شركة الكهرباء.. كفاءة الأداء متطلب الانطلاق إلى أوروبا
الثلاثاء / 28 / جمادى الآخرة / 1440 هـ الثلاثاء 05 مارس 2019 01:01
محمد سالم سرور الصبان
سعدنا جميعاً بإقدام شركة الكهرباء السعودية على خطوة استثمارية جريئة، وهي إيصال إنتاجها الكهربائي إلى أوروبا، من خلال مشروع يتكلف حوالى 1.6 بليون دولار، مستغلة انخفاض الطلب على الكهرباء في المملكة في غير أوقات الذروة في فصل الشتاء، وهي خطوة لطالما تحدثنا عنها في المؤتمرات الدولية، بأن السعودية تعمل حثيثاً على تصدير الطاقة الكهربائية إلى الدول المجاورة وربما إلى أوروبا.
إلا أن هذه الخطوة تتطلب الكثير من الخطوات الضرورية في إعادة ترتيب شركة الكهرباء من الداخل وتحسين مستوى الأداء وتحرير القطاع وفتحه أمام المنافسين في مختلف أجزائه، وهو ما كنا نطالب به في فترة عضويتي في مجلس إدارة الهيئة العامة للكهرباء والإنتاج المزدوج، ولم يتم تحقيقه بالكامل بعد. فالتنافس هو المحك لتحسين كفاءة الإنتاج ولنا في شركة الاتصالات السعودية عبرة كيف كانت وكيف أصبحت، ونرى كيف هي تلهث لتلحق بالمنافسين لا أن يلحقوا بها بالرغم من امتلاكها للكثير من التجهيزات الأساسية التي لم يحظَ بها المنافسون.
وشركة الكهرباء مثلها مثل الشركات شبه الحكومية التي تملك فيها الدولة نصيب الأسد من أسهمها، يقل الحافز لدى ممثليها في مجالس إداراتها في متابعة زيادة كفاءة إنتاجها، فتغدو مترهلة متخمة بمصروفات غير مبررة، وعمالة ليست الأفضل في السوق المحلي. وأحسنت الحكومة صنعاً باتخاذ قرار انتخاب ممثليها من قبل الجمعية العمومية بدلاً من تعيينهم الذي كان يسري لعقود مضت.
دخولنا السوق الأوروبي يعني اتساع حجم السوق أمام شركة الكهرباء ويحقق وفورات كبيرة نتيجة لاستغلال كامل فترات التشغيل دون وجود طاقة إنتاجية معطلة خلال العام، وربما تستطيع الشركة من خلاله الانتقال من تحقيق خسائر إلى الأرباح، لكنه ليس مؤكداً إذا استمرت الشركة في أدائها الحالي.
تبرر الشركة عدم تحقيقها أرباحاً في مختلف السنوات الماضية، إلى إدخالها خدمة الكهرباء إلى مناطق جديدة في مختلف قرى المملكة الواسعة الأرجاء، وهذا العذر وإن تم قبوله في الماضي، إلا أنه ومع توسع الشركة رأسياً وتمتعها بالإنتاج الواسع، فإن تخفيض التكاليف والتحول إلى تحقيق أرباح وتخفيف العبء المالي على المستهلك السعودي، لا بد وأن يكون نصب أعينها، وأن يكون ذلك هو المعيار الذي تقاس به كفاءة أداء الشركة.
كما أن التفكير خارج الصندوق لمساعدة المواطن على التوفير في فاتورة الكهرباء، مثل نشر وتسهيل استخدام الطاقة الشمسية سواء في المصانع أو القطاع السكني، ونشر وسائل ترشيد الاستهلاك الكهربائي، والاستفادة من التجارب الناجحة للدول الأخرى في هذا المجال، لا شك أنه يساعد في تعزيز الدور الوطني لشركة الكهرباء.
ومع فتح مجال تصدير الكهرباء إلى أوروبا بنهاية العام الحالي 2019، ومع استمرار عدم كفاءة الأداء، نكون قد صدرنا هذه الخدمة بأسعار تنافسية أقل لكسب مزيد من السوق الأوروبية، وتحميل المستهلك المحلي والحكومي والمساهم السعودي الخسائر المترتبة على استمرار سوء الأداء. ويحضرني هنا كيف كنا نصدر القمح ونصدر معه الإعانات الحكومية والمياه، أو نصدر الألبان وغيرها من السلع التي تعيش على مصادر شحيحة مثل المياه أو على الإعانات الحكومية.
وبعث لي أحد الإخوان استبانة لشركة الكهرباء تود من خلاله الشركة استشفاف مدى الرضا لدى المستهلك المحلي عن الخدمة الكهربائية المقدمة منها، ومدى الرضا عن الفاتورة الشهرية، وفي الحالتين كان اختياري الإجابة بـ «لا» للاثنين، بناء على تجربة شخصية، وأعتقد أن الغالبية كان لها نفس الإجابات. وعلى الشركة البحث والتحري عن أسباب عدم الرضا لدى العامة.
كثيرون هم كتبوا عن عدم الرضا عن أداء شركة الكهرباء السعودية، وكثيرون من وصفوا الهدر القائم بأنه غير مبرر، وكثيرون من تعالت أصواتهم، وكثيرون من طالب بسرعة تخصيص مختلف قطاعات الكهرباء كخطوة جوهرية لتحسين كفاءة الأداء وتخفيض تكلفة الوحدة الواحدة من الإنتاج الكهربائي، لكن الاستجابة وإلى الآن محدودة، والمستهلك هو من يتحمل هذه التكاليف الإضافية.
أما مشروع إيصال الكهرباء إلى أوروبا فهو يمر خلال مشروع الربط الكهربائي ما بين السعودية ومصر بطاقة 300 ميجا وات، والمتوقع أن ينتهي قبل نهاية العام الحالي 2019، ويتم من خلال هذا الربط مد الطاقة الكهربائية إلى قبرص ومنها إلى دول الاتحاد الأوروبي التي ترتبط بشبكة كهربائية موحدة يسهل من ربط الفائض لدى السعودية في غير أوقات الذروة بأن يصل إلى مختلف أجزاء أوروبا.
وختاماً، يفترض أن يحسن هذا المشروع من كفاءة الإنتاج الكهربائي لدى الشركة السعودية من خلال تقليص الفائض الكهربائي لديها، ويزيد من الأرباح المتوقعة، إلا أنه لا يكفي ولا يرتقي إلى طموحاتنا بإيجاد شركة رشيقة خفيفة في وزنها، ولا بد من التخلص من الدهون التي تراكمت عليها خلال العقود الماضية بعمليات جراحية واحدة تلو الأخرى دون كلل.
كما أن علينا دفعها إلى مضمار السباق مع غيرها من خلال تحرير القطاع، ودفعها إلى العمل وفق معيار الربحية، والعمل على الابتكار، وخلق منتجات جديدة، وإيجاد الحلول لتقلل -إن لم تمنع بالكامل- الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي في مختلف الأوقات والفصول، هي إجراءات ضرورية، تفيد المستهلك وتكسبه في صفها، وتدفعها لأن تكون شركة سعودية رائدة.
* مستشار اقتصادي ونفطي دولي
sabbanms@
إلا أن هذه الخطوة تتطلب الكثير من الخطوات الضرورية في إعادة ترتيب شركة الكهرباء من الداخل وتحسين مستوى الأداء وتحرير القطاع وفتحه أمام المنافسين في مختلف أجزائه، وهو ما كنا نطالب به في فترة عضويتي في مجلس إدارة الهيئة العامة للكهرباء والإنتاج المزدوج، ولم يتم تحقيقه بالكامل بعد. فالتنافس هو المحك لتحسين كفاءة الإنتاج ولنا في شركة الاتصالات السعودية عبرة كيف كانت وكيف أصبحت، ونرى كيف هي تلهث لتلحق بالمنافسين لا أن يلحقوا بها بالرغم من امتلاكها للكثير من التجهيزات الأساسية التي لم يحظَ بها المنافسون.
وشركة الكهرباء مثلها مثل الشركات شبه الحكومية التي تملك فيها الدولة نصيب الأسد من أسهمها، يقل الحافز لدى ممثليها في مجالس إداراتها في متابعة زيادة كفاءة إنتاجها، فتغدو مترهلة متخمة بمصروفات غير مبررة، وعمالة ليست الأفضل في السوق المحلي. وأحسنت الحكومة صنعاً باتخاذ قرار انتخاب ممثليها من قبل الجمعية العمومية بدلاً من تعيينهم الذي كان يسري لعقود مضت.
دخولنا السوق الأوروبي يعني اتساع حجم السوق أمام شركة الكهرباء ويحقق وفورات كبيرة نتيجة لاستغلال كامل فترات التشغيل دون وجود طاقة إنتاجية معطلة خلال العام، وربما تستطيع الشركة من خلاله الانتقال من تحقيق خسائر إلى الأرباح، لكنه ليس مؤكداً إذا استمرت الشركة في أدائها الحالي.
تبرر الشركة عدم تحقيقها أرباحاً في مختلف السنوات الماضية، إلى إدخالها خدمة الكهرباء إلى مناطق جديدة في مختلف قرى المملكة الواسعة الأرجاء، وهذا العذر وإن تم قبوله في الماضي، إلا أنه ومع توسع الشركة رأسياً وتمتعها بالإنتاج الواسع، فإن تخفيض التكاليف والتحول إلى تحقيق أرباح وتخفيف العبء المالي على المستهلك السعودي، لا بد وأن يكون نصب أعينها، وأن يكون ذلك هو المعيار الذي تقاس به كفاءة أداء الشركة.
كما أن التفكير خارج الصندوق لمساعدة المواطن على التوفير في فاتورة الكهرباء، مثل نشر وتسهيل استخدام الطاقة الشمسية سواء في المصانع أو القطاع السكني، ونشر وسائل ترشيد الاستهلاك الكهربائي، والاستفادة من التجارب الناجحة للدول الأخرى في هذا المجال، لا شك أنه يساعد في تعزيز الدور الوطني لشركة الكهرباء.
ومع فتح مجال تصدير الكهرباء إلى أوروبا بنهاية العام الحالي 2019، ومع استمرار عدم كفاءة الأداء، نكون قد صدرنا هذه الخدمة بأسعار تنافسية أقل لكسب مزيد من السوق الأوروبية، وتحميل المستهلك المحلي والحكومي والمساهم السعودي الخسائر المترتبة على استمرار سوء الأداء. ويحضرني هنا كيف كنا نصدر القمح ونصدر معه الإعانات الحكومية والمياه، أو نصدر الألبان وغيرها من السلع التي تعيش على مصادر شحيحة مثل المياه أو على الإعانات الحكومية.
وبعث لي أحد الإخوان استبانة لشركة الكهرباء تود من خلاله الشركة استشفاف مدى الرضا لدى المستهلك المحلي عن الخدمة الكهربائية المقدمة منها، ومدى الرضا عن الفاتورة الشهرية، وفي الحالتين كان اختياري الإجابة بـ «لا» للاثنين، بناء على تجربة شخصية، وأعتقد أن الغالبية كان لها نفس الإجابات. وعلى الشركة البحث والتحري عن أسباب عدم الرضا لدى العامة.
كثيرون هم كتبوا عن عدم الرضا عن أداء شركة الكهرباء السعودية، وكثيرون من وصفوا الهدر القائم بأنه غير مبرر، وكثيرون من تعالت أصواتهم، وكثيرون من طالب بسرعة تخصيص مختلف قطاعات الكهرباء كخطوة جوهرية لتحسين كفاءة الأداء وتخفيض تكلفة الوحدة الواحدة من الإنتاج الكهربائي، لكن الاستجابة وإلى الآن محدودة، والمستهلك هو من يتحمل هذه التكاليف الإضافية.
أما مشروع إيصال الكهرباء إلى أوروبا فهو يمر خلال مشروع الربط الكهربائي ما بين السعودية ومصر بطاقة 300 ميجا وات، والمتوقع أن ينتهي قبل نهاية العام الحالي 2019، ويتم من خلال هذا الربط مد الطاقة الكهربائية إلى قبرص ومنها إلى دول الاتحاد الأوروبي التي ترتبط بشبكة كهربائية موحدة يسهل من ربط الفائض لدى السعودية في غير أوقات الذروة بأن يصل إلى مختلف أجزاء أوروبا.
وختاماً، يفترض أن يحسن هذا المشروع من كفاءة الإنتاج الكهربائي لدى الشركة السعودية من خلال تقليص الفائض الكهربائي لديها، ويزيد من الأرباح المتوقعة، إلا أنه لا يكفي ولا يرتقي إلى طموحاتنا بإيجاد شركة رشيقة خفيفة في وزنها، ولا بد من التخلص من الدهون التي تراكمت عليها خلال العقود الماضية بعمليات جراحية واحدة تلو الأخرى دون كلل.
كما أن علينا دفعها إلى مضمار السباق مع غيرها من خلال تحرير القطاع، ودفعها إلى العمل وفق معيار الربحية، والعمل على الابتكار، وخلق منتجات جديدة، وإيجاد الحلول لتقلل -إن لم تمنع بالكامل- الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي في مختلف الأوقات والفصول، هي إجراءات ضرورية، تفيد المستهلك وتكسبه في صفها، وتدفعها لأن تكون شركة سعودية رائدة.
* مستشار اقتصادي ونفطي دولي
sabbanms@