كتاب ومقالات

تطوّع وزارة الصحة

مفتاح ضائع

أنمار مطاوع

(الطب) له أكثر من تعريف.. كلها تدخل تحت مظلتين كبيرتين؛ الأولى تتحدث عن مهنة الطب من الجانب الإنساني بتعريفاته القديمة التي تحتوي على مصطلحات المثل العليا؛ مثل: المهنة السامية.. المهنة النبيلة.. الإنسانية، وهي تعريفات جار عليها الزمان وتركها خارج بوابات الفكر المادي الذي يحوّل كل جمال إنساني إلى ساحة مرابحة.. وبقيت التعريفات المرتبطة بتقديم العلاج للمرضى وتوفير الرعاية الصحية لهم.. وكأنها أصبحت مهنة كأي مهنة مادية أخرى؛ الهندسة.. العقار.. المحاسبة.

رغم نجاح فكرة تحويل الطب إلى تجارة -على مستوى العالم بشكل عام-؛ وهي تجارة رابحة جدا لأنها تتاجر بالصحة، إلا أن الأطباء السعوديين كسروا تلك المفاهيم المادية.. وقدموا مفهومهم لرسالة الطب العليا.. تلك التي تحمل المصطلحات سالفة الذكر؛ سامية ونبيلة وإنسانية.. عبر (التطوع).. بالقيام بزيارات تطوعية للمحافظات الصغيرة والقرى النائية والهجر.. لتقديم المشورات الطبية وإجراء العمليات الجراحية المجانية.. سواء خلال الإجازة الأسبوعية أو السنوية.

هذه الخطوات الإيجابية لم تواكبها خطوات تنظيمية من وزارة الصحة -الجهة التي تصرح بالقيام بهذه الأعمال التطوعية-.. بل على العكس: (وضعت شروطا «معقدة»).. حسب وصف بعض الأطباء، تحول دونها. فتوجه الأطباء والممرضون وفنيو المختبر.. ومن في حكمهم.. للأعمال التطوعية خارج الوطن.. لأن شروط التطوع في الخارج -حسب وصفهم- سهلة ومشجّعة.

الوزارة وضعت شروطا للتطوع في المجال الطبي، ومن حقها.. بل من واجبها أن تفعل ذلك.. لكن هذا لا يمنع أن تقوم الوزارة ذاتها بتنظيم الأعمال التطوعية وتيسيرها.. لخدمة القرى النائية والهجر.. ففي النهاية صحة المجتمع تعود بالفائدة على الجميع وتوفر على الوزارة -على المديين القريب والبعيد- الكثير من المال والجهد والوقت.. خصوصا أن قيم الوزارة في خطتها الاستراتيجية تبدأ بـ(المريض أولا) وتنتهي بـ(الشراكة مع المجتمع). هذه القيم تستطيع الوزارة أن تترجمها بأكثر من مبادرة.. من أهمها تيسير الأعمال التطوعية للممارسين الطبيين داخل المملكة.. لتكون هي حلقة الوصل بين الراغب في تقديم خدمات تطوعية في المجال الطبي؛ طبيب، ممرض، فني مختبر.. والمجتمع.. وذلك بالتنسيق مع الجهات التابعة لها في كافة الأماكن والمناطق النائية التي لا يتوفر لديها مستشفى متخصص.. أو عليها ضغط مواعيد.. أو يصعب الوصول إليها.. ولو عن طريق الخدمات الطبية المتنقلة.

الوزارة حلقة وصل بين الكادر الطبي والمرضى في مجال العمل التطوعي.. وليست حجر عثرة بينهما.

* كاتب سعودي

anmar20@yahoo.com