كتاب ومقالات

المرأة العاملة السعودية تنافس العمالة الأجنبية

عبدالله صادق دحلان

من يتابع سوق العمل السعودي في السنوات الثلاث الأخيرة يلحظ أن هناك تغيرا جذريا في هيكلة سوق العمل، حيث دخل العنصر النسائي بقوة لسوق العمل منافسا بل بديلا لنسبة كبيرة من العمالة الأجنبية التي تعمل في قطاع تجارة التجزئة بجميع أنواعها، ومنافسا قويا للعمالة الرجالية السعودية والأجنبية في قطاع الخدمات، والحقيقة أن دخول العنصر النسائي للعمل في قطاعات كانت محتكرة من قبل العنصر الذكوري سواء من السعوديين أو الأجانب أثبت أن المرأة السعودية هي الرهان الأقوى للعمل كبديل للعمالة الأجنبية في بعض القطاعات من تجارة التجزئة والخدمات التي أحجم عن الدخول فيها الشباب السعودي، ويعود الفضل أولا للسياسات والإجراءات الجديدة التي اتخذتها حكومة المملكة العربية السعودية في السماح للمرأة بالمشاركة في العمل في العديد أو في معظم الوظائف اللائقة بها، وهو توجه إيجابي يحسب للقيادة السعودية، ساهم في رفع مساهمة المرأة في العمل حتى وصل عدد النساء العاملات في نهاية الربع الأخير من العام الماضي حوالى 600 ألف موظفة سعودية، وهي نتائج إيجابية للمبادرات والبرامج والخطط التي أطلقتها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية من خلال المؤسسات التابعة لها مثل صندوق الموارد البشرية (هدف) والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وبنك التنمية الاجتماعية والوكالات المتخصصة في مجال التوطين بالتعاون مع القطاعات الحكومية والخاصة والتي كان لتعاونها رفع نسب التشغيل للمرأة السعودية بمختلف تخصصاتها ودرجاتها العلمية.

ولا بد لي أن أسجل تقديري لوزارة العمل، ممثلة في وكالة التوطين والتنمية الاجتماعية، التي أبرمت اتفاقيات وشراكات إستراتيجية وتعاونات مع 18 جهة حكومية وخاصة تستهدف توطين مهن ووظائف متخصصة في القطاعات الطبية والاتصالات وتقنية المعلومات والصناعة والاستشارات الهندسية والتجارة والسياحة والتجزئة والنقل والمقاولات ومهن المحاسبة والمحاماة، هذا بالإضافة إلى دعم التوجه للعمل للحساب الخاص والذي دفع بآلاف من السيدات السعوديات لدخول مجال العمل لحسابهن الخاص، حتى أصبحت المبادرات في قطاع الأعمال يمثلن ظاهرة بارزة في قطاع الخدمات وتجارة التجزئة والتسويق.

وللحقيقة لا بد أن نعترف أننا ولنصف قرن عطلنا قوة عاملة قادرة على الإنتاج وحتى اليوم تمثل قوة عمل قوية منافسة للعمالة الذكورية ولو لم تثبت العمالة الذكورية نفسها سوف تجد نفسها في يوم من الأيام داخل قائمة نسب البطالة في المملكة، ولن تكون المنافسة في مجال الوظائف التنفيذية فقط بل ستكون المنافسة قوية في الوظائف القيادية أيضا حيث تخطط وزارة العمل من خلال برامج متخصصة لتأهيل 1000 امرأة سعودية لتولي مناصب قيادية في منشآت القطاع الخاص.

إن البرامج الجديدة المتخصصة التي أطلقتها وزارة العمل منها برنامج (وصول) لدعم انتقال الموظفات السعوديات العاملات، وبرنامج (قرة) لرعاية أطفال العاملات، وبرنامج (تمهيد) للتدريب على رأس العمل لمواءمة المهارات المطلوبة لسوق العمل.

نعم لعمل المرأة السعودية ونعم لدعم المبادرات من سيدات الأعمال السعوديات، وإن سياسة تمكين المرأة من العمل ومنحها بعضا من الامتيازات والحقوق تؤكد أن سياسة المملكة تجاه المرأة السعودية تتماشى مع نظم العمل الدولية ولا يوجد تفريق في الأجور والمميزات وجنس العمالة، وإن المبادرات والبرامج الداعمة لعمل المرأة ودعم سيدات الأعمال متقدمة جدا عن العديد من دول العالم، كما أن نظام العمل السعودي هو نظام يعتمد على الشريعة الإسلامية أولا ومتناسق مع نظم العمل الدولية.

إن أهم ما يميز المجتمع السعودي هو ترحيبه بدخول المرأة السعودية سوق العمل، وأهم ظاهرة إيجابية هو حفاظ العنصر الذكوري على سلامة التعامل الراقي بالعنصر النسائي بعيدا عن المؤثرات السلبية التي كان يخشى على المرأة منها وعلى وجه الخصوص التحرش والخصوصية، حيث أثبت الشباب السعودي رقي تعامله معها كأخت له في سوق العمل لها حقوقها عليه، والمتابع لسلوك التعامل بين المرأة والرجل العامل في مجال العمل يلحظ هذه الظاهرة الإيجابية وأنهما عنصران مكملان لبعضهما، وهذا يؤكد نجاح سياسة الدولة في تشغيل المرأة السعودية، وأنا إذ أسجل هذا من واقع عملي ومتابع يومي، حيث إن زوجتي وابنتي وزوجات أبنائي من النساء العاملات اللاتي يتمتعن بكل احترام وتقدير من زملائهن في العمل.

* كاتب اقتصادي سعودي

abdullahdahlan@yahoo.com