تفــاحـة مــايــا
عين الصواب
الجمعة / 10 / جمادى الآخرة / 1440 هـ الجمعة 15 فبراير 2019 01:44
أحمد عجب
في تلك الليلة، بعد أن ذهب كل من أفراد عائلتي لفراشه، فتحت جوالي ورحت أشاهد مقطع فيديو مع فنجان شاي، وفي عز اندماجي شعرت بثقل على كتفي، التفت وإذا بها ابنتي الصغيرة (مايا) التي بادرتني بسؤالها الصادم: وش قاعد تشوف يابابا؟!، قلت لها: روحي نامي وراك مدرسة بكرة، قالت لا: أول قلي ليش المرأة هذي تبكي؟!، حينها اضطررت لارتداء نظارة الأديب لأجيبها بنبرة متعالية: لا تصدقي كل ما يشاع، هذه امرأة عشرينية وافدة -كما أوضح ذلك المذيع- وهذا زوجها يحاول إعادتها للبيت، مؤكداً أنها مريضة نفسياً، هنا قاطعتني مايا، وصرخت بوجهي وهي تهم بالانصراف: حرام عليكم يا بابا هذا بدل ما تساعدونها!؟
لقد سقطت على رأسي بتلك الليلة (تفاحة مايا) التي ستغير كثيراً من مسار ومعادلات حياتي، بعد أن اكتشفت متأخراً جاذبية الرحمة، وأن الإنسانية مقدار ثابت، لكن المحبة مقدار متغير حسب الهوية، وبالتالي يجب علينا توحيدها تحقيقاً للمقاصد السوية.
لا أدري من أوهمنا وزرع فينا لعقود طويلة المقولة الفارغة «اللي أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة»، هاهي ابنتي الصغيرة (مايا)، كسرت تابو قناعتي بأكثر من موقف وهي تذكرني بما يجب علي فعله وفقاً للأصول، لا كما اعتدت عليه من واقع رؤاي الشخصية، ذات مرة، وصلت للبيت منهكاً فقلت لمايا: نادي على الشغالة تجي تأخذ الأغراض، ولما شعرت بأنها لم تتحرك، أعدت عليها الطلب، فقاطعتني وهي ترمقني بعينها: سمعتك يا بابا، بس مو لأنها أجنبية تقول عنها (شغالة) هذي إنسانة مثلنا وعايشة معنا.
مايا (ما شاء الله عليها) متفوقه دراسياً لدرجة أن إحدى مدرساتها قالت لو الأمر بيدي لنقلتها من الصف الثالث إلى السادس، مايا ومثيلاتها من بنات الوطن هن مستقبلنا المشرق، لهذا يجب تنويع التخصصات الهندسية والتقنية وتكثيف البحث عن الموهوبات منهن، ولن أبالغ لو قلت: إن هذا الجيل الذكي من بناتنا لن يدعم فقط قضايا المرأة ويقضي على حالات العنف والإيذاء، بل سنجد على أرفف معارض (من إيدي بناتنا) بالعام 2030 اختراعات متقدمي وعالية الجودة كتب عليها Made in Saudi Arabia.
الدكتورة (مايا) كما يحلو للمقربين تسميتها، ستنجح بهذه الحياة لأنها لا تحمل بقلبها أي عنصرية أو اتكالية، هي تتعامل بطبيعتها البشرية، لهذا حين وضعت الطبيبة الجبيرة على يدها، لم تبك من الألم وإنما لأنها سمعتني أسأل عن مدة الإجازة، لتجيبني بكل تفان: يوم واحد بس يا بابا ورانا دروس كثيرة، حينها تبسمت ودنوت برأسي خجلاً بعد أن تذكرت شهر الإجازة المرضية الذي قضيته وطوفت فوقه!؟
ajib2013@yahoo.com
تويتر @ajib2013
لقد سقطت على رأسي بتلك الليلة (تفاحة مايا) التي ستغير كثيراً من مسار ومعادلات حياتي، بعد أن اكتشفت متأخراً جاذبية الرحمة، وأن الإنسانية مقدار ثابت، لكن المحبة مقدار متغير حسب الهوية، وبالتالي يجب علينا توحيدها تحقيقاً للمقاصد السوية.
لا أدري من أوهمنا وزرع فينا لعقود طويلة المقولة الفارغة «اللي أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة»، هاهي ابنتي الصغيرة (مايا)، كسرت تابو قناعتي بأكثر من موقف وهي تذكرني بما يجب علي فعله وفقاً للأصول، لا كما اعتدت عليه من واقع رؤاي الشخصية، ذات مرة، وصلت للبيت منهكاً فقلت لمايا: نادي على الشغالة تجي تأخذ الأغراض، ولما شعرت بأنها لم تتحرك، أعدت عليها الطلب، فقاطعتني وهي ترمقني بعينها: سمعتك يا بابا، بس مو لأنها أجنبية تقول عنها (شغالة) هذي إنسانة مثلنا وعايشة معنا.
مايا (ما شاء الله عليها) متفوقه دراسياً لدرجة أن إحدى مدرساتها قالت لو الأمر بيدي لنقلتها من الصف الثالث إلى السادس، مايا ومثيلاتها من بنات الوطن هن مستقبلنا المشرق، لهذا يجب تنويع التخصصات الهندسية والتقنية وتكثيف البحث عن الموهوبات منهن، ولن أبالغ لو قلت: إن هذا الجيل الذكي من بناتنا لن يدعم فقط قضايا المرأة ويقضي على حالات العنف والإيذاء، بل سنجد على أرفف معارض (من إيدي بناتنا) بالعام 2030 اختراعات متقدمي وعالية الجودة كتب عليها Made in Saudi Arabia.
الدكتورة (مايا) كما يحلو للمقربين تسميتها، ستنجح بهذه الحياة لأنها لا تحمل بقلبها أي عنصرية أو اتكالية، هي تتعامل بطبيعتها البشرية، لهذا حين وضعت الطبيبة الجبيرة على يدها، لم تبك من الألم وإنما لأنها سمعتني أسأل عن مدة الإجازة، لتجيبني بكل تفان: يوم واحد بس يا بابا ورانا دروس كثيرة، حينها تبسمت ودنوت برأسي خجلاً بعد أن تذكرت شهر الإجازة المرضية الذي قضيته وطوفت فوقه!؟
ajib2013@yahoo.com
تويتر @ajib2013