كتاب ومقالات

موقف روسيا إن قامت حرب ضد إيران

بشرى فيصل السباعي

على وقع طبول الحرب التي تدق حاليا بين إيران وأمريكا التي أرسلت حاملات طائرات ونشرت منظومتها الصاروخية الدفاعية في المنطقة، فلكي يمكن فهم مدى تعقيد وضع المنطقة يجب النظر للتحالفات القائمة فيها والتي تجعل القوى المؤثرة بالمنطقة لها مثال الدمى التي في داخلها دمية أصغر وأخرى في داخلها أصغر، فروسيا بوتين عملت على إعادة بناء نفسها كقطب دولي على مثال الاتحاد السوفيتي عبر إقامة تحالفات مع كل القوى المناوئة للنفوذ الأمريكي في كل العالم كما حدث بفنزويلا مؤخرا بعد الموقف الأمريكي الداعم لخلع الرئيس الفنزويلي بثورة فأرسلت روسيا طائرات حربية وجنودا وعتادا حربيا لدعمه ضد الثورة تماما كما فعلت بسوريا، فالوضع في المنطقة هو أن الجماعات التي تتبنى نهج «حرب العصابات» سواء السنية في الأراضي الفلسطينية بالإضافة للقاعدة التي آوت إيران قياداتها أو الجماعات الشيعية في لبنان وسوريا واليمن والعراق هي تحت مظلة الدعم الإيراني المالي والحربي، وإيران بدورها هي تحت مظلة الدعم الروسي الحربي وهذا واضح من حلف إيران وروسيا مع النظام السوري والمناورات العسكرية المشتركة التي أعلن عنها مؤخرا بين البحرية الروسية والإيرانية ردا على التهديدات الأمريكية، وروسيا أقامت بشكل دوري مناورات عسكرية مع إيران، وأسلحة إيران من روسيا، ولهذا المواجهة بين أمريكا وإيران هي فعليا بين أمريكا وروسيا، لكن روسيا لا تريد مواجهة مباشرة مع أمريكا ولهذا توافقت روسيا مع الجماعات التي تتبنى نهج «حرب العصابات» وتعادي أمريكا وحلفاءها ومن دفع الثمن من دمائهم هي الشعوب المغرر بهم بالشعارات الدينية حيث يقابل استقطاب داعش للإرهابيين السنة، استقطاب المليشيات الشيعية في سوريا لأتباع من إيران وباكستان وأفغانستان ولبنان والعراق، ولهذا التصور القائم حاليا هو أنه لإنهاء الصراعات التي تؤججها الجماعات التي دمرت استقرار المنطقة يجب القضاء على مظلتها الداعمة وهي النظام الإيراني لكن روسيا تعتبر أن القضاء على النظام الإيراني سيزيل أكبر تمركز عالمي للنفوذ الروسي المقابل للنفوذ الأمريكي، ولهذا حتى إن قامت أمريكا بحرب ضد إيران وتم القضاء على نظام ولاية الفقيه فالجماعات التي تدعمها إيران يخشى أن تتبناها روسيا لأنها ستبقى موطئ القدم الوحيد للنفوذ الروسي بالمنطقة والنتيجة كما حصل في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق 2003م حيث فرخ عشرات الجماعات الإرهابية السنية والشيعية التي حولت العراق لمسلخ بشري وكانت مدعومة بشكل مباشر من النظامين السوري والإيراني لتخوفهما أن يكونا التاليين بقائمة الغزو الأمريكي فارتد دعمهما ضدهما.

* كاتبة سعودية

bushra.sbe@gmail.com