أخبار

«عكاظ» ترصد حالات استخدام «السوار الإلكتروني» للسجناء

مسودة الأحكام البديلة في مراحلها الأخيرة.. و98 % من القضاة يؤيدون

مقر المحكمة العامة في جدة.

عدنان الشبراوي (جدة) Adnanshabrawi@

في الوقت الذي نشرت تصريحات صحفية أخيرا لمدير عام السجون اللواء محمد الأسمري قال فيها: «إن السجون باتت قريبة من تطبيق العقوبات البديلة على المحكومين في قضايا عدة، وإدخال تقنية «السوار الإلكتروني» لمراقبة المحكومين وتتبع حركتهم في النطاق المحدد لهم»، رحب قاض مختص في الأحكام البديلة بهذه الخطوة، ووصفها بـ«طال انتظارها».

وقال القاضي السابق رئيس محكمة التنفيذ سابقا الشيخ الدكتور ياسر البلوي لـ«عكاظ»: «أنا سعيد بتحقق ما كان حلما في يوم ما. ولا شك أن تطبيق العقوبات البديلة واستخدام السوار الإلكتروني سيحقق فوائد عظيمة على الفرد والمجتمع والدولة، وسيحقق المقصود من العقوبات وهو محاولة تهذيب الفرد الجانح ليعود عضوا صالحا في مجتمعه بعيدا عن مساوئ السجون»، لافتا إلى أن استعداد مديرية السجون لهذا النوع من العقوبات البديلة بتأسيس بنية تنفيذية فاعلة لمراقبة السجين في محل إقامته الجبرية خارج السجن سيشجع على تفعيل القضاء لتعميم التجربة.

وأضاف القاضي البلوي، وهو من أوائل القضاة الذين أصدروا أحكاما بديلة في السعودية: «إن ما أعلن عنه مدير عام السجون اللواء محمد الأسمري بتفعيل العقوبات البديلة سيأخذ بهذا المشروع خطوات متقدمة إلى الأمام، وكان هاجس الجميع في القضاء والمهتمين بالعقوبات البديلة هو عدم وجود الآلية المطلوبة في التنفيذ الجنائي لضمان التنفيذ السليم للأحكام القضائية بالعقوبات البديلة».

‏وحيا القاضي البلوي اللواء الأسمري وفريقه العامل في مديرية السجون على هذا الإنجاز، موضحا أنه ينتظرهم الكثير من العمل لتجاوز عقبات وإخفاقات التجارب الأولى. ‏واقترح تفعيل المزيد من استخدامات السوار الإلكتروني ليشمل الخارجين من السجن لقضاء الأعياد أو الإجازة الخارجية أو السجناء المسموح لهم بقضاء ساعات خارج السجن لحضور مناسبات اجتماعية ونحوها. وبين أن تجربة السوار الإلكتروني في العقوبات البديلة فرصة لتعميمها كذلك على سجناء الحقوق المالية الذين هم أولى الشرائح بتخفيف قيود السجن عليهم، خصوصا في الأعياد والأفراح والأتراح، مشيرا إلى أن ‏هناك تجارب رائدة لدول عدة لا تعرف بقاء سجين في السجن في أوقات الأعياد، و‏مثل هذه القيود المخففة لها أثر نفسي هائل في إصلاح الفرد وإشعاره برحمة المجتمع به. و‏لا ننسى أن السجناء يعانون ضغوطات نفسية ومالية بسبب وجود ما يسمى وقف الخدمات، ونأمل أن ينظر إلى أثر وقف الخدمات على السجين وأسرته، وأن تتحرك إدارات السجون لتشريع وقف مثل هذه الإجراءات على السجناء، خصوصا للحد من سلبياتها على أسرته، إذ يتعذر عليها الحصول على راتبه ومستحقاته والتصرف بحساباته وأعماله التجارية.

بدوره، قال القاضي السابق في وزارة العدل الشيخ تركي القرني إن النظام القضائي الحالي لا يلزم القضاة بالأحكام البديلة، وبالتالي يحتاج إلى تعديل في حال إقرار هذه الأحكام، التي ستكون محددة في قضايا التعزير في الحق العام باشتراطات عدة، أبرزها خلو صحيفة من يمثل للمحاكمة من السوابق. وبين أن تطبيق الأحكام البديلة يتطلب وجود ضمانات واضحة لمراقبة التنفيذ، فضلا عن ضرورة توفير آلية أو جهة تتولى مراقبة التنفيذ.

وكان مدير عام السجون اللواء محمد الأسمري أوضح أن العقوبات البديلة ستتيح للمحكومين قضاء محكومياتهم في تقديم خدمات اجتماعية أو غيرها يستفيد منها المجتمع والمحكوم نفسه، وتساعده على الاندماج في المجتمع، إلى جانب تقليل الضغط على السجون. وذكر أنه يجري حاليا إعداد دراسة لتحديد الفئات التي سيشملها تطبيق العقوبات البديلة، مشيرا إلى أنها ستقتصر على المدانين في ارتكاب المخالفات البسيطة وليست الجرائم الكبيرة.

وكشفت مصادر «عكاظ» تحركات حثيثة لتسريع العمل بمشروع العقوبات البديلة المرفوع لهيئة الخبراء للعمل على إقراره، وذلك عقب رصد معوقات للإدارة العامة للسجون تتمثل في زيادة عدد السجناء من غير السعوديين تسببت في قصور برامج التأهيل والإصلاح الموجهة للمواطنين، لافتة إلى أن مسودة الأحكام البديلة ما زالت تدرس في مراحلها الأخيرة ولم تقر من جهة الاختصاص.

وقالت المصادر، إن السجون تسعى إلى تحقيق رسالتها في تأهيل وإصلاح السجناء ليعودوا أعضاء نافعين في المجتمع، ولفتت إلى أن الحقوق الخاصة ستظل قائمة ومصانة شرعا.

وتدعم وزارات الداخلية والعمل والتنمية الاجتماعية والعدل والنيابة العامة، الخطوات الهادفة لتطبيق الأحكام البديلة بأعمال ذات نفع عام لصالح جهة عامة أو القيام بأعمال اجتماعية أو تطوعية.

وأظهرت دراسة اجتماعية أن عقوبة السجن لصغار السن فاشلة ولها نتائج وخيمة على الأسرة والمجتمع، ووفق دراسة أعدها أحد القضاة في وزارة العدل فإن نحو 98% من القضاة يؤيدون العقوبات البديلة، دون إلغاء عقوبة السجن أو التساهل مع الجانحين، حسب الدراسة، لكنهم يطالبون بآلية واضحة للتنفيذ.