رائحة إيرانية تزكم الأنوف قرب الفجيرة
حديث الأربعاء
الأربعاء / 10 / رمضان / 1440 هـ الأربعاء 15 مايو 2019 02:40
رامي الخليفة العلي
في وقت متأخر من مساء الإثنين صرح مسؤول أمريكي لوكالة الأسوشيتد برس بأن هنالك دلائل تشير إلى تورط نظام الملالي في العمليات التخريبية التي جرت في المياه الاقتصادية لدولة الإمارات العربية المتحدة، ومع ذلك فإن هذا المسؤول لم يجزم بهذه النتيجة بانتظار استكمال كافة التحقيقات حول هذه الاعتداءات، وبالتالي ذلك يفسح المجال لمزيد من التحليل و قراءة السياقات المختلفة التي عصفت بالمنطقة خلال الأيام القليلة الماضية.
أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية قبل عدة أيام بأن هنالك معلومات استخباراتية تشير إلى أن إيران وعبر مليشيات تابعة لها تستعد للقيام بعمليات ضد مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى أعمال إرهابية ضد الدول الحليفة لواشنطن. ترافق ذلك مع تصريحات متوالية من قبل قادة وضباط في تنظيم الحرس الثوري الإرهابي تشير إلى إمكانية أن يقوم النظام الإيراني بتهديد طرق الملاحة البحرية في الخليج العربي أو حتى الذهاب إلى إغلاق مضيق هرمز. ترافق ذلك مع نبرة عدائية تجاه دول الجوار وتهديد بأعمال إرهابية يمكن أن تقوم بها المليشيات والأذرع التابعة لنظام الملالي، الأهم من ذلك هو السياق الذي تمر فيه العلاقات الإيرانية ـ الأمريكية ويبدو أن العقوبات الأخيرة كانت مؤلمة لنظام طهران، الولايات المتحدة فرضت الحزمة الأولى من العقوبات في شهر أيار مايو من العام الماضي، ثم الحزمة الثانية في شهر نوفمبر الماضي ولكن في الآونة الأخيرة كانت العقوبات على قطاع الطاقة الإيراني بحيث تخلت واشنطن عن استثناء بعض البلدان من العقوبات الأمريكية التي تستورد النفط الإيراني، كما قامت الإدارة الأمريكية بتصنيف تنظيم الحرس الثوري الإيراني باعتباره منظمة إرهابية، حينذاك أدرك النظام الإيراني أن العقوبات الأمريكية هذه المرة مختلفة عن كل ما سبقها، وأن هنالك سياسة أمريكية تهدف بالفعل إلى الضغط على النظام الإيراني.
طبعا كان هنالك أكثر من مستوى للرد من قبل النظام الإيراني فقد حاول بداية الضغط على الاتحاد الأوروبي وأطلق الرئيس الإيراني حسن روحاني تهديدا بأن إيران سوف تتخلى عن بعض التزاماتها في الاتفاق النووي إذا لم تغير أوروبا من موقفها وتعمد إلى تعويض إيران عن الضرر الذي يلحق باقتصادها نتيجة العقوبات الأمريكية، لكن هذا التصرف من قبل النظام الإيراني وجد ردة فعل عكسية من قبل الدول الأوروبية التي رفضت التهديدات الإيرانية وأعلنت فرنسا أن هنالك إمكانية لفرض عقوبات على النظام الإيراني، أكثر من ذلك، فإن بعض المسؤولين الأمريكيين صرحوا بأن هوة الخلاف ما بين واشنطن وبروكسل تتقلص في ما يتعلق بالملف النووي الإيراني. لم تتخذ حتى الآن أوروبا موقفا واضحا ولم تعلن إذا ما كانت مستمرة في آلية التبادل التي اقترحتها لإبقاء العلاقات الاقتصادية مع النظام الإيراني ولكن يبدو أن الموقف الأوروبي متغير، وهذا ما يقلق النظام الإيراني. من جهة أخرى حاولت إيران وتحاول أن تبحث عن آليات للتبادل مع دول يمكن أن توافق على الالتفاف على العقوبات الأمريكية، نتحدث عن الصين وروسيا وتركيا، وإن كانت هذه الدول لا ترغب في المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي يمكن لها أن تعوض إيران ولكن ليس بالقدر الكافي الذي يمنع التأثير السلبي للعقوبات الأمريكية على الاقتصاد الإيراني.
بقيت ردة فعل كان البيت الأبيض قد حذر منها وهي القيام باعتداء على المصالح الأمريكية لذلك قامت واشنطن بإرسال حامله الطائرات إبراهام لنكولن والقاذفات بي 52، كما زادت الجنود الأمريكيين في منطقه الخليج العربي. إيران كانت تشعر أنها بحاجة إلى رسائل سواء من أجل الداخل أو حتى للخارج وخصوصا البيت الأبيض. كانت تريد عملية بمواصفات معينة بحيث تصل الرسالة دون أن تكون هنالك تبعات قد تفجر الأوضاع وتبدأ حرب شاملة لا تريدها طهران حتى الآن، لذلك كانت العمليات التخريبية في المياه الاقتصادية لدولة الإمارات العربية المتحدة، هذه العملية فيها البصمات الإيرانية واضحة للغاية بسبب الحسابات الدقيقة التي راعتها، فهي لم تجر في الخليج العربي وإنما في خليج عمان ثانيا لم تجر في المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة وإنما في المياه الاقتصادية حيث القوانين الدولية مختلفة، في هذا الإطار تتحول إلى قضية دولية وليست أزمة ثنائية بين طهران ودولة الإمارات العربية المتحدة. ثالثا العملية لم تؤد إلى إغراق أي من السفن واقتصرت على التخريب المادي لكي لا يتفجر الوضع رابعا لم يكن هنالك أي محاولة لخطف السفن أو خطف طواقمها وإنما الغرض منها هو الرسالة السياسية بالدرجة الأولى، خامسا أُريد أن تكون العملية غامضة بحيث تستطيع طهران التنصل منها وبحيث لا يتم كشف من هو الطرف المسؤول عنها وإثبات ذلك بشكل يقيني، نقطة مهمة أخرى وهي أن العملية لم تجر في مضيق هرمز وبالتالي لم تستفز إيران المجموعة الدولية.
ايران تلعب بالنار وهي تحاول جس النبض وإطلاق بالون اختبار للولايات المتحدة الأمريكية قبل أي طرف آخر، لذلك هي تلعب على حافة الهاوية لعل ذلك يجنبها الخسائر الكبيره التي تتعرض لها ولعلها تنجح في دفع واشنطن الى التفاوض بدون الشروط الأمريكية الإثني عشر التي أعلنت عنها إدارة الرئيس دونالد ترمب. البصمات الإيرانيه تبدو واضحة في هذه العملية التي هي فعل قرصنة قبل أي شيء آخر. حتى تتأكد هذه المعلومات وحتى تبين كافة الملابسات خصوصا أن دولة الإمارات العربية المتحدة أعلنت أنها سوف تقيم تحقيقا شفافا يكشف كافة الحقائق. حتى ذلك الحين ومن حيث التحليل السياسي يبدو أن إيران قد ارتكبت خطأ كبيرا في إمتحان الإرادة الدولية والأمريكية على وجه التحديد في هذه المنطقة الحساسة بالنسبة إلى العالم برمته.
* باحث في الفلسفة السياسية، خبير في قضايا الشرق الأوسط
ramialkhalife@
أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية قبل عدة أيام بأن هنالك معلومات استخباراتية تشير إلى أن إيران وعبر مليشيات تابعة لها تستعد للقيام بعمليات ضد مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى أعمال إرهابية ضد الدول الحليفة لواشنطن. ترافق ذلك مع تصريحات متوالية من قبل قادة وضباط في تنظيم الحرس الثوري الإرهابي تشير إلى إمكانية أن يقوم النظام الإيراني بتهديد طرق الملاحة البحرية في الخليج العربي أو حتى الذهاب إلى إغلاق مضيق هرمز. ترافق ذلك مع نبرة عدائية تجاه دول الجوار وتهديد بأعمال إرهابية يمكن أن تقوم بها المليشيات والأذرع التابعة لنظام الملالي، الأهم من ذلك هو السياق الذي تمر فيه العلاقات الإيرانية ـ الأمريكية ويبدو أن العقوبات الأخيرة كانت مؤلمة لنظام طهران، الولايات المتحدة فرضت الحزمة الأولى من العقوبات في شهر أيار مايو من العام الماضي، ثم الحزمة الثانية في شهر نوفمبر الماضي ولكن في الآونة الأخيرة كانت العقوبات على قطاع الطاقة الإيراني بحيث تخلت واشنطن عن استثناء بعض البلدان من العقوبات الأمريكية التي تستورد النفط الإيراني، كما قامت الإدارة الأمريكية بتصنيف تنظيم الحرس الثوري الإيراني باعتباره منظمة إرهابية، حينذاك أدرك النظام الإيراني أن العقوبات الأمريكية هذه المرة مختلفة عن كل ما سبقها، وأن هنالك سياسة أمريكية تهدف بالفعل إلى الضغط على النظام الإيراني.
طبعا كان هنالك أكثر من مستوى للرد من قبل النظام الإيراني فقد حاول بداية الضغط على الاتحاد الأوروبي وأطلق الرئيس الإيراني حسن روحاني تهديدا بأن إيران سوف تتخلى عن بعض التزاماتها في الاتفاق النووي إذا لم تغير أوروبا من موقفها وتعمد إلى تعويض إيران عن الضرر الذي يلحق باقتصادها نتيجة العقوبات الأمريكية، لكن هذا التصرف من قبل النظام الإيراني وجد ردة فعل عكسية من قبل الدول الأوروبية التي رفضت التهديدات الإيرانية وأعلنت فرنسا أن هنالك إمكانية لفرض عقوبات على النظام الإيراني، أكثر من ذلك، فإن بعض المسؤولين الأمريكيين صرحوا بأن هوة الخلاف ما بين واشنطن وبروكسل تتقلص في ما يتعلق بالملف النووي الإيراني. لم تتخذ حتى الآن أوروبا موقفا واضحا ولم تعلن إذا ما كانت مستمرة في آلية التبادل التي اقترحتها لإبقاء العلاقات الاقتصادية مع النظام الإيراني ولكن يبدو أن الموقف الأوروبي متغير، وهذا ما يقلق النظام الإيراني. من جهة أخرى حاولت إيران وتحاول أن تبحث عن آليات للتبادل مع دول يمكن أن توافق على الالتفاف على العقوبات الأمريكية، نتحدث عن الصين وروسيا وتركيا، وإن كانت هذه الدول لا ترغب في المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي يمكن لها أن تعوض إيران ولكن ليس بالقدر الكافي الذي يمنع التأثير السلبي للعقوبات الأمريكية على الاقتصاد الإيراني.
بقيت ردة فعل كان البيت الأبيض قد حذر منها وهي القيام باعتداء على المصالح الأمريكية لذلك قامت واشنطن بإرسال حامله الطائرات إبراهام لنكولن والقاذفات بي 52، كما زادت الجنود الأمريكيين في منطقه الخليج العربي. إيران كانت تشعر أنها بحاجة إلى رسائل سواء من أجل الداخل أو حتى للخارج وخصوصا البيت الأبيض. كانت تريد عملية بمواصفات معينة بحيث تصل الرسالة دون أن تكون هنالك تبعات قد تفجر الأوضاع وتبدأ حرب شاملة لا تريدها طهران حتى الآن، لذلك كانت العمليات التخريبية في المياه الاقتصادية لدولة الإمارات العربية المتحدة، هذه العملية فيها البصمات الإيرانية واضحة للغاية بسبب الحسابات الدقيقة التي راعتها، فهي لم تجر في الخليج العربي وإنما في خليج عمان ثانيا لم تجر في المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة وإنما في المياه الاقتصادية حيث القوانين الدولية مختلفة، في هذا الإطار تتحول إلى قضية دولية وليست أزمة ثنائية بين طهران ودولة الإمارات العربية المتحدة. ثالثا العملية لم تؤد إلى إغراق أي من السفن واقتصرت على التخريب المادي لكي لا يتفجر الوضع رابعا لم يكن هنالك أي محاولة لخطف السفن أو خطف طواقمها وإنما الغرض منها هو الرسالة السياسية بالدرجة الأولى، خامسا أُريد أن تكون العملية غامضة بحيث تستطيع طهران التنصل منها وبحيث لا يتم كشف من هو الطرف المسؤول عنها وإثبات ذلك بشكل يقيني، نقطة مهمة أخرى وهي أن العملية لم تجر في مضيق هرمز وبالتالي لم تستفز إيران المجموعة الدولية.
ايران تلعب بالنار وهي تحاول جس النبض وإطلاق بالون اختبار للولايات المتحدة الأمريكية قبل أي طرف آخر، لذلك هي تلعب على حافة الهاوية لعل ذلك يجنبها الخسائر الكبيره التي تتعرض لها ولعلها تنجح في دفع واشنطن الى التفاوض بدون الشروط الأمريكية الإثني عشر التي أعلنت عنها إدارة الرئيس دونالد ترمب. البصمات الإيرانيه تبدو واضحة في هذه العملية التي هي فعل قرصنة قبل أي شيء آخر. حتى تتأكد هذه المعلومات وحتى تبين كافة الملابسات خصوصا أن دولة الإمارات العربية المتحدة أعلنت أنها سوف تقيم تحقيقا شفافا يكشف كافة الحقائق. حتى ذلك الحين ومن حيث التحليل السياسي يبدو أن إيران قد ارتكبت خطأ كبيرا في إمتحان الإرادة الدولية والأمريكية على وجه التحديد في هذه المنطقة الحساسة بالنسبة إلى العالم برمته.
* باحث في الفلسفة السياسية، خبير في قضايا الشرق الأوسط
ramialkhalife@