عن الترفيه وجودة الحياة والمواطنة
السبت / 20 / جمادى الأولى / 1440 هـ السبت 26 يناير 2019 02:00
يحيى الامير
القيمة الحقيقية لحياتك في وطنك لا تكمن في الأكل والشرب والسكن والحصول على وظيفة، هذا نمط قديم يصنع سكانا وأرضا مأهولة وشوارع مزدحمة ولكنه لا يصنع مناخا ممتعا وسعيدا للحياة. غياب هذه المتعة يعني أخطر شيء يمكن أن يقيد الحياة العامة في أي مجتمع وهو: انعدام الخيارات.
تقوم الحياة المدنية الجديدة التي تصنع مواطنة حقيقية على اتساع وكثرة الخيارات، الخيارات في كل شيء وتديرها الدولة من خلال الأنظمة والقوانين وحينها لا يشعر بعض الأفراد بأن هذا المجتمع جيد لحياة فئة وليس كذلك لفئات أخرى، هذا الشعور من شأنه أن يعيدنا إلى المربع الذي قال عنه رئيس هيئة الترفيه تركي آل الشيخ في إحدى تغريداته إن (الترفيه عند السعودي ظل لسنوات مرتبطا بالمطار للخارج). هذا الارتباط واقعي وحقيقي ولكن سببه الأبرز يكمن في البحث عن خيارات ليست متوافرة هنا.
في الخارج تشاهد العائلات السعودية المحافظة وهي في المطاعم المفتوحة تتعالى منها أصوات الموسيقى والأغاني، ذات المطاعم موجودة في الرياض وربما بجودة أعلى ولكنها هنا للأكل فقط بينما هناك ممتعة يمتد الجلوس بها لساعات.
الحريات العامة تزدهر وتصبح مسؤولية لدى الناس حين يمارسونها لا حين يحرمون منها، والشارع السعودي اليوم يشهد تحولات كبرى في السلوك العام باتجاه مزيد من التحضر والانضباط والرقي في التعامل وتراجعت كثيرا تلك القصص التي ظلت تتواتر عن التحرش والمعاكسات والسلوكيات غير المتحضرة.
ربما كان مؤتمر الهيئة العامة للترفيه الحدث الأبرز في الأسبوع الماضي، لقد أعطى المؤتمر إعادة توجيه للترفيه في المملكة لا كأحداث فقط بل كثقافة جديدة تتصاعد في محيط اجتماعي بات الأكثر طلبا وإقبالا على مختلف أنماط الحياة الجديدة، ولعل ترخيص إقامة العروض الموسيقية والحية في المطاعم والأماكن العامة من أبرز النقاط التي حملها المؤتمر لما ستمثله من تغيير في فكرة الخروج العائلي من النمطية القديمة التي هيمنت على كل مشاوير العائلة والتي تنحصر في زيارة المجمعات التجارية والمطاعم الى نمط جديد اكثر جذبا ومتعة.
تعج مدن المملكة بفنادق ومجمعات راقية وضخمة ولكنها لا تزال تفتقر للحياة في داخلها، ولا تمثل مناطق جذب كبيرة، لكنها هي تصبح مفتوحة وحيوية وممتعة سوف تتغير علاقة الناس بها وتصبح أكثر جذبا، ومختلف البلدان المحيطة بنا والتي تشهد إقبالا كثيفا من السعوديين في نهاية كل أسبوع لا تقدم مرافقها السياحية أكثر من ذلك.
إن تراجع التشدد في المجتمع يمكن وصفه بالداعم الأكبر لنجاح كل تلك الخطوات الكبيرة في تطوير وتنويع الحياة اليومية في المملكة، ومنذ أعوام كانت أبرز المؤامرات التي تتم ضد المملكة تتمثل في العمل على إبقائها كيانا مختلفا أحاديا، يسمح بوصفها بالتشدد، وعملت كثير من الأصوات الحزبية والحركية على تأزيم الشارع وبناء ممانعة ضد كل الخطوات الجديدة التي تستهدف تطوير وبناء الحياة المدنية؛ حدث ذلك مع مشاريع تطوير التعليم ومع الابتعاث ومع احتفالات اليوم الوطني وغيرها من المستجدات في الحياة السعودية.
اليوم تعاملت الدولة بوعي مع تلك الأصوات، علاوة على أن الشارع لم يعد يصغي إليهم.
إن الوطن الذي تستمتع بحياتك وأيامك ولحظاتك به ويحمل أجمل ذكرياتك هو الذي تحبه وتدافع عنه وتراه مستقبلك ومستقبل أبنائك.
* كاتب سعودي
تقوم الحياة المدنية الجديدة التي تصنع مواطنة حقيقية على اتساع وكثرة الخيارات، الخيارات في كل شيء وتديرها الدولة من خلال الأنظمة والقوانين وحينها لا يشعر بعض الأفراد بأن هذا المجتمع جيد لحياة فئة وليس كذلك لفئات أخرى، هذا الشعور من شأنه أن يعيدنا إلى المربع الذي قال عنه رئيس هيئة الترفيه تركي آل الشيخ في إحدى تغريداته إن (الترفيه عند السعودي ظل لسنوات مرتبطا بالمطار للخارج). هذا الارتباط واقعي وحقيقي ولكن سببه الأبرز يكمن في البحث عن خيارات ليست متوافرة هنا.
في الخارج تشاهد العائلات السعودية المحافظة وهي في المطاعم المفتوحة تتعالى منها أصوات الموسيقى والأغاني، ذات المطاعم موجودة في الرياض وربما بجودة أعلى ولكنها هنا للأكل فقط بينما هناك ممتعة يمتد الجلوس بها لساعات.
الحريات العامة تزدهر وتصبح مسؤولية لدى الناس حين يمارسونها لا حين يحرمون منها، والشارع السعودي اليوم يشهد تحولات كبرى في السلوك العام باتجاه مزيد من التحضر والانضباط والرقي في التعامل وتراجعت كثيرا تلك القصص التي ظلت تتواتر عن التحرش والمعاكسات والسلوكيات غير المتحضرة.
ربما كان مؤتمر الهيئة العامة للترفيه الحدث الأبرز في الأسبوع الماضي، لقد أعطى المؤتمر إعادة توجيه للترفيه في المملكة لا كأحداث فقط بل كثقافة جديدة تتصاعد في محيط اجتماعي بات الأكثر طلبا وإقبالا على مختلف أنماط الحياة الجديدة، ولعل ترخيص إقامة العروض الموسيقية والحية في المطاعم والأماكن العامة من أبرز النقاط التي حملها المؤتمر لما ستمثله من تغيير في فكرة الخروج العائلي من النمطية القديمة التي هيمنت على كل مشاوير العائلة والتي تنحصر في زيارة المجمعات التجارية والمطاعم الى نمط جديد اكثر جذبا ومتعة.
تعج مدن المملكة بفنادق ومجمعات راقية وضخمة ولكنها لا تزال تفتقر للحياة في داخلها، ولا تمثل مناطق جذب كبيرة، لكنها هي تصبح مفتوحة وحيوية وممتعة سوف تتغير علاقة الناس بها وتصبح أكثر جذبا، ومختلف البلدان المحيطة بنا والتي تشهد إقبالا كثيفا من السعوديين في نهاية كل أسبوع لا تقدم مرافقها السياحية أكثر من ذلك.
إن تراجع التشدد في المجتمع يمكن وصفه بالداعم الأكبر لنجاح كل تلك الخطوات الكبيرة في تطوير وتنويع الحياة اليومية في المملكة، ومنذ أعوام كانت أبرز المؤامرات التي تتم ضد المملكة تتمثل في العمل على إبقائها كيانا مختلفا أحاديا، يسمح بوصفها بالتشدد، وعملت كثير من الأصوات الحزبية والحركية على تأزيم الشارع وبناء ممانعة ضد كل الخطوات الجديدة التي تستهدف تطوير وبناء الحياة المدنية؛ حدث ذلك مع مشاريع تطوير التعليم ومع الابتعاث ومع احتفالات اليوم الوطني وغيرها من المستجدات في الحياة السعودية.
اليوم تعاملت الدولة بوعي مع تلك الأصوات، علاوة على أن الشارع لم يعد يصغي إليهم.
إن الوطن الذي تستمتع بحياتك وأيامك ولحظاتك به ويحمل أجمل ذكرياتك هو الذي تحبه وتدافع عنه وتراه مستقبلك ومستقبل أبنائك.
* كاتب سعودي