رمضان والفجوة بين مداخيل الزكاة ومؤشرات الفقر
الثلاثاء / 02 / رمضان / 1440 هـ الثلاثاء 07 مايو 2019 02:39
عبداللطيف الضويحي
ما كانت الزكاة للمساواة بين الفقراء والأغنياء اقتصاديا وماليا في المجتمع الواحد، كما أنها للمساواة اقتصاديا وماليا بين دول الشمال ودول الجنوب على سبيل المثال حتى لو جادل البعض من اليساريين بأهمية المساواة، فلا يمكن أن تصل نسبة 2.5 من المساواة بين ضفتي المعادلة وهي ليست هدفا في الأصل من أهداف الزكاة حسب فهمي، لكن الزكاة جسر نفسي واجتماعي ومعنوي بين الأغنياء والفقراء قبل أن يكون جسرا ماديا واقتصاديا بينهما.
فالفساد من ناحية والتطرف والعنصرية من ناحية أخرى سبب ونتيجة لاتساع الهوة أو الفجوة المتنامية بين ضفتي المعادلة وانعكاس للمخاطر الكبيرة المحدقة بالمجتمعات ككل جراء قطع تلك الجسور وتدميرها في كثير من الأحيان.
إن الحركات العنصرية وجذوتها المتنامية في العديد من المجتمعات في العالم بما فيها مجتمعاتنا، لا يمكن قراءتها وفهمها دينيا أو سياسيا أو عرقيا أو بمعزل عن تلك القراءة النفسية والمعنوية والأخلاقية المتضمنة إقامة جسور تردم الهوة النفسية والمعنوية والاجتماعية والاقتصادية مجتمعة والتي أصبحت من مقومات وأسس المجتمعات الحديثة سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة.
رغم أن المظهر العام لإفطار صائم والذي يسود العديد من المساجد وتكتسي به المرافق العامة للمدن في المملكة وخارج المملكة يمثل بعضا مما نتحدث عنه من قيمة وأهمية مد الجسور وترسيخها بين من يعطون ومن يأخذون، وفي جو ودي أخوي تنتفي فيه صفة الأخذ والعطاء ويلتقي فيه الاثنان عند قيمة الإنسان وكرامة الإنسان وحقوق الإنسان بالعيش الكريم كحد أدنى للتصالح مع المجتمع ومع الحياة بعيداً عن هوامير الفساد والحركات المتطرفة.
ليس المطلوب التوقف عن إفطار صائم أو عنده، لكن إفطار صائم في أغلبه قائم على الصدقات في الأحياء ولا علاقة له بالزكاة -حسب القائمين- على تلك المناسبات، وكما هو معلوم فالصدقة أمر مختلف تماما عن الزكاة! وسؤالي للهيئة العامة للزكاة والدخل: أين تصرف الزكاة وعلى من؟ إن ما يتم تحصيله من الزكاة قبل عدة سنوات وحسب أرقام الهيئة نفسها كانت أرقاما فلكية، أما الآن وبعد تطبيق التعاملات الإلكترونية، فإن الأرقام تضاعفت عدة مرات؟ فلماذا لا تنعكس أرقام الزكاة على المحتاجين في المجتمع؟ ولماذا تكون الجمعيات الخيرية هي القنوات التي يتم إيصال الزكاة من خلالها، إذا كانت تلك الجمعيات في أغلبها لا تزال إلى الآن مثار جدل ومحل شك من المجتمع؟ بل إن بعض تلك الجمعيات لم تصل إلى النضج الكافي لتفهم معنى الزكاة وكيفية توظيفها بجانب ما تقدمه الدولة من مساعدات لتلك الجمعيات وللمعسرين في رمضان؟
لقد حان الوقت لدراسة الفجوة بين حجم ما يتم تحصيله من الزكاة وحجم الفقر، سواء كان نتيجة لخلل بقناة التوصيل والوصول إلى المحتاجين «الجمعيات» أو كان ذلك ناتجا عن إجراءات تقوم بها هيئة الزكاة والدخل. أو كانت نتيجة لأسباب أخرى.
مطلوب وضع الزكاة تحت المجهر بشفافية، وذلك لتحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع ولتنمية كافة مفاصل المجتمعات واستيعاد المزيد من فئات المجتمع في النظام الاقتصادي وتحديد الكفاية لكافة أفراد المجتمع، وتخليصهم من المديونيات الثقيلة على أغلبهم. لأن الزكاة ليست ضريبة أو غرامة، لكنها جسر للهوة النفسية والاجتماعية بين أفراد المجتمع، وكبح للكراهية والعنصرية وحركات التطرف والنزعات اللامنتمية.
فلعل رمضان يكون موسما لتقطف فيه المجتمعات ثمرات الزكاة في التنمية والعدالة والشراكة في المحبة والاحترام وإطفاء الحرائق بدلا من إذكاء الكراهية والعنصرية والأحقاد. رمضان مبارك عليكم جميعا.
* كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org
فالفساد من ناحية والتطرف والعنصرية من ناحية أخرى سبب ونتيجة لاتساع الهوة أو الفجوة المتنامية بين ضفتي المعادلة وانعكاس للمخاطر الكبيرة المحدقة بالمجتمعات ككل جراء قطع تلك الجسور وتدميرها في كثير من الأحيان.
إن الحركات العنصرية وجذوتها المتنامية في العديد من المجتمعات في العالم بما فيها مجتمعاتنا، لا يمكن قراءتها وفهمها دينيا أو سياسيا أو عرقيا أو بمعزل عن تلك القراءة النفسية والمعنوية والأخلاقية المتضمنة إقامة جسور تردم الهوة النفسية والمعنوية والاجتماعية والاقتصادية مجتمعة والتي أصبحت من مقومات وأسس المجتمعات الحديثة سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة.
رغم أن المظهر العام لإفطار صائم والذي يسود العديد من المساجد وتكتسي به المرافق العامة للمدن في المملكة وخارج المملكة يمثل بعضا مما نتحدث عنه من قيمة وأهمية مد الجسور وترسيخها بين من يعطون ومن يأخذون، وفي جو ودي أخوي تنتفي فيه صفة الأخذ والعطاء ويلتقي فيه الاثنان عند قيمة الإنسان وكرامة الإنسان وحقوق الإنسان بالعيش الكريم كحد أدنى للتصالح مع المجتمع ومع الحياة بعيداً عن هوامير الفساد والحركات المتطرفة.
ليس المطلوب التوقف عن إفطار صائم أو عنده، لكن إفطار صائم في أغلبه قائم على الصدقات في الأحياء ولا علاقة له بالزكاة -حسب القائمين- على تلك المناسبات، وكما هو معلوم فالصدقة أمر مختلف تماما عن الزكاة! وسؤالي للهيئة العامة للزكاة والدخل: أين تصرف الزكاة وعلى من؟ إن ما يتم تحصيله من الزكاة قبل عدة سنوات وحسب أرقام الهيئة نفسها كانت أرقاما فلكية، أما الآن وبعد تطبيق التعاملات الإلكترونية، فإن الأرقام تضاعفت عدة مرات؟ فلماذا لا تنعكس أرقام الزكاة على المحتاجين في المجتمع؟ ولماذا تكون الجمعيات الخيرية هي القنوات التي يتم إيصال الزكاة من خلالها، إذا كانت تلك الجمعيات في أغلبها لا تزال إلى الآن مثار جدل ومحل شك من المجتمع؟ بل إن بعض تلك الجمعيات لم تصل إلى النضج الكافي لتفهم معنى الزكاة وكيفية توظيفها بجانب ما تقدمه الدولة من مساعدات لتلك الجمعيات وللمعسرين في رمضان؟
لقد حان الوقت لدراسة الفجوة بين حجم ما يتم تحصيله من الزكاة وحجم الفقر، سواء كان نتيجة لخلل بقناة التوصيل والوصول إلى المحتاجين «الجمعيات» أو كان ذلك ناتجا عن إجراءات تقوم بها هيئة الزكاة والدخل. أو كانت نتيجة لأسباب أخرى.
مطلوب وضع الزكاة تحت المجهر بشفافية، وذلك لتحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع ولتنمية كافة مفاصل المجتمعات واستيعاد المزيد من فئات المجتمع في النظام الاقتصادي وتحديد الكفاية لكافة أفراد المجتمع، وتخليصهم من المديونيات الثقيلة على أغلبهم. لأن الزكاة ليست ضريبة أو غرامة، لكنها جسر للهوة النفسية والاجتماعية بين أفراد المجتمع، وكبح للكراهية والعنصرية وحركات التطرف والنزعات اللامنتمية.
فلعل رمضان يكون موسما لتقطف فيه المجتمعات ثمرات الزكاة في التنمية والعدالة والشراكة في المحبة والاحترام وإطفاء الحرائق بدلا من إذكاء الكراهية والعنصرية والأحقاد. رمضان مبارك عليكم جميعا.
* كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org