من الذي أسقط الرئيس ؟
الاثنين / 10 / شعبان / 1440 هـ الاثنين 15 أبريل 2019 01:43
عبدالرحمن الطريري
في بداية الاحتجاجات في السودان، كان يبدو البشير معبرا عن أكثر القيادات الإقليمية قدرة على نسج علاقات مع الأضداد، فلديه علاقة مع مصر والسعودية والإمارات، ولديه أيضا علاقة جيدة مع قطر وتركيا، وكانت له زيارته الشهيرة إلى بشار الأسد، كأول وربما آخر رئيس عربي يزور بشار الأسد منذ بدء الثورة السورية.
كان علي عبدالله صالح يتحدث في وصفه لليمن عن الرقص مع الأفاعي، لكن يبدو أن البشير كان يعتبر الداخل أمرا ثانويا، وأن ما يبقيك على الكرسي في حقيقية الأمر الرغبات الدولية، وأما الداخل فكانت له الحلول الأمنية، والخطابات الرنانة التي ترافقها عصا الرئيس.
حتى زيارته لبشار الأسد لا يمكن أن تُفهم أكثر من مزيد من التقارب مع موسكو، التي تسعى لإعادة تأهيل نظام الأسد، مرة عبر أصوات لبنانية تطالب بإعادة مقعد سورية للجامعة العربية، ومرة عبر تسويق خطوات مثل إعادة اللاجئين وإعادة الإعمار قبل أن ينتهي الدمار.
وكان البشير صرح بأنه لا ينوي الترشح لانتخابات 2020، ولكنه عاد في العام الماضي ليعلن الحزب تمسكه بالبشير مرشحا رئاسيا، لكن القدر أراد له أن يتخلى عن مقعده قبلها بعام.
كل التحية للشعب السوداني الذي كانت احتجاجاته خلال الأشهر الخمسة الماضية سلمية وواعية، وكان واعيا حتى لممارسات الأمن في تحويل الاحتجاجات السلمية إلى مظاهرات عنف، والحقيقة كانت الخشية واردة من تكرار سيناريو «معركة الجمل» في ميدان التحرير بالقاهرة.
وكان تحرك الجيش أيضا مهما لحماية المتظاهرين من أي خروج عن النسق، خصوصا من قبل مجموعات عنف بزي مدني كانت تستخدم من لدن النظام، لقمع الاحتجاجات السابقة.
ويبدو أن هناك جدية من الجيش في تطهير النظام من الأوجه المقربة من البشير، فكان لافتا استقالة وزير الدفاع الفريق أول ركن عوض بن عوف من رئاسة المجلس العسكري الانتقالي، الجمعة، بعد يوم واحد فقط له في المنصب، تلاها استقالة لافتة لمدير جهاز الأمن والمخابرات صلاح عبدالله محمد المشهور باسم صلاح قوش، والذي له تاريخ سيئ في ملفات قتل المتظاهرين.
الجيش يسعى إلى حماية سلمية الثورة، وإزالة الرموز المستفزة، الجانب الآخر يعتمد على المعارضة وقدرتها على تجاوز أخطاء تجارب عربية أخرى، وعلى رأسها عدم اعتبار الإخوان بديلا مناسبا يقبل الآخر وأنه خيار أنسب من «العسكر»، لأن البشير مثل السوأتين معا.
ومن أهم واجبات الاحتجاجات إنتاج قيادات قادرة بالفعل على قيادة بلد بحجم السودان، ولكن الأهم أن يكون هناك سعي لجعل مصلحة السودان أولا، دون تنافس يفقد الجميع فرصة تحقيق أي أكثرية، والسودان بلد المتعلمين والنوابغ لا يخلو من كوادر كثيرة وغير مؤدلجة.
اليوم السودان يحظى باحترام الخيارات الشعبية، والخطوات التي اتخذت من قبل الجيش، وبدعم من السعودية ومصر، وهذه فرصة له ليمثل نموذجا مميزا في الانتقال السلمي للسلطة، ويعيد السودان بلد الخيرات إلى المكانة التي يستحقها عالميا.
* كاتب سعودي
Twitter: @aAltrairi
Email: me@aaltrairi.com
كان علي عبدالله صالح يتحدث في وصفه لليمن عن الرقص مع الأفاعي، لكن يبدو أن البشير كان يعتبر الداخل أمرا ثانويا، وأن ما يبقيك على الكرسي في حقيقية الأمر الرغبات الدولية، وأما الداخل فكانت له الحلول الأمنية، والخطابات الرنانة التي ترافقها عصا الرئيس.
حتى زيارته لبشار الأسد لا يمكن أن تُفهم أكثر من مزيد من التقارب مع موسكو، التي تسعى لإعادة تأهيل نظام الأسد، مرة عبر أصوات لبنانية تطالب بإعادة مقعد سورية للجامعة العربية، ومرة عبر تسويق خطوات مثل إعادة اللاجئين وإعادة الإعمار قبل أن ينتهي الدمار.
وكان البشير صرح بأنه لا ينوي الترشح لانتخابات 2020، ولكنه عاد في العام الماضي ليعلن الحزب تمسكه بالبشير مرشحا رئاسيا، لكن القدر أراد له أن يتخلى عن مقعده قبلها بعام.
كل التحية للشعب السوداني الذي كانت احتجاجاته خلال الأشهر الخمسة الماضية سلمية وواعية، وكان واعيا حتى لممارسات الأمن في تحويل الاحتجاجات السلمية إلى مظاهرات عنف، والحقيقة كانت الخشية واردة من تكرار سيناريو «معركة الجمل» في ميدان التحرير بالقاهرة.
وكان تحرك الجيش أيضا مهما لحماية المتظاهرين من أي خروج عن النسق، خصوصا من قبل مجموعات عنف بزي مدني كانت تستخدم من لدن النظام، لقمع الاحتجاجات السابقة.
ويبدو أن هناك جدية من الجيش في تطهير النظام من الأوجه المقربة من البشير، فكان لافتا استقالة وزير الدفاع الفريق أول ركن عوض بن عوف من رئاسة المجلس العسكري الانتقالي، الجمعة، بعد يوم واحد فقط له في المنصب، تلاها استقالة لافتة لمدير جهاز الأمن والمخابرات صلاح عبدالله محمد المشهور باسم صلاح قوش، والذي له تاريخ سيئ في ملفات قتل المتظاهرين.
الجيش يسعى إلى حماية سلمية الثورة، وإزالة الرموز المستفزة، الجانب الآخر يعتمد على المعارضة وقدرتها على تجاوز أخطاء تجارب عربية أخرى، وعلى رأسها عدم اعتبار الإخوان بديلا مناسبا يقبل الآخر وأنه خيار أنسب من «العسكر»، لأن البشير مثل السوأتين معا.
ومن أهم واجبات الاحتجاجات إنتاج قيادات قادرة بالفعل على قيادة بلد بحجم السودان، ولكن الأهم أن يكون هناك سعي لجعل مصلحة السودان أولا، دون تنافس يفقد الجميع فرصة تحقيق أي أكثرية، والسودان بلد المتعلمين والنوابغ لا يخلو من كوادر كثيرة وغير مؤدلجة.
اليوم السودان يحظى باحترام الخيارات الشعبية، والخطوات التي اتخذت من قبل الجيش، وبدعم من السعودية ومصر، وهذه فرصة له ليمثل نموذجا مميزا في الانتقال السلمي للسلطة، ويعيد السودان بلد الخيرات إلى المكانة التي يستحقها عالميا.
* كاتب سعودي
Twitter: @aAltrairi
Email: me@aaltrairi.com