كتاب ومقالات

في الفساد.. انتهى وقت: «ويلٌ للمبلِّغين»

تلميح وتصريح

حمود أبو طالب

أجرت «عكاظ» قبل أيام حواراً مع المتحدث باسم الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) تطرق فيه إلى جوانب كثيرة في ملفات الفساد الذي قررت الإرادة السياسية لجم تغوله وكبح سطوته وجبروته، كلها مهمة تلك الجوانب التي غطاها الحوار لكن لا يتسع المجال للتعليق عليها، ولعلنا نختار منها جانبين هما زيادة نسبة البلاغات ونظام حماية المبلغين والشهود.

يقول المتحدث إن عدد البلاغات التي وصلت إلى الهيئة في عام 2018 بلغ 7421 بلاغا بنسبة زيادة 50% عن العام السابق. هذا تطور مهم في مكافحة الفساد يعكس أولاً الحس الأخلاقي والوطني للمجتمع وغيرته على مقدرات وطنه ودخوله في شراكة فعلية مع الدولة للوقوف ضد ممارسات الفساد. لقد شعر المواطن أن مكافحة الفساد لم تعد ملفاً للاستهلاك الإعلامي والحديث المجاني، وإنما مشروع دولة تكافحه بإرادة قوية وقبضة أقوى لا تستثني أحداً، وما حدث في الحملة الكبرى لمحاسبة بعض المتهمين الكبار تأكيد على ذلك، لم يكن يتخيل أي مواطن أنه سيحدث ذات يوم، لذلك تشجع المواطنون على الإبلاغ عن قضايا الفساد بعد تأكدهم أن بلاغاتهم لن تذهب سدى فارتفعت نسبة البلاغات إلى ما وصلت إليه.

أما السبب الثاني وربما الأهم الذي كان يدفع الناس للتردد أو الامتناع عن التبليغ هو تعرضهم للأذى الشديد من الجهات التي يبلغون عنها خصوصا إذا كانوا يعملون فيها، فقد سمعنا سابقا عند نشوء الهيئة بأنها كانت تخاطب الجهة المبلغ عنها للتحقق من القضية المرفوعة ضدها وتزودها باسم المبلغ، وهذه قمة الكوميدياء السوداء التي راح ضحيتها كثير من المبلغين بعد أن نكّلت بهم إداراتهم.

الآن الأمر مختلف جدا، فالهيئة أصبحت ملزمة بحماية المبلغين والشهود بموجب أمر سام قضى بإعداد نظام لحمايتهم يتوقع صدوره قريبا بحسب إفادة متحدث الهيئة، ليس ذلك فحسب بل هناك مكافآت للمبلغين بحسب أهمية القضية، وبذلك نحن نتحدث الآن عن منظومة حكومية وشعبية لمكافحة الفساد بموجب أنظمة وقوانين معتمدة وسارية، تدعمها إرادة ملكية وأمر سام بحماية المبلغين والشهود، وبذلك سيضيق الخناق كثيراً على الفاسدين أينما كانوا.

* كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com