفطرية أن ينجح نجاحا حقق معه مكاسب مجزية.. كل هذا وهو مستمر في تحصيله الدراسي ومن ثم التحق بميادين العمل.. واستطاع أن ينجح نجاحا باهرا.. ومن ثم يبني بيتا وعائلة.. وأخذ يمارس دور الأب بعد أن عرف كيف هو فضل والده عليه.. وأخذ يرد هذا الدين من خلال أبنائه.. ومن أجل ذلك أفنى وقته وجهده وما عنده من مال في سبيل أن يصل بهم إلى أرقى المستويات.. مجتهدا في ذلك قدر ما استطاع.
ولقد تحقق له الكثير من أحلامه.. وخاصة عندما كان يرى السعادة ترتسم على ملامح أولاده.. وكان البحر هو المجهول الذي يخشاه.. ومع ذلك واستجابة لرغبات أولاده.. نزل البحر مع أصغر أبنائه في حدود المنطقة المسموح فيها السباحة.. ووسط حالة من النشوة والانسجام فجأة انطلقت منه صرخة مدوية يطلب فيها النجدة.. يا علي.. ياعلي.. وما كان من علي ابنه البار إلا أن قفز إلى البحر وتله وأنقذه بأعجوبة بالغة.. ووسط دهشة أسرته وخاصة ابنته رغد تلك التي عقدت الصدمة والدهشة على لسانها.. لحظات قليلة وكادت الرحلة تفقد متعتها لولا أن قيض الله هذا الابن لينقذ أباه.. وسبحان الله.
أبوعلي فتى القرية لم يكن كأقرانه عاشقا للبحر.. ولذلك كاد أن يغرق لولا شهامة ابنه (علي).... لعل هذه الصورة تؤكد مدى حرص (أبوعلي) على تحقيق أرقى مستويات التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي والجامعي.. وكان قمة نشوته عندما يرى انطباعات أولاده وهم يقفزون من خطوة إلى أخرى ثباتا ونجاحا وتفوقا مرموقا.. وهو لا يبخل عليهم بتوفير أقصى درجات المتعة في مقدمة ذلك (السفر) وفي يقيني أن ابن القرية.. (أبوعلي) قد نجح في تربية أبنائه ونجح بالاستثمار فيهم بدلا من السيارات المستعملة (من أمريكا).
شهامة علي ترد جزءا من الدين:
وعندما استعاد أبوعلي حياته من جديد.. سجد لله حمدا وشكرا واستقرت في داخله قناعات الفخر والرضا والإحساس بالنجاح لسياسته التربوية.. حقيقة أذكر بها.. أعني وصية الفاروق عمر رضي الله عنه.. علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل.. وحسبي الله ونعم الوكيل.
* كاتب سعودي
alialrabghi9@gmail.com
.. ولما ضاقت عليهم الأرض بما رحبت.. انتقلوا إلى جدة وإلى حارة الرويس التي هي قريتهم الثانية.. وقريبة من البحر وشاطئه.. ولكن أبوعلي لم يستهوه البحر وإنما كان دائما يتوق إلى ما هو أبعد.. فأخذ يمارس التجارة.. تجارة السيارات القديمة (المستعملة) من أمريكا كان يأتي بها.. وقد استطاع أن يحرز في هذا المجال ومن خلال موهبته الفطرية أن ينجح نجاحا حقق معه مكاسب مجزية.. كل هذا وهو مستمر في تحصيله الدراسي ومن ثم التحق بميادين العمل.. واستطاع أن ينجح نجاحا باهرا.. ومن ثم يبني بيتا وعائلة.. وأخذ يمارس دور الأب بعد أن عرف كيف هو فضل والده عليه.. وأخذ يرد هذا الدين من خلال أبنائه.. ومن أجل ذلك أفنى وقته وجهده وما عنده من مال في سبيل أن يصل بهم إلى أرقى المستويات.. مجتهدا في ذلك قدر ما استطاع.
ولقد تحقق له الكثير من أحلامه.. وخاصة عندما كان يرى السعادة ترتسم على ملامح أولاده.. وكان البحر هو المجهول الذي يخشاه.. ومع ذلك واستجابة لرغبات أولاده.. نزل البحر مع أصغر أبنائه في حدود المنطقة المسموح فيها السباحة.. ووسط حالة من النشوة والانسجام فجأة انطلقت منه صرخة مدوية يطلب فيها النجدة.. يا علي.. ياعلي.. وما كان من علي ابنه البار إلا أن قفز إلى البحر وتله وأنقذه بأعجوبة بالغة.. ووسط دهشة أسرته وخاصة ابنته رغد تلك التي عقدت الصدمة والدهشة على لسانها.. لحظات قليلة وكادت الرحلة تفقد متعتها لولا أن قيض الله هذا الابن لينقذ أباه.. وسبحان الله.
أبوعلي فتى القرية لم يكن كأقرانه عاشقا للبحر.. ولذلك كاد أن يغرق لولا شهامة ابنه (علي).... لعل هذه الصورة تؤكد مدى حرص (أبوعلي) على تحقيق أرقى مستويات التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي والجامعي.. وكان قمة نشوته عندما يرى انطباعات أولاده وهم يقفزون من خطوة إلى أخرى ثباتا ونجاحا وتفوقا مرموقا.. وهو لا يبخل عليهم بتوفير أقصى درجات المتعة في مقدمة ذلك (السفر) وفي يقيني أن ابن القرية.. (أبوعلي) قد نجح في تربية أبنائه ونجح بالاستثمار فيهم بدلا من السيارات المستعملة (من أمريكا).
شهامة علي ترد جزءا من الدين:
وعندما استعاد أبوعلي حياته من جديد.. سجد لله حمدا وشكرا واستقرت في داخله قناعات الفخر والرضا والإحساس بالنجاح لسياسته التربوية.. حقيقة أذكر بها.. أعني وصية الفاروق عمر رضي الله عنه.. علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل.. وحسبي الله ونعم الوكيل.
* كاتب سعودي
alialrabghi9@gmail.com