كتاب ومقالات

الطريقة النيوزيلندية بمكافحة الإرهاب

بشرى فيصل السباعي

وسط العتمة الحالكة للجريمة الإرهابية ضد مسجدين في نيوزيلندا وما حرك الإرهابي للقيام بها شهد العالم وسطها نقطة نور منحت أملا جديدا للعالم بوجود نموذج آخر للقيادة السياسية الكارزماتية لا تكون متمحورة حول الدعاية السلبية وتهييج العصبيات الغوغائية والألاعيب السياسية وتمثل هذا النموذج المشرق الملهم في شخصية وسلوك وخطاب رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن -37 عاما- ولا عجب أنه في أعقاب جمعة الحداد على الضحايا رفعت عرائض إلى لجنة نوبل لمنحها جائزة نوبل للسلام؛ فمنذ الساعات الأولى للاعتداء بدا خطابها مخلصا بالتعاطف وشجاعا في الوقوف ضد تيار اليمين المتطرف الذي يجتاح الغرب بسبب العمليات الإرهابية التي قام بها إسلامويون في الغرب، وأعلنت حظر تملك الأسلحة، وأشعر خطابها الجالية المسلمة بأن مصابهم مصاب لكل نيوزيلندا بينما زعيم غربي ببلد آخر انحاز لمتطرفي اليمين، وعلى مدار الأيام التي تلت الاعتداء يصعب حصر مظاهر التعاطف الرائعة مع الجالية المسلمة التي قامت بها أرديرن والشعب النيوزيلندي بكل شرائحه رغم أن الارهابي لم يكن نيوزيلنديا إنما أسترالي، ومن لطف مراعاتهم لمشاعر المسلمين تم تمويه وجه الإرهابي وهو بالمحكمة لإخفاء ابتسامته، وقالت إنها لن تذكر اسمه لأنه يجب أن يحرم من الشهرة التي يطمع بها، ومن أبرز مبادرات التعاطف؛ ارتداء أرديرن للحجاب ولون الحداد الأسود طوال الأسبوع الأول وبخاصة عند حضورها مع عشرات الآلاف لأول خطبة جمعة بعد الاعتداء واقتدت بها النيوزيلنديات وارتدين الحجاب بمن فيهن المذيعات والشرطيات وخلع رجال الشرطة قبعاتهم إظهارا لتبجيل الضحايا ووضعوا شارات خضراء للتضامن، وتم رفع الأذان بكل الإذاعات والمحطات والوقوف دقيقتي صمت للحداد، وبدأت أرديرن خطابها بالتحية الإسلامية وتلت الحديث النبوي «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم..»، وأمرت الشرطة المحلية بأخذ دروس إسلامية في مسجد النور الذي تعرض للاعتداء، بالإضافة للرموز التعبيرية وهاشتاقات التضامن بمواقع التواصل النيوزيلندية، وصفحات بالعربية بالصحف النيوزيلندية، رغم أن المسلمين يمثلون فقط 1% من سكان نيوزيلندا، والطريقة النيوزيلندية بمكافحة الإرهاب تتلخص في التالي؛ فعند حصول عملية إرهابية تستفز نزعة «كبرياء الأنا» الغرائزية الحمائية الدفاعية لدى قوم الضحايا باتجاه إرادة الانتقام والثأر لكن عندما يحتضنهم التعاطف العام فهذا يطفئ شرارة إرادة الانتقام من جهة ومن جهة أخرى هو يجعل الخصوم المتطرفين يرون عدم جدوى العمليات الإرهابية لأنها لم تحرك الرأي العام لتأييدهم كما كانوا يأملون إنما جعلت بلدهم يحتضن المسلمين والإسلام بش

كل أكبر وبهذا تنقطع سلسلة الإرهاب المتبادل.

* كاتبة سعودية

bushra.sbe@gmail.com