رؤية في تقنين العمل التطوعي ومأسسته
السبت / 06 / رمضان / 1440 هـ السبت 11 مايو 2019 02:23
خلود الشايع kholoud_alshaya@
يشكّل العمل التطوعي، أحد أهم الرسائل إنسانيةً، الذي يرتبط دومًا بالتنمية، وتبدو نتائجه وخططه وتأثيراته وتطويراته أكثر فعاليةً في هذا الشأن؛ إذ إنه ليس مجهودًا مبذولاً يعزّز مبادئ التكافل ويرسخ أسس التعاون ويكرّس المشاركة والعطاء المتبادل، بقدر ما يمثّل أحد أهم ركائز التنمية الشاملة ومتطلبًا رئيسًا لبناء المجتمعات المتقدمة: أفرادًا وأسرةً، مؤسسات ومنظمات، ومن ثَمَّ يتم وضع الأمور في إطارها الصحيحِ، وسياقها الطبيعي حينما يكون نتاجًا للتخطيط التنموي الموجَّه لجميع فئات المجتمع، التي كلما تنامى خلالها حجم المتطوعين، وأعدادهم، بتنوع مبادراتهم، وتوحيد جهودهم وتكاتف رؤاهم؛ ارتفع سقف الأمل والتفاؤل بقدرتهم على المساهمة لإيجاد مجتمعات أكثر إنسانية، ونماءً واستقرارًا؛ ما يعكس وعيَهم بأدوارهم في نهضة بلادهم ورفعتِها.
لذلك تحلِّق الدُّول المتقدِّمة بعيدًا، حينما تستشعر أهمية التطوع، ودوره في بناء الوطن؛ فسنّت القوانين المحفزة والمنظّمة والحافظة لحقوق جميع أطرافه، وألزمت وزارات التعليم بغرس قيم المسؤولية الاجتماعية؛ وفرضت مقررات العملِ التطوعي في مدارسها ومعاهدها وجامعاتها ودوراتها التدريبية في منظمات مجتمعها الأهلي؛ وحرصت، في الوقت نفسه، على طرح مفهومِه، وأولوياته، وشرح أهدافِه وآلياته وتوضيح مجالاتِه، ومخرجاته، بوساطة العديد من الإصداراتِ، والوسائط المعرفية الأخرى؛ فانتشرت ثقافة المسؤولية الاجتماعية، وثقافة التطوع في المجتمع، وترسختا؛ فأصبحتا جزءًا مهمًا من تكوين أبنائها وقيمهم، ففي بريطانيا تجاوز عدد جمعياتها التطوعية (300.000) جمعية، بينما تجاوز عدد متطوعيهم (20) مليونًا؛ فيما تبلغ ساعات العمل التطوعي الرسمي (90) مليون ساعة عمل كل أسبوع؛ ما وفر لها (40) مليار جنيه إسترليني سنويًا.
وتشير إحدى الدراسات الحديثة إلى أن نسبة (32%) من كبار الأستراليين تساهم في أعمال التطوع؛ فيما أظهرت آخر الإحصاءات الرسمية الأمريكية بلوغ عدد المؤسسات غير الربحية مليون ونصف المليون مؤسسة، وعدد المتطوعين في الولايات المتحدة ما يقارب (93) مليون متطوع، يشكلون (%30) من السكان، محققين عام 2017م (20) مليار ساعة؛ ما وفّر لها ما يقارب (200) مليار دولار!
وإذا ما تحدثنا وطنيًا عن عمل تطوعي أكثر إبداعًا واستدامةً، بعيدًا عن التحديات العشوائية، وإهدار الجهود المعنوية والمادية، وتغييب أسس التواصل، وافتقاد الحوار بين المؤسّسات والجهات المعنية ذات العلاقة، ومجابهة التوسُّع البرامجي دونما خطط طموحة وواضحة؛ منعًا للبرامج المكرورة؛ وتشتيت الجهود في ظل اجتهادات شخصية غير مدركة بمتطلبات الدور والمسؤولية لا ترقى إلى الأسس الاستراتيجية والتخطيطية، التي تبتعد به عن العمل المؤسّسي المنظم.
يجب الحديث بدايةً قبل إجراء أية فعاليات شكلية أو برامج مكرورة، أو إطلاق المنصات الرنَانة عن تقنين العمل التطوعي وتنظيمه؛ لجعله جزءًا رئيسًا من حياتنا والاستفادةً من الزخم الكبير والدعم اللامحدود لرؤية 2030م؛ المعتمدة على (3) محاور رئيسة: المجتمع الحيوي والاقتصاد المزدهر والوطن الطموح، من أجل تطوير العمل التطوعي، ورفع نسبة عدد المتطوعين من (11) ألفًا فقط إلى مليون متطوع قبل نهاية عام 2030م، ورفع مساهمة القطاع غير الربحي في إجمالي الناتج المحلي من أقل (%1) إلى (%5)؛ من خلال إنشاء مظلة تجمع كل الجهود التطوعية المبعثرة كيفما اتفق؛ من تنظيم العمل التطوعي في المملكة، وسن الأنظمة القوانين التي تكفل تشجيع المتطوعين وحمايتهم والفئات المستفيدة منه؛ وإذكاء روح المسؤولية الاجتماعية، وغرس ثقافة العمل التطوعي لدى أفراد المجتمع؛ واستثمار أوقات الفراغ لديهم وإطلاق طاقاتهم المعطّلة؛ لخدمة وطنهم، يكون من أهم اختصاصاتها: وضع الخطط والسياسات العامة لتنظيم العمل التطوعي والإشراف على تنفيذها؛ وتشجيع الجهات الرسمية والخاصة ومنظمات المجتمع الأهلي على إطلاق المبادرات التطوعية؛ وتعزيز المشاركة بالأعمال التطوعية من خلال التنسيق مع مختلف الجهات المُتَطَّوع لديها، واعتماد نموذج اتفاق التطوع بالتنسيق مع الجهات المُتطوّع لديها؛ بناء قاعدة بيانات لقيد المتطوعين في المملكة، تتضمن بياناتهم الخاصةـ وإصدار البطاقات التعريفية لهم؛ وإصدار إفادات مكتوبة للمتطوعين على طلبهم، تتضمن طبيعة وعدد ساعات العمل التطوعي الذي شاركوا فيه؛ مساعدة الجهات المُتَطوّع لديها في استقطاب المتطوعين، وتزويد هذه الجهات بالبيانات الخاصة بهم وفقًا لطبيعة أنشطتها؛ وتمثيل المملكة في المحافل الإقليمية والدولية في هذا الخصوص؛ والتعاون والتنسيق مع الجهات الحكومية والخاصة والمنشآت الأهلية في كل ما يتعلق بتنفيذ الأعمال التطوعية؛ وتكريم المتطوعين والجهات المتطوع لديها والجهات المشاركة في الأعمال التطوعية المؤسسية؛ والنظر في الشكاوى المقدَّمة إليها من المتطوعين والجهات المتطوع لديها والمستفيدين والبت فيها.. وغيرها من الاختصاصات المنوط بها في هذا الخصوص؛ لتكون بمثابة الموجِّه الفاعل للتطوع في بيئة العمل للجهات الحكومية والأهلية على السواء؛ لجعل العمل التطوعي ركيزة من ركائز خدمة المجتمع والوطن، وكذا توسيع مشاركة منظمات المجتمع كافةً في جميع المبادرات والفعاليات التطوعية المتاحة في مناطق المملكة كافةً، ضمن أجندة العمل التطوعي السنوي.
وثمة قضية أخرى ذات صلة بشأن احتراف قيادة الوحدات التطوعية في الجهات الحكومية أو الأهلية؛ إذ إنه ليس أمرًا يسيرًا أن يدير وحدات ومؤسسات تطوعية ومتطوعين أشخاصٌ غير متخصصين في التخطيط التنموي، وغير مؤهلين على منهجية إدارة المشاريع القائمة على أفضل الممارسات الخاضعة للتجربة والتقويم كمعيار مهم في جودة المشروعات التنموية؛ لأن مقياس عمل المنظمة التطوعية بات مرهونًا بالمخطط التنموي، ومدى نجاحه في صناعة فرص تطوعية مستدامة؛ فكلما كانت صناعة الفرصة التطوعية بسيطة كانت مخرجاتها بسيطة وصغيرة، والعكس صحيح؛ لذا من المهم جدًا ارتباط قيادات العمل التطوعي بالتخطيط التنموي؛ وجمعهم بين المعرفة والإبداع؛ ليصبحوا عناوين ووجهات رائدة بحق للعمل التطوعي متعدد الأبعاد، لتحفيز موظفيهم ومتطوعيهم في مختلف المجالات؛ وليكونوا قيمة مُضافة، لا عامل تثبيط؛ لإثراء المحتوى المحلي ودعم مواهبنا الوطنية؛ والعمل بإخلاص على توفير الفرص التطوعية لجميع شرائح المجتمع ومختلف الفئات العمرية، بما يتوافق مع رؤية وطننا الطموح 2030.
إن المجتمعات الإنسانية الحضارية والراقية، والقوية هي من تحفّز وتشجّع مؤسسات المجتمع الأهلي ذات الشخصية الاعتبارية المستقلة على التميُّز والإبداع؛ خدمةً لقضاياها. ولن ينهض مجتمعٌ من المجتمعات ما دام العمل التطوعي فيه خاملاً، وغير مقنن، يقوده هواة، غير مؤهلين، ولا مدركين للأدوار الوظيفية الحقة المنوطة بهم في تحقيق التنمية المستدامة.
لذلك تحلِّق الدُّول المتقدِّمة بعيدًا، حينما تستشعر أهمية التطوع، ودوره في بناء الوطن؛ فسنّت القوانين المحفزة والمنظّمة والحافظة لحقوق جميع أطرافه، وألزمت وزارات التعليم بغرس قيم المسؤولية الاجتماعية؛ وفرضت مقررات العملِ التطوعي في مدارسها ومعاهدها وجامعاتها ودوراتها التدريبية في منظمات مجتمعها الأهلي؛ وحرصت، في الوقت نفسه، على طرح مفهومِه، وأولوياته، وشرح أهدافِه وآلياته وتوضيح مجالاتِه، ومخرجاته، بوساطة العديد من الإصداراتِ، والوسائط المعرفية الأخرى؛ فانتشرت ثقافة المسؤولية الاجتماعية، وثقافة التطوع في المجتمع، وترسختا؛ فأصبحتا جزءًا مهمًا من تكوين أبنائها وقيمهم، ففي بريطانيا تجاوز عدد جمعياتها التطوعية (300.000) جمعية، بينما تجاوز عدد متطوعيهم (20) مليونًا؛ فيما تبلغ ساعات العمل التطوعي الرسمي (90) مليون ساعة عمل كل أسبوع؛ ما وفر لها (40) مليار جنيه إسترليني سنويًا.
وتشير إحدى الدراسات الحديثة إلى أن نسبة (32%) من كبار الأستراليين تساهم في أعمال التطوع؛ فيما أظهرت آخر الإحصاءات الرسمية الأمريكية بلوغ عدد المؤسسات غير الربحية مليون ونصف المليون مؤسسة، وعدد المتطوعين في الولايات المتحدة ما يقارب (93) مليون متطوع، يشكلون (%30) من السكان، محققين عام 2017م (20) مليار ساعة؛ ما وفّر لها ما يقارب (200) مليار دولار!
وإذا ما تحدثنا وطنيًا عن عمل تطوعي أكثر إبداعًا واستدامةً، بعيدًا عن التحديات العشوائية، وإهدار الجهود المعنوية والمادية، وتغييب أسس التواصل، وافتقاد الحوار بين المؤسّسات والجهات المعنية ذات العلاقة، ومجابهة التوسُّع البرامجي دونما خطط طموحة وواضحة؛ منعًا للبرامج المكرورة؛ وتشتيت الجهود في ظل اجتهادات شخصية غير مدركة بمتطلبات الدور والمسؤولية لا ترقى إلى الأسس الاستراتيجية والتخطيطية، التي تبتعد به عن العمل المؤسّسي المنظم.
يجب الحديث بدايةً قبل إجراء أية فعاليات شكلية أو برامج مكرورة، أو إطلاق المنصات الرنَانة عن تقنين العمل التطوعي وتنظيمه؛ لجعله جزءًا رئيسًا من حياتنا والاستفادةً من الزخم الكبير والدعم اللامحدود لرؤية 2030م؛ المعتمدة على (3) محاور رئيسة: المجتمع الحيوي والاقتصاد المزدهر والوطن الطموح، من أجل تطوير العمل التطوعي، ورفع نسبة عدد المتطوعين من (11) ألفًا فقط إلى مليون متطوع قبل نهاية عام 2030م، ورفع مساهمة القطاع غير الربحي في إجمالي الناتج المحلي من أقل (%1) إلى (%5)؛ من خلال إنشاء مظلة تجمع كل الجهود التطوعية المبعثرة كيفما اتفق؛ من تنظيم العمل التطوعي في المملكة، وسن الأنظمة القوانين التي تكفل تشجيع المتطوعين وحمايتهم والفئات المستفيدة منه؛ وإذكاء روح المسؤولية الاجتماعية، وغرس ثقافة العمل التطوعي لدى أفراد المجتمع؛ واستثمار أوقات الفراغ لديهم وإطلاق طاقاتهم المعطّلة؛ لخدمة وطنهم، يكون من أهم اختصاصاتها: وضع الخطط والسياسات العامة لتنظيم العمل التطوعي والإشراف على تنفيذها؛ وتشجيع الجهات الرسمية والخاصة ومنظمات المجتمع الأهلي على إطلاق المبادرات التطوعية؛ وتعزيز المشاركة بالأعمال التطوعية من خلال التنسيق مع مختلف الجهات المُتَطَّوع لديها، واعتماد نموذج اتفاق التطوع بالتنسيق مع الجهات المُتطوّع لديها؛ بناء قاعدة بيانات لقيد المتطوعين في المملكة، تتضمن بياناتهم الخاصةـ وإصدار البطاقات التعريفية لهم؛ وإصدار إفادات مكتوبة للمتطوعين على طلبهم، تتضمن طبيعة وعدد ساعات العمل التطوعي الذي شاركوا فيه؛ مساعدة الجهات المُتَطوّع لديها في استقطاب المتطوعين، وتزويد هذه الجهات بالبيانات الخاصة بهم وفقًا لطبيعة أنشطتها؛ وتمثيل المملكة في المحافل الإقليمية والدولية في هذا الخصوص؛ والتعاون والتنسيق مع الجهات الحكومية والخاصة والمنشآت الأهلية في كل ما يتعلق بتنفيذ الأعمال التطوعية؛ وتكريم المتطوعين والجهات المتطوع لديها والجهات المشاركة في الأعمال التطوعية المؤسسية؛ والنظر في الشكاوى المقدَّمة إليها من المتطوعين والجهات المتطوع لديها والمستفيدين والبت فيها.. وغيرها من الاختصاصات المنوط بها في هذا الخصوص؛ لتكون بمثابة الموجِّه الفاعل للتطوع في بيئة العمل للجهات الحكومية والأهلية على السواء؛ لجعل العمل التطوعي ركيزة من ركائز خدمة المجتمع والوطن، وكذا توسيع مشاركة منظمات المجتمع كافةً في جميع المبادرات والفعاليات التطوعية المتاحة في مناطق المملكة كافةً، ضمن أجندة العمل التطوعي السنوي.
وثمة قضية أخرى ذات صلة بشأن احتراف قيادة الوحدات التطوعية في الجهات الحكومية أو الأهلية؛ إذ إنه ليس أمرًا يسيرًا أن يدير وحدات ومؤسسات تطوعية ومتطوعين أشخاصٌ غير متخصصين في التخطيط التنموي، وغير مؤهلين على منهجية إدارة المشاريع القائمة على أفضل الممارسات الخاضعة للتجربة والتقويم كمعيار مهم في جودة المشروعات التنموية؛ لأن مقياس عمل المنظمة التطوعية بات مرهونًا بالمخطط التنموي، ومدى نجاحه في صناعة فرص تطوعية مستدامة؛ فكلما كانت صناعة الفرصة التطوعية بسيطة كانت مخرجاتها بسيطة وصغيرة، والعكس صحيح؛ لذا من المهم جدًا ارتباط قيادات العمل التطوعي بالتخطيط التنموي؛ وجمعهم بين المعرفة والإبداع؛ ليصبحوا عناوين ووجهات رائدة بحق للعمل التطوعي متعدد الأبعاد، لتحفيز موظفيهم ومتطوعيهم في مختلف المجالات؛ وليكونوا قيمة مُضافة، لا عامل تثبيط؛ لإثراء المحتوى المحلي ودعم مواهبنا الوطنية؛ والعمل بإخلاص على توفير الفرص التطوعية لجميع شرائح المجتمع ومختلف الفئات العمرية، بما يتوافق مع رؤية وطننا الطموح 2030.
إن المجتمعات الإنسانية الحضارية والراقية، والقوية هي من تحفّز وتشجّع مؤسسات المجتمع الأهلي ذات الشخصية الاعتبارية المستقلة على التميُّز والإبداع؛ خدمةً لقضاياها. ولن ينهض مجتمعٌ من المجتمعات ما دام العمل التطوعي فيه خاملاً، وغير مقنن، يقوده هواة، غير مؤهلين، ولا مدركين للأدوار الوظيفية الحقة المنوطة بهم في تحقيق التنمية المستدامة.