ثقافة وفن

نَقْرَةً نَقْرَةً فوقَ جِلْدِ الغَزال

مهنّد ساري

مهنّد ساري

اسْتَعِدَّ إِذًا جَيّدًا،

بِيَدَيْنِ مُحرَّرَتَيْنِ، وطَبْلٍ فَريدٍ

وخِفَّةِ هذي الأَصابعِ في النَّقْرِ...

كَفّاكَ/ قلْباكَ في جانبيكَ

- وطَيِّعَتانِ.. ودافئتانِ-

وقلبُكَ-أَيضًا-كَطَبْلِكَ هذا:

خفيفٌ.. فَرِيْدُ

..

نَقْرَةً.. نَقْرَةً.. فوقَ جِلْدِ الغَزالِ

ويتَّضِحُ اللّونُ في الكلِماتِ لتَتْبَعَها نَحْوَ

مائِكَ..

ما يَفْعَلُ الرَّمْلُ في رئتيكَ وهذا

الصّدى؟

لكَ وَجْهٌ وَحيدٌ بِمِرآةِ لَيْلِكَ

وَجْهٌ.. وَحِيْدُ

.

رُبّما كوْكَبٌ يَتَهشّمُ في طَرَفٍ غامضٍ منْ

أَقاصي المجَرَّةِ...

فاحْذَرْ طريقَ المجازاتِ إنْ

خُضْتَ فيه كما خاضَ غيرُكَ..

تُفّاحةٌ سَقَطَتْ من يَديْكَ لأَعْلى

وأنتَ تُفلِّي كلامَكَ:

فالشِّـعْرُ في الجاذبيّةِ يَعْلو/ يَخِفُّ

يَخِفُّ/ ويَعْلو

ولكنّهُ أَبَدًا.. لا يَعُوْدُ !

..

أنتَ مَرْمَى الرّياحِ التي انْتَهَبَتْ كُلَّ غاباتِها

تَتَكَسَّرُ حولَكَ آنِيةٌ، وكواكبُ موجوعةٌ

تتكسّرُ حتّى الدّقائقُ في وقْتِكَ الحجَريِّ،

وتَبْكي كثيرًا بآناءِ هذا النّهارِ ولَيْلِكَ..

بينها أَنتَ تَبْكي، وتَهْمِسُ:

يا قلْبُ،

هل أَنتَ مثْليَ حَقًّا.. سَعيدُ !؟

..

لم تَزَلْ واثقًا بِحُدُوسِكَ في الكَلِماتِ/

تُعِيْدُ

لصَلْصالها ماءَها المُسْتَبِدَّ

وتَمْسَحُ عن وجْهِها الملْحَ..

عَصْرَيْنِ عِشْتَ على وَقْعِ مائهِما حَجَرِيَّينِ،

مَرَّتْ عليكَ هنا أُمَمٌ هَلَكَتْ

وسَكنْتَ بيوتًا لها قد خَوَتْ

أُمَمٌ لم تُصدِّقْ كتابًا ولا رُسُلاً

أَنتَ صدَّقْتَهُمْ ونَجَوْتَ طويلاً

نجَوْتَ لتَبْقى هنا بَعْدَهُمْ

أثرًا غائرًا

في هشاشة هذا الكلامِ الذي.. لا يَميْدُ

..

في المناديلِ/

للغازلاتِ بها غَزْلَهُنَّ،

وللحائكاتِ النّدى فوقَ أَوْراقِها

غامضًا وطَرِيًّا

وللصّائداتِ بها.. ما يَصِيْدُ

..

فاتَ قلبَكَ أنْ تُتْقِنَ الحَوْكَ

فاخْتَرْ إذًا مِهْنةً غَيْرَها

-صائدًا للكَراكيِّ، أَوْ بائعًا للنّدى-

مِهْنةً قد تُطيِّرُ قلْبَكَ فوقَ المناديلِ

أجْمَلَ من زَهْرَةٍ لا تُقلَّدُ،

لا تُسْتعادُ

ولا

تَسْتَعيدُ !

..

سبَبٌ آخَرٌ للحياةِ هوَ الشِّعْرُ

فاكْتُبْ حياتَكَ فوْقَ مناديلِهِ

مثْلما هيَ.../

كفّاكَ نَقْرُ طُيورِكَ في جِلْدِ هذا

الغَزالِ لِتَبْعَثَهُ شَجنًا لا يُفَسَّرُ،

موسوعتان من الدَّمعِ،

جُرحانِ في غيمةٍ غائرانِ

ومَعْنًى... شَرُوْدُ

..

لمْ يَزَلْ ظِلُّ كونِكَ فيكَ مناديلَ

طائرةً في ثنايا الكلامِ...

وكونُكَ تفّاحةٌ سَقَطَ الظِّلُّ

فيها.. بلا جهةٍ !

خُذْ طريقَكَ نَحْوَ اليمينِ قليلاً،

ونحْوَ الشّمالِ... لأَعْلى/ وأَسْفلَ..

وانْظُرْ بِمِرْآةِ ليلِكَ في اللّيلِ/

ماذا تَرَى؟

* أَثَرًا فاهيًا في النّدى

أثرًا خالدًا.. لا يَبِيْدُ

أيُّها الفَرَحُ المُسْتَسِرُّ اقْتَرِحْ غيمةً أُرجُوانيّةً

لاحتفالكَ بالمُلْكِ والمَلَكوتِ،

ولا تَدَّخِرْ كوكبًا في دمي

أوْ أَزاهيرَ

قد خَبّأَتْها المناديلُ عن حُلُمي.../

نَقْرَةً نَقْرَةً فوقَ جِلْدِ الغَزالِ

لِتَعْرِفَ ماذا تُغَنّي،

وكيفَ تُغنّي،

ويرتَفَعَ الوحيُ من زهرةٍ

لِمناديلِ هذي المَجَرّاتِ

والوقتُ - فيكَ وَحَوْلَكَ - عِيْدُ

..

نَقْرَةً نَقْرَةً فوْقَ

جِلْدِ الغزالِ

لِتَرْقُصَ ذُؤْبانُ ليلِكَ فيكَ وحُمْلانُهُ...

...

لكَ كَوْنٌ بَعِيْدٌ بهذي

القصيدةِ

كَوْنٌ... بَعِيْدُ !