صوت المواطن

لعبة العروش أو «جيم أوف ثرونز»

IMG-20190424-WA0238

أسامة سرحان Sarhan.osama@gmail.com

بدأ الموسم الثامن والأخير من المسلسل العالمي «جيم أوف ثرونز» الذي نال شهرة واسعة بسبب جرأة الطرح الدرامي الدامي التي تميز بها أو التي قفزت به إلى المراتب الأولى في التصنيفات العالمية، وحققت له أرقاما قياسية في نسب المشاهدة والأرباح وبلغت ميزانيات الإنتاج فيه أرقاما خيالية بالنسبة لإنتاج المسلسلات، إضافة إلى حصوله على العديد من الجوائز المرموقة تجاوزت الـ300 جائزة، وحصل على ترشيحات فاقت الـ500 ترشيح بحسب موقع IMDb الشهير، وهو موقع قاعدة بيانات للأفلام والمسلسلات على الإنترنت والذي يمتلكه العملاق أمازون.

وابتدأ هذا الموسم بحلقتين خيبت آمال البعض الذين انتظروه قرابة العامين لمشاهدة فصوله الأخيرة، متوقعين أن تكون تلك الحلقتين أكثر إثارة وحركة كون هذا هو الموسم الأخير، ولكن كعادة هذا المسلسل الرائع، خالف كل التوقعات وبدأ الموسم بعملية تنشيط للأحداث السابقة والوضع الحالي للتحالف البشري الذي أقيم ضد جيش الموتى بقيادة زعيمهم ملك الليل.

إضافة إلى ذلك، فإن الحلقة الثانية التي عرضت أخيرا، والتي أسميتها حلقة المصارحات والمصالحات وسخرية الحظ، تمحورت حول تهيئة المشاهد وربطه عاطفيا بشخصيات المسلسل التي تحالفت لتقاتل جنبا إلى جنب العدو المشترك، والذي بات على مقربة منهم، حيث إن جميع الشخصيات ألقت بخلافاتها القديمة وتعصباتها لعائلتها والمصارعات على الألقاب خلف ظهرها، وتحالفت مع بعضها البعض على الرغم من تلك العداءات ليكونوا صفا واحدا في مواجهة العدو المشترك الذي يجب القضاء عليه، ولن يكون ذلك إلا بالتماسك ودفن خلافات الماضي (على الأقل حاليا) وإلا سيتمكن منهم ذلك العدو ويفتك بهم وهم على فرقة من أمرهم.

وحقيقة، الحلقتان الأوليان هامتان جدا في توجيه المشاهد عاطفيا وجعله يتعاطف مع جميع الشخصيات حتى تلك التي كان يبغضها سابقا بسبب خبثها ودناءتها وأفعالها السوداوية، ونقلهم من هذه المكانة إلى مكانة نقيضة، يكن المشاهد لها الحب والتعاطف في عدم خسارتها وهو أمر سيجعل المشاهد يذرف الدموع لفقدان أحدها، خصوصا أن جيش الأحياء الذي تقوده أم التنانين وحليفها ملك الشمال ضد جيش الموتى الذي يقوده ملك الليل حتما سيخلف الكثير من الضحايا في صفوف الأحياء، والمؤلم حقا هو أن من يموت من الأحياء سينقلب وينضم إلى جيش الأموات وسيقاتل ضد الأحياء، ما سيحدث تصادما عاطفيا لدى المشاهد وتضاربا بين التعاطف والكره للشخصية التي كان يحبها وتحولت إلى عضو في جيش الموتى.

الحلقتان ناجحتان بامتياز وحققتا الأهداف من خلال تهيئة المشاهد وتحضيره ذهنيا وعاطفيا وستقومان بصدمه والتلاعب بمشاعره من خلال المفاجآت الصادمة التي عودنا عليها المسلسل في جميع المواسم السابقة.

اربطوا الأحزمة، وهيئوا نفسياتكم وفكركم وعواطفكم، لأن القادم من الحلقات ومع وصول ملك الليل وجيش الموتى على أعتاب مملكة ونترفيل التي احتشد فيها جيش الأحياء للتصدي لهم، ستحتوي على ملحمة تاريخية تروى لسنوات قادمة، ولن يزيح مسلسل صراع العروش من عرشه الذي اعتلاه الآن أي مسلسل آخر لفترة طويلة.