كتاب ومقالات

وزارة التعليم ودرس الجنائز !

تلميح وتصريح

حمود أبو طالب

هل بإمكاننا أن نلوم كثيراً المعلم الذي ذهب بطلابه إلى مغسلة الموتى وشرح لهم درساً عملياً عن كيفية غسل الميت وتكفينه. وهل هناك منطق في استياء الوزارة وتشكيل لجنة من تعليم الطائف للتحقيق مع المعلم، إذ يبدو أن الوزارة تناقض نفسها فبحسب ما نشرت هذه الصحيفة يوم ٢ أبريل فإن الدرس موجود في منهج طلاب المرحلة المتوسطة «درس الجنائز»، وما قام به المعلم لا يزيد على التطبيق العملي للدرس كاجتهاد منه، وهذا المعلم كما أفاد خبر «عكاظ» أحد المرشحين لجائزة التميز في التعليم، وبالتالي كيف تستاء الوزارة من تطبيق عملي لدرس موجود في مناهجها، وكيف تحاسب المعلم على ما قام به؟

شخصياً، كنت أظن أنه قد انتهى زمن سحب الطلاب إلى المقابر والقيام بتجارب عملية داخل القبور المفتوحة، وأخذهم إلى مغاسل الموتى لتطبيق غسل وتكفين الميت، كان هذا النشاط المدمر ممارساً على مرأى ومسمع الجميع وبعلم إدارات التعليم والوزارة، ولم يكن أحد يتدخل لإيقاف ذلك النشاط المدمر لنفسيات طلاب في عمر الطفولة والإقبال على الحياة. كنا نعرف أن تلك الممارسة ليست سوى تجهيز الطلاب للموت حتى يصبح موضوعاً عادياً في طريق استقطابهم لاحقاً ككوادر في مشاريع التنظيمات الانتحارية التي حصدت كثيراً من شبابنا بعد أن تشبعوا بفكرة الموت.

ولكن يُفترض أن تلك المرحلة قد انتهت، وأن وزارة التعليم قد انتبهت لكثير من المواد والممارسات الضارة في مناهجها وفي النشاط الطلابي بعد أن حصدنا الويلات من ذلك. الوزارة تتحدث كثيراً في هذه المرحلة عن مراجعة مناهجها وتنقيتها، وضبط السلوكيات الضارة في برامج النشاط المدرسي ومتابعة المعلمين لضمان عدم تكريسهم للمناهج الخفية، ولكن في ذات الوقت لا نعرف ما هي الفائدة من وضع درس الجنائز لطلاب صغار في منهج الوزارة، وأي جدوى من ذلك سوى الخوف والرعب والكوابيس التي لن تفارق مخيلاتهم.

إذا كان هناك لوم على هذا المعلم، فإن اللوم الأكبر يقع على وزارة التعليم التي تضع درساً في منهجها ثم تغضب من معلم قام بتطبيقه.

* كاتب سعودي