كم مساحة إسرائيل بعد 20 سنة من الآن؟
الثلاثاء / 04 / شعبان / 1440 هـ الثلاثاء 09 أبريل 2019 01:33
عبداللطيف الضويحي
تستطيع إسرائيل بيمينها ويسارها، ليكودها وعملها وأزرقها وأبيضها، أن تعلن ضم الضفة الغربية سواء كان الإعلان لأسباب انتخابية أو لأسباب إستراتيجية أو دينية تلمودية، بعد أن أعلنت ضم مرتفعات الجولان السورية، وبعد أن أعلنت قبلها القدس الموحدة عاصمة للكيان الصهيوني. إسرائيل تستطيع أن تعلن ضم ما تشاء متى تشاء، طالما أن مرجعية إسرائيل ليست القانون الدولي ولا مقررات الأمم المتحدة ولا المواثيق الدولية. إسرائيل مستمرة في التنكّر لكل الاتفاقات التي توقع عليها وتصادقها حتى تلك التي يكون فيها أطراف دوليون متى شاءت، ولا أعرف شخصياً اتفاقاً أو قراراً وقعتهما إسرائيل مع كل من الفلسطينيين والمصريين والأردنيين واحترمتهما، الاتفاقات والقرارات بالنسبة لإسرائيل هما قبول مؤقت بعد وربما قبل أن يجف حبر توقيعهما.
إسرائيل تقبل وتأخذ وتطبق ما يناسبها ويخدم مصلحتها فقط من أي اتفاق، ثم تتنكر لباقي الاتفاق، وهي تعتبر ذلك ذكاءً وعبقرية، ولا ترى في ذلك ما يراه القانون الدولي والأعراف والقيم في العالم. ها هو اتفاق أوسلو يقف أمامنا شاهداً على سلوك وأخلاقيات إسرائيل الحكومة والأحزاب والشعب من خلال تفريغ هذا الاتفاق من محتواه إلا ما خدم ويخدم مصلحة إسرائيل.
عندما تنقلب إسرائيل على الاتفاقات والمعاهدات الدولية والثنائية والقانون الدولي وتتنكر لكل ذلك بشكل دائم ومتكرر ومستمر، هي تعتبر ذلك ذكاءً وعبقرية خاصة بها، وتجهل أو تتجاهل أنها بتلك «العبقرية» ترسخ صورتها القائمة على الخداع وعدم موثوقيتها وانعدام الثقة في كل التعاملات مع هذا الكيان، ليس فقط مع الفلسطينيين من خلال كل المحطات التاريخية بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني، بل وحتى مع المصريين والأردنيين في اتفاقات كامب ديفيد واتفاق وادي عربة وغيرهما.
إسرائيل على ما يبدو في ثقافتها السياسية وأخلاقها تعد ذلك ذكاءً وعبقرية في التعامل مع الأطراف التي تبرم معها اتفاقات ومعاهدات. هذه الأخلاقيات والسلوكيات الإسرائيلية في عدم احترامها وتطبيقها لما توقع عليه، يجب أن يفهمها الفلسطينيون والعرب وأن تكون مصدر قلقٍ وشكٍ وتوجسٍ لدى الفلسطينيين والعرب وحتى الأفارقة. إن إسرائيل تقدم للفلسطينيين خاصة والعرب عامة درساً مجانياً يجب أن يتعلمه الأحفاد، بأنها طرف غير موثوق وطرف لا يحترم ميثاقاً أو شرفاً أو أخلاقاً.
إن ما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي في بداية حملته الانتخابية يوم أمس، حول الهيمنة على الضفة الغربية في فلسطين، فيما لو فاز بفترة قادمة، يجب ألا يفهم على أنه فقط لإشعال عواطف الناخبين، ويجب أن يؤخذ على محمل الجد من الإخوة الفلسطينيين سواء في رام الله أو في غزة ومن كافة الفصائل، والعمل على إنهاء الانقسام الفلسطيني ليس على صعيد المجاملات وإنما بشكل إستراتيجي يضمن عدم العودة ثانية لنفس المستنقع لاختلافات أيديولوجية أو إدارية أو غيرها، لأن هذا الانقسام هو المدماك الأساسي في بناء وتوسيع المشروع الصهيوني. إن الفرصة سانحة للفلسطينيين المتمسكين باتفاق أوسلو، بأن يتنصلوا منه وأن ينفضوا أيديهم ويتبرؤوا منه ومما خلفه من دمار للمشروع الفلسطيني، خاصة أن الطرف الإسرائيلي هو من بادر وانقلب على أوسلو.
يجب أن يعرف ويتبنى الإخوة الفلسطينيون القناعة واليقين بأن الدور الفلسطيني الوطني في غزة ورام الله في حال النزاع مع الكيان الإسرائيلي الغاصب هو بنسبة 80% دور فلسطيني، لأنه يقوم على العمل الميداني ولصلته المباشرة بالحياة اليومية وارتباطه بطبيعة الصراع، بينما 10% هو دور عربي، وكان يجب أن يكون أكثر لولا التخوف من التأثير السلبي للخلافات العربية العربية. وأخيراً فإن 10% من الحل للمسألة الفلسطينية هو دولي وتحديداً في مجلس الأمن.
دون وضع حد للانقسام الفلسطيني، ووضع إستراتيجية فلسطينية وطنية في مقاومة الاحتلال على كل الصعد، ودون اتفاق عربي على تفعيل مقررات جامعة الدول العربية وإسناد الشعب الفلسطيني والضغط على المجتمع الدولي من خلال الآليات السياسية والاقتصادية الأممية والدولية والإقليمية، دون كل هذا، ستستمر إسرائيل بقضم الأراضي العربية وضمها من كل الدول العربية وفي كل الاتجاهات وبمختلف الحجج والادعاءات، وستجد من ينافقها من دول العالم بالموافقة على قراراتها، وستجد من يخافها من دول العالم فينصاع لقراراتها، وستجد من تغريه إسرائيل في مغامرة الاعتراف بقراراتها مثلما وجدت إسرائيل من يقر بهيمنتها على القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي. وسوف لن نتفاجأ لا سمح الله بهيمنة إسرائيل على المزيد من دولنا العربية ومضاعفة مساحتها إلى 3 أو 4 أضعاف مساحة الكيان الصهيوني الحالي؛ لأنها كما أسلفت كيان لا يحترم المواثيق ولا يقيم وزناً للاتفاقات ولا يؤمن سوى بالقوة والذكاء فقط.
لكن قوة وذكاء إسرائيل سيتم تعطيلها وتحييدها على صخرة الوحدة الفلسطينية، وتوحيد جهود الدول العربية والصديقة، إذا ما أراد الفلسطينيون والعرب والأصدقاء ذلك.
* كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org
إسرائيل تقبل وتأخذ وتطبق ما يناسبها ويخدم مصلحتها فقط من أي اتفاق، ثم تتنكر لباقي الاتفاق، وهي تعتبر ذلك ذكاءً وعبقرية، ولا ترى في ذلك ما يراه القانون الدولي والأعراف والقيم في العالم. ها هو اتفاق أوسلو يقف أمامنا شاهداً على سلوك وأخلاقيات إسرائيل الحكومة والأحزاب والشعب من خلال تفريغ هذا الاتفاق من محتواه إلا ما خدم ويخدم مصلحة إسرائيل.
عندما تنقلب إسرائيل على الاتفاقات والمعاهدات الدولية والثنائية والقانون الدولي وتتنكر لكل ذلك بشكل دائم ومتكرر ومستمر، هي تعتبر ذلك ذكاءً وعبقرية خاصة بها، وتجهل أو تتجاهل أنها بتلك «العبقرية» ترسخ صورتها القائمة على الخداع وعدم موثوقيتها وانعدام الثقة في كل التعاملات مع هذا الكيان، ليس فقط مع الفلسطينيين من خلال كل المحطات التاريخية بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني، بل وحتى مع المصريين والأردنيين في اتفاقات كامب ديفيد واتفاق وادي عربة وغيرهما.
إسرائيل على ما يبدو في ثقافتها السياسية وأخلاقها تعد ذلك ذكاءً وعبقرية في التعامل مع الأطراف التي تبرم معها اتفاقات ومعاهدات. هذه الأخلاقيات والسلوكيات الإسرائيلية في عدم احترامها وتطبيقها لما توقع عليه، يجب أن يفهمها الفلسطينيون والعرب وأن تكون مصدر قلقٍ وشكٍ وتوجسٍ لدى الفلسطينيين والعرب وحتى الأفارقة. إن إسرائيل تقدم للفلسطينيين خاصة والعرب عامة درساً مجانياً يجب أن يتعلمه الأحفاد، بأنها طرف غير موثوق وطرف لا يحترم ميثاقاً أو شرفاً أو أخلاقاً.
إن ما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي في بداية حملته الانتخابية يوم أمس، حول الهيمنة على الضفة الغربية في فلسطين، فيما لو فاز بفترة قادمة، يجب ألا يفهم على أنه فقط لإشعال عواطف الناخبين، ويجب أن يؤخذ على محمل الجد من الإخوة الفلسطينيين سواء في رام الله أو في غزة ومن كافة الفصائل، والعمل على إنهاء الانقسام الفلسطيني ليس على صعيد المجاملات وإنما بشكل إستراتيجي يضمن عدم العودة ثانية لنفس المستنقع لاختلافات أيديولوجية أو إدارية أو غيرها، لأن هذا الانقسام هو المدماك الأساسي في بناء وتوسيع المشروع الصهيوني. إن الفرصة سانحة للفلسطينيين المتمسكين باتفاق أوسلو، بأن يتنصلوا منه وأن ينفضوا أيديهم ويتبرؤوا منه ومما خلفه من دمار للمشروع الفلسطيني، خاصة أن الطرف الإسرائيلي هو من بادر وانقلب على أوسلو.
يجب أن يعرف ويتبنى الإخوة الفلسطينيون القناعة واليقين بأن الدور الفلسطيني الوطني في غزة ورام الله في حال النزاع مع الكيان الإسرائيلي الغاصب هو بنسبة 80% دور فلسطيني، لأنه يقوم على العمل الميداني ولصلته المباشرة بالحياة اليومية وارتباطه بطبيعة الصراع، بينما 10% هو دور عربي، وكان يجب أن يكون أكثر لولا التخوف من التأثير السلبي للخلافات العربية العربية. وأخيراً فإن 10% من الحل للمسألة الفلسطينية هو دولي وتحديداً في مجلس الأمن.
دون وضع حد للانقسام الفلسطيني، ووضع إستراتيجية فلسطينية وطنية في مقاومة الاحتلال على كل الصعد، ودون اتفاق عربي على تفعيل مقررات جامعة الدول العربية وإسناد الشعب الفلسطيني والضغط على المجتمع الدولي من خلال الآليات السياسية والاقتصادية الأممية والدولية والإقليمية، دون كل هذا، ستستمر إسرائيل بقضم الأراضي العربية وضمها من كل الدول العربية وفي كل الاتجاهات وبمختلف الحجج والادعاءات، وستجد من ينافقها من دول العالم بالموافقة على قراراتها، وستجد من يخافها من دول العالم فينصاع لقراراتها، وستجد من تغريه إسرائيل في مغامرة الاعتراف بقراراتها مثلما وجدت إسرائيل من يقر بهيمنتها على القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي. وسوف لن نتفاجأ لا سمح الله بهيمنة إسرائيل على المزيد من دولنا العربية ومضاعفة مساحتها إلى 3 أو 4 أضعاف مساحة الكيان الصهيوني الحالي؛ لأنها كما أسلفت كيان لا يحترم المواثيق ولا يقيم وزناً للاتفاقات ولا يؤمن سوى بالقوة والذكاء فقط.
لكن قوة وذكاء إسرائيل سيتم تعطيلها وتحييدها على صخرة الوحدة الفلسطينية، وتوحيد جهود الدول العربية والصديقة، إذا ما أراد الفلسطينيون والعرب والأصدقاء ذلك.
* كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org