ثقافة الاستهزاء
مفتاح ضائع
الأحد / 21 / جمادى الأولى / 1440 هـ الاحد 27 يناير 2019 01:40
أنمار مطاوع
«وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ». الهزؤ هو السخرية.. والجاهلون هم السفهاء، فالجهل نقيض العلم.
الجاهل لا يجد في فكره قوة يمارسها على الآخرين سوى الاستهزاء بهم والتقليل من قيمتهم ومن قيمة أعمالهم. وقد استعاذ سيدنا موسى عليه السلام من هذا العيب المزري بالإنسانية.. وتبرأ منه. فالعاقل يعرف أن أكبر عيب في الفكر الإنساني هو الاستهزاء بالآخرين.. لأنه دلالة الإحساس بالفوقية والأفضلية.. وهي ممارسة واضحة وفاضحة للعنصرية.
العنصرية معناها التفرقة والتمييز في النظرة إلى الناس والتعامل معهم.. على أساس من اللون أو الجنس أو اللغة أو المستوى الاجتماعي والطبقي.. وهي صفة متجذرة في البشرية.. حتى المذاهب الروحية تسقط فيها. على سبيل المثال، تصنف البوذية الناس على حسب: من خُلق من الفم ومن خُلق من الذراع.. واليونانية قسمت الناس إلى أشراف وبربر.. حتى بعض من ينتمون إلى الأديان السماوية يمارسون تلك الفوقية؛ مثل اليهودية التي ينظر أتباعها على أنهم شعب مختار وغيرهم أميون لا قيمة لهم.. ولا حق في الحياة.. بل تصل فوقيتهم إلى التطاول – من مبدأ الجهل – على الخالق جل جلاله فقالوا تعالياً: «إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءٌ».
صفات العنصرية كلها تتجسد في ممارسات الاستهزاء.. فهو التعالي على الآخرين في أقبح صورة.. وأينما كان التعالي، تتصدر العنصرية المشهد.
في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي – حيث أصبح الإفصاح على أطراف الأصابع –، ظهرت العنصرية في قالب الاستهزاء بالآخرين والتقليل من شأنهم تحت بند: الظرافة والمزاح.. وهذا مجرد مخرج للممارسات العنصرية ضد الآخرين. فالاستهزاء ليس من المزاح في شيء. فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يمزح والأئمة يمزحون.. ولكنهم لم يقللوا من قيمة أحد ولم يسخروا من أحد أو يهزؤوا به.. لكن الجهلاء لا يفرقون بين المزح والاستهزاء.
الصور ومقاطع الفيديو والعبارات المكتوبة الساخرة من النوع واللون واللغة والطبقة الاجتماعية.. أصبحت قوتاً يومياً للجهلاء والسفهاء الذين يتعالون على أي شيء وعلى كل شيء.
الكوميديا ليست استهزاءً بخلق الله.. وأي رسالة تحمل استهزاءً – وإن كان بقصد المزاح – يجب عدم نشرها.. لأن النشر يعتبر مشاركة في صفة استعاذ منها الأنبياء والرسل وعباد الله الصالحون.
* كاتب سعودي
anmar20@yahoo.com
الجاهل لا يجد في فكره قوة يمارسها على الآخرين سوى الاستهزاء بهم والتقليل من قيمتهم ومن قيمة أعمالهم. وقد استعاذ سيدنا موسى عليه السلام من هذا العيب المزري بالإنسانية.. وتبرأ منه. فالعاقل يعرف أن أكبر عيب في الفكر الإنساني هو الاستهزاء بالآخرين.. لأنه دلالة الإحساس بالفوقية والأفضلية.. وهي ممارسة واضحة وفاضحة للعنصرية.
العنصرية معناها التفرقة والتمييز في النظرة إلى الناس والتعامل معهم.. على أساس من اللون أو الجنس أو اللغة أو المستوى الاجتماعي والطبقي.. وهي صفة متجذرة في البشرية.. حتى المذاهب الروحية تسقط فيها. على سبيل المثال، تصنف البوذية الناس على حسب: من خُلق من الفم ومن خُلق من الذراع.. واليونانية قسمت الناس إلى أشراف وبربر.. حتى بعض من ينتمون إلى الأديان السماوية يمارسون تلك الفوقية؛ مثل اليهودية التي ينظر أتباعها على أنهم شعب مختار وغيرهم أميون لا قيمة لهم.. ولا حق في الحياة.. بل تصل فوقيتهم إلى التطاول – من مبدأ الجهل – على الخالق جل جلاله فقالوا تعالياً: «إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءٌ».
صفات العنصرية كلها تتجسد في ممارسات الاستهزاء.. فهو التعالي على الآخرين في أقبح صورة.. وأينما كان التعالي، تتصدر العنصرية المشهد.
في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي – حيث أصبح الإفصاح على أطراف الأصابع –، ظهرت العنصرية في قالب الاستهزاء بالآخرين والتقليل من شأنهم تحت بند: الظرافة والمزاح.. وهذا مجرد مخرج للممارسات العنصرية ضد الآخرين. فالاستهزاء ليس من المزاح في شيء. فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يمزح والأئمة يمزحون.. ولكنهم لم يقللوا من قيمة أحد ولم يسخروا من أحد أو يهزؤوا به.. لكن الجهلاء لا يفرقون بين المزح والاستهزاء.
الصور ومقاطع الفيديو والعبارات المكتوبة الساخرة من النوع واللون واللغة والطبقة الاجتماعية.. أصبحت قوتاً يومياً للجهلاء والسفهاء الذين يتعالون على أي شيء وعلى كل شيء.
الكوميديا ليست استهزاءً بخلق الله.. وأي رسالة تحمل استهزاءً – وإن كان بقصد المزاح – يجب عدم نشرها.. لأن النشر يعتبر مشاركة في صفة استعاذ منها الأنبياء والرسل وعباد الله الصالحون.
* كاتب سعودي
anmar20@yahoo.com