كتاب ومقالات

الحوار وحقوق الوطن

ومضة شعاع

إبراهيم إسماعيل كتبي *

منذ سنوات طويلة نشط تيار ما يسمى بـ(الصحوة)، وبلغ ذروة حراكه مع فوضى الخريف العربي الذي أطلت فيه جماعات متشددة وقاطرتها جماعة الإخوان بظهير إرهابي غادر ووجه سياسي ماكر لمشروع التمكين في العديد من الدول، بشعارات لم تكن سوى أقنعة مزيفة وتقية خادعة مخادعة للسيطرة على الحكم ومراكز القرار ومقدرات دول، فيما لعب المثلث الإقليمي (قطر وإيران وتركيا) دوره التخريبي ضد استقرار المنطقة، ضمن مخطط خطير لإعادة رسم الخارطة السياسية طمعا في نفوذ أكبر عبر تنظيمات ومليشيات إرهابية مسلحة، واستهداف المملكة باعتبارها حجر الزاوية في استقرار المنطقة والعالم، لكن هيهات لهم ذلك بفضل الله ثم بقوة ومكانة بلدنا.

قبل أيام شهدت الساحة خاصة الإلكترونية جدالا متشابكا حول اعتذار الشيخ عائض القرني، والذي تناول خلاله حقائق عن تيار ماعُرف بـ(الصحوة) وداعميها في الخارج، وإن تكشف ذلك منذ سنوات ورفضها المجتمع بعد أن اختطف متشددو التيار روح الوسطية والاعتدال. وعلى أي حال جاء الاعتذار ليؤكد مجددا ما هو معروف لشعبنا وأمتنا والعالم عن حقيقة المخطط التآمري ضد بلادنا وفضح الداعمين له خاصة قطر وقناة الفتنة والتضليل (الجزيرة) التي وصفها الشيخ بـ(مسيلمة الكذاب) لكن هناك من رحب بالاعتذار، فيما هاجمه آخرون على ضوء ما سببه تشدد ذلك التيار بحق الأمن الفكري من إثارة بلبلة وإشاعة مساحات رمادية وسوداء تحرك فيها الماكرون للتغرير بشباب وغسل أدمغتهم، وهناك من شكك في موقف الرجل، وهناك من داخل ما يسمى بالصحوة من يهاجم الشيخ على اعتذاره وما رواه عن رفضه المساس ببلده، باعتبار أن شهادته تسهم في هدم اتجاههم الذي حشدوا له طويلا.

نحمد الله على نهج بلادنا الوسطي المعتدل الأصيل الذي تدرك بيقين راسخ قيمته العظيمة والدقيقة وفيه الخير لديننا ولوطننا ولأمتنا وللحضارة البشرية، وتأكيد المملكة دائما على جوهر صحيح الدين، كما نعتز بعلمائنا التقاة الثقاة، وفطرة الشعب السعودي على المحجة البيضاء. ولنقرأ دروس ومعاني مسيرة هذا الوطن كيف توحد على يد الملك عبدالعزيز بعمق إيمانه وبحكمته وحنكته، وإرادته الفذة في بناء كيان شامخ تنعم فيه الأجيال بالخير والأمن، وفي حاضرنا ترسو الإنجازات الكبيرة مرتكزة على هذه النعم، والمزيد يتحقق بفضل الله ثم بالقيادة الرشيدة لتعظيم مقدرات المملكة ودورها المؤثر.

نحن ولله الحمد في رباط وعلينا أن نعززه بلغة الحوار، خاصة وأن الدولة ولله الحمد قوية ويقظة وتتخذ ما يلزم للحفاظ على المكتسبات والحوار الوطني وأمن الوطن وكل من فيه، وتتصدى للإرهاب وعناصر وقوى الشر والغدر، وتحاسب المخطئ بالعدالة، لذا علينا بالوعي الفكري وتعزيز قيم الحوار والتعايش جسدا وطنيا واحدا كما هو دائما وطننا على مدى تاريخه الطويل، ولا نسمح بالمساس بصحيح الدين ولا بالتأليب على هذا الوطن الغالي، أو التعريض بأمنه ومقدراته ومكانته الكبيرة ومكتسباته المتعاظمة ولله الحمد. والوعي يستلزم تجنب الشحناء وعقيم الجدال وسفاسف الخلافات، والشيء بالشيء يذكر وأعني هنا ماليزيا التي يتعايش أهلها بروح وطنية منضوين تحتها بمبدأ الحقوق والواجبات رغم التعدد الإثني والديني، يجمعهم السلام الاجتماعي وتطوير بلادهم.

نسيجنا الوطني ولله الحمد قوي ومتلاحم، ووطننا يستحق كل فكر إيجابي وجهد بنّاء والحوار المتبصر الهادف. حفظ الله وطننا من كل سوء.

* كاتب سعودي