عبرة.. حركة ستر عورات الحيوانات
الجمعة / 19 / جمادى الأولى / 1440 هـ الجمعة 25 يناير 2019 01:24
بشرى فيصل السباعي
في عام 1959 وسط خضم الحراك الحقوقي للنساء والأقليات في أمريكا والذي عارضه المحافظون المتدينون واعتبروه فسادا أخلاقيا، ظهرت حركة دينية مسيحية محافظة ترفع شعار إعادة الحشمة الأخلاقية للمجتمع والتي بسبب فقدها فقدت النساء حشمتهن وصرن يطالبن بالحقوق العادلة المتساوية واسم هذه الحركة الدينية «The Society for Indecency to Naked Animals, SINA - جماعة مكافحة عدم حشمة الحيوانات العارية».
وكانت تصدر بيانات صحفية تثبت بالحجج الدينية أن إعادة الحشمة للمجتمع تتطلب إلباس الحيوانات ملابس تستر عوراتها سواء أكانت حيوانات أليفة أو حيوانات المزارع أو برية ودخلوا بجدليات فقهية حول ما هو حجم الحيوان الذي يجعل من الواجب ستره بالملابس، وحتى أنه حصلت مظاهرات من الحركة أمام البيت الأبيض طالبت الرئيس جون كنيدي بدعم الحشمة في المجتمع بإلباس أحصنته، وسرعان ما انضم إليها عشرات الآلاف من المحافظين المتدينين وتدفقت التبرعات السخرية بالآلاف على الحركة ومرشحها بعد أن ظهر في الإعلام وتغطيات الصحف والبرامج الإخبارية الرئيسية في أمريكا، لكن في عام 1963 وأثناء الإعداد لظهور رئيس الحركة بمقابلة مع أكبر مقدم أخبار في قناة CBS تعرف شخص بطاقم الإعداد على رئيس الجماعة الذي كان ممثلا وليس كما يزعم شخصية دينية، فنشرت مجلة التايم العريقة تحقيقا عن هذه الحركة الدينية كشفت فيه أن مؤسسها هو الممثل الكوميدي «آلان أبيل» وأسسها لغاية السخرية والاستهزاء من عدم عقلانية المحافظين وخطابهم الديني المتشدد الذي يصور كل تطور حقوقي في المجتمع على أنه تضييع لفضيلة المجتمع.
ورغم فضح حقيقة مؤسس الحركة لكن أعضاءها استمروا في تأييد دعوتها لعدة سنوات بعد فضح حقيقتها، فما هي العبرة التي يمكن استخلاصها من هذه الحادثة؟ العبرة واضحة لمن يطالع بمواقع التواصل الاجتماعي الحسابات الساخرة المؤسفة التي تجمع مقاطع وفتاوى خطاب التشدد الإسلامي تحت مسمى وصورة شخصية متدين والبعض لا يستوعب أنه حساب ساخر بسبب سيادة تعطيل ومعاداة الجانب العقلاني والموضوعي بالخطاب الديني التقليدي، والعبرة تبدو أوضح لمن طالع الكتب والتحقيقات الصحفية عن الشخصيات التي اعترفت بتورطها في جرائم الجماعات الإرهابية الإسلامية كاختراق استخباراتي تلاعب بها وسخرها لتنفير المجتمع عن التوجهات الدينية، وكل هذا يثبت أن الخطر الأكبر على الدين والفضيلة ليس تدريس الفلسفة العقلانية ولا نيل النساء لحقوقهن إنما هو معاداة إعمال العقل الموضوعي المنفتح في فهم النصوص الدينية بظروف واحتياجات الحاضر.
* كاتبة سعودية
bushra.sbe@gmail.com
وكانت تصدر بيانات صحفية تثبت بالحجج الدينية أن إعادة الحشمة للمجتمع تتطلب إلباس الحيوانات ملابس تستر عوراتها سواء أكانت حيوانات أليفة أو حيوانات المزارع أو برية ودخلوا بجدليات فقهية حول ما هو حجم الحيوان الذي يجعل من الواجب ستره بالملابس، وحتى أنه حصلت مظاهرات من الحركة أمام البيت الأبيض طالبت الرئيس جون كنيدي بدعم الحشمة في المجتمع بإلباس أحصنته، وسرعان ما انضم إليها عشرات الآلاف من المحافظين المتدينين وتدفقت التبرعات السخرية بالآلاف على الحركة ومرشحها بعد أن ظهر في الإعلام وتغطيات الصحف والبرامج الإخبارية الرئيسية في أمريكا، لكن في عام 1963 وأثناء الإعداد لظهور رئيس الحركة بمقابلة مع أكبر مقدم أخبار في قناة CBS تعرف شخص بطاقم الإعداد على رئيس الجماعة الذي كان ممثلا وليس كما يزعم شخصية دينية، فنشرت مجلة التايم العريقة تحقيقا عن هذه الحركة الدينية كشفت فيه أن مؤسسها هو الممثل الكوميدي «آلان أبيل» وأسسها لغاية السخرية والاستهزاء من عدم عقلانية المحافظين وخطابهم الديني المتشدد الذي يصور كل تطور حقوقي في المجتمع على أنه تضييع لفضيلة المجتمع.
ورغم فضح حقيقة مؤسس الحركة لكن أعضاءها استمروا في تأييد دعوتها لعدة سنوات بعد فضح حقيقتها، فما هي العبرة التي يمكن استخلاصها من هذه الحادثة؟ العبرة واضحة لمن يطالع بمواقع التواصل الاجتماعي الحسابات الساخرة المؤسفة التي تجمع مقاطع وفتاوى خطاب التشدد الإسلامي تحت مسمى وصورة شخصية متدين والبعض لا يستوعب أنه حساب ساخر بسبب سيادة تعطيل ومعاداة الجانب العقلاني والموضوعي بالخطاب الديني التقليدي، والعبرة تبدو أوضح لمن طالع الكتب والتحقيقات الصحفية عن الشخصيات التي اعترفت بتورطها في جرائم الجماعات الإرهابية الإسلامية كاختراق استخباراتي تلاعب بها وسخرها لتنفير المجتمع عن التوجهات الدينية، وكل هذا يثبت أن الخطر الأكبر على الدين والفضيلة ليس تدريس الفلسفة العقلانية ولا نيل النساء لحقوقهن إنما هو معاداة إعمال العقل الموضوعي المنفتح في فهم النصوص الدينية بظروف واحتياجات الحاضر.
* كاتبة سعودية
bushra.sbe@gmail.com