خادم الحرمين: عدم ردع النظام الإيراني قاده للتمادي والتصعيد في الإرهاب
ترأس القمة العربية الطارئة
الجمعة / 26 / رمضان / 1440 هـ الجمعة 31 مايو 2019 01:27
«عكاظ» (مكة المكرمة)
بدأت أعمال القمة العربية الطارئة مساء أمس (الخميس) في قصر الصفا بمكة المكرمة برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
ولدى وصول قادة ورؤساء وفود الدول العربية، كان في استقبالهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
كما كان في استقبالهم، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.
ثم التقطت الصور التذكارية بهذه المناسبة.
عقب ذلك، بدأت أعمال قمة الدول العربية الطارئة بتلاوة آيات من القرآن الكريم.
وقد ألقى الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي رئيس القمة العربية في دورتها العادية الثلاثين التي عقدت في تونس كلمة في بداية الجلسة شكر فيها خادم الحرمين الشريفين على مبادرته لعقد القمة العربية الطارئة التي تعكس اهتمام المملكة العربية السعودية بمصالح العرب.
وأكد أن القمة العربية تعكس الاهتمام الخاص للمملكة العربية السعودية بالقضايا العربية ودورها الرائد في خدمتها كما تجسد عمق الروابط الأخوية والتضامن التي تجمع الدول العربية وتقيم الدليل على ما يحدونا من حرص مشترك على التشاور فيما بيننا حول كل ما من شأنه تعزيز مناعة البلدان العربية وخدمة مصالحها والحفاظ على أمنها واستقرارها.
وقال: «إن الأوضاع الدقيقة التي تمر بها المنطقة وما تشهده من تطورات خطيرة ومتلاحقة تتطلب في تقديرنا تقييماً مشتركاً ومعمقاً للتحديات ولمسار وأشكال التهديد التي تستهدف مقومات الأمن القومي العربي بما يساعد على تحديد أنجح السبل لمواجهتها وتطويق آثارها واحتوائها حفاظاً على أمن واستقرار بلداننا. وفي ظل ما تعانيه منطقتنا العربية من أزمات وقضايا مزمنة وما تتحمله بلداننا من كلفة عالية جداً على المستويات الأمنية والتنموية والاجتماعية والإنسانية وغيرها فإنه من غير المقبول اليوم أن تنجر نحو فصول جديدة من التوتر وعدم الاستقرار على حساب حق شعوبنا في العيش الكريم في كنف السلم والطمأنينة».
وأضاف: أولوياتنا تظل مواصلة جهودنا لتخليص المنطقة من أسباب ومظاهر عدم الاستقرار, وتسوية قضايانا الرئاسية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية العادلة من خلال التوصل إلى حل عادل وشامل لها وفق المرجعيات الأممية المتفق عليها ومبادرة السلام العربية, وكذلك بالنسبة إلى بقية الأزمات والقضايا الأخرى في المنطقة.
وأدان الرئيس التونسي استهداف المدن الآمنة في المملكة العربية السعودية واستهداف السفن بالقرب من المياه الإقليمية لدولة الامارات العربية المتحدة.
وقال الرئيس التونسي: «بقدر إدراكنا لاختلاف التوجهات وتقاطع المصالح فإن ذلك لا يمكن أن يبرر بأي شكل من الأشكال التدخل في الشؤون الداخلية للدول أو أي سلوكيات من شأنها تقويض استقرار المنطقة وزيادة منسوب الاستحقاق والتوتر فيها وتعريض السلم والأمن الدوليان للخطر».
وشدد على أن الأمن القومي الجماعي كُل لا يتجزأ، وتؤكد انطلاقاً من ذلك حرصها على أمن المملكة العربية السعودية الشقيقة وكل البلدان الخليجية والبلدان العربية الذي يمس أحد أهم مقومات الأمن والاستقرار في عموم المنطقة العربية وفي العالم.
وأكد الرئيس التونسي أن التمسك بقيم التآزر والتعاون وبتعزيز أمن ومناعة البلدان العربية يستوجب مواصلة الجهود من أجل تفعيل التضامن ورفع القدرات على مواجهة مختلف التحديات والمخاطر في مقدمتها الإرهاب بكل أشكاله, الذي يستهدف أمن العربي ومقدراته ويمثل أحد عوامل تغذية الفتن وتعميق الأزمات والمآسي التي تعاني منها بعض الدول في المنطقة.
وجدد دعوته إلى تضافر جهود جميع الأطراف الدولية والإقليمية للتصدي لهذه الآفة والحيلولة دون توفير بيئة ملائمة لنشاطاتها من خلال الإسهام في إزالة أسباب التوتر في المنطقة والانخراط الفاعل في كل جهد يرمي لخدمة السلم والأمن الدوليين ورفض كل أشكال التطرف والعنف واستعمال القوة أو التهديد بها والالتزام بمبادئ حسن الجوار والتعايش السلمي واحترام السيادة الوطنية للدول.
وقال الرئيس السبسي: «سيظل توطيد مقومات أمنا القومي بكل أبعاده أولوية مطلقة في عملنا العربي المشترك وستواصل تونس من خلال رئاستها للقمة العربية جهودها من أجل الاسهام في تحقيق ذلك».
بعد ذلك سلم الرئيس التونسي رئاسة القمة لأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
ثم ألقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود الكلمة التالية:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
إخواني أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية
يسرني أن أرحب بكم في بلدكم المملكة العربية السعودية، مقدرا لكم تلبية الدعوة لعقد هذه القمة الطارئة. وأود أن أشكر أخي فخامة الرئيس الباجي قايد السبسي رئيس جمهورية تونس الشقيقة على ما يبذله من جهود موفقة بإذن الله خلال هذه الدورة.
إننا نجتمع اليوم لبحث ما نواجهه من تحديات استثنائية تهدد الأمن العربي، والأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وكذلك حرية التجارة العالمية واستقرار الاقتصاد العالمي. ففي الوقت الذي تبقى فيه القضية الفلسطينية قضيتنا الأولى إلى أن ينال الشعب الفلسطيني حقوقه المسلوبة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا للقرارات الدولية ذات الصلة والمبادرة العربية للسلام، فإننا نواجه اليوم تهديدا لأمننا العربي يتمثل في العمليات التخريبية التي استهدفت سفنا تجارية بالقرب من المياه الإقليمية لدولة الامارات العربية المتحدة، واستهدفت أيضا محطتي ضخ للنفط في المملكة العربية السعودية من قبل مليشيات إرهابية مدعومة من إيران، وهو أمر ليس بالجديد على تجاوز النظام الإيراني المستمر للقوانين والمواثيق الدولية، وتهديد أمن واستقرار دولنا والتدخل في شؤونها.
إخواني أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
بالرغم من مكائد النظام الإيراني وأعماله الإرهابية التي يمارسها مباشرة أو من خلال وكلائه بهدف تقويض الأمن العربي ومسيرة التنمية في بلادنا العربية، إلا أن دولنا وشعوبنا استطاعت بحمد الله أن تواجه هذه المكائد وتحقق تقدما في مساراتها التنموية والاقتصادية وتحافظ على الأمن العربي.
إن عدم اتخاذ موقف رادع وحازم لمواجهة تلك الممارسات الإرهابية للنظام الإيراني في المنطقة هو ما قاده للتمادي في ذلك والتصعيد بالشكل الذي نراه اليوم.
إخواني أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
ستظل يد المملكة العربية السعودية دائما ممدودة للتعاون والتحاور مع دول المنطقة والعالم في كل ما من شأنه تعزيز التنمية والازدهار وتحقيق السلام الدائم لدول وشعوب المنطقة بما في ذلك الشعب الإيراني، وعلينا جميعا السعي لجعل العالم العربي مركزا اقتصاديا وثقافيا مؤثرا في العالم، بما يعكس مقدرات دولنا وشعوبنا الاقتصادية والثقافية والتاريخية، وأدعوكم إخوتي للوقوف وقفة جادة وحازمة للدفاع عن هذه المكتسبات.
كما نطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته إزاء ما تشكله الممارسات الإيرانية ورعايتها للأنشطة الإرهابية في المنطقة والعالم، من تهديد للأمن والسلم الدوليين، واستخدام كافة الوسائل لردع هذا النظام، والحد من نزعته التوسعية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بعدها، ألقى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، كلمة أكد فيها أن قادة وممثلي الدول العربية يقفون في بقعة مباركة في أيام مباركة متّحدي الكلمة والإرادة كبنيان مرصوص باعثين رسالة للعالم أن العرب كما هم عبر التاريخ لا يبدون بالعداوة ولا يبتغون سوى حسن الجوار والتعايش مع مختلف الأممم والشعوب غير أن العرب لايقبلون الضيم ولا يقرون أبداً تحت أي ظرف أن يمس أمنهم أو تهدد مصالحهم وأن تعيش شعوبهم من المحيط الى الخليج تحت الخوف أو الترهيب او الابتزاز.
وقال: «نتحدث اليوم بصوت واحد ونرجو أن يكون مسموعا للجميع ومفهوما من الجميع رافضين النيل من هذه المنطقة وتهديد شعوبها أو تعريض مقدراته للخطر»، مؤكداً أن الأمن القومي العربي جزء لا يتجزأ وسلسلة واحدة متصلة تستمد قوتها من ترابط علاقاتها وأن أي طرف يغفل عن هذه الحقيقة يوقع نفسة بإساءة التقدير مما يقوده إلى التورط وجلب الخراب إلى بلده قبل الآخرين.
وأكد الدكتور أبو الغيط، أن تهديد الأمن الملاحي والممرات البحرية وطرق التجارة يمثل تصعيداً خطيراً،حيث تضامن العالم كله برفضه والتنديد به بل وضمان عدم تكراره وتهديد المقدرات الاقتصادية وموارد الطاقة بواسطة المليشيات الحوثية المدعومة من إيران وتجاوز كل الخطوط الحمر واللعب بالنار.
وأضاف أن أمن الخليج من أمن العرب جميعا، إذ أثبتت التطورات في الأسابيع الأخيرة أن الترويع والابتزاز وابتداع تكتيات الإرهاب يمثل سياسة خائبة عفى عليها الزمن ولم يعد العالم يقبل به ويتسامح مع الدول التي تمارسه.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية: «إن خطر هذه المليشيات والعصابات الإيرانية بمختلف مسمياتها وتشكيلاتها قد فاق كل حد وما دخلت المليشيات بلد إلإ أفسدتها بصورة طائفية عبر بوابة نعرفها جميعا،لقد أفسدت المليشيات الحوثية كل تسوية وناورت وخادعت لكي تتحلل من كل الالتزام واخذت الشعب اليمني رهينة لتنفيذ مخططاتها أو مخطط راعيها الإقليمي والمحصلة هي خراب يدفع ثمنه الشعب اليمني واليوم تمارس هذه العصابات ابتزازا في مواجهه المملكة العربية السعودية ولا تتورع في تهديد المقدسات بلا وازع من دين أو عرف أو خلق»، مؤكداً تضامن الجميع مع المملكة في كافة الإجراءات التي تتخذها دفاعاً عن أمنها في مواجهة هذه الشراذم المتطرفين والإرهابيين التي تحتمي بدولة توفر لها الدعم والتأييد.
بعد ذلك، ألقى الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية كلمة أكد خلالها أن أمن منطقة الخليج العربي يمثل بالنسبة لمصر إحدى الركائز الأساسية للأمن القومي العربي ويرتبط ارتباطا وثيقا وعضويا بالأمن القومي المصري، مشددا على أن العرب ليسوا على استعداد للتفريط في أمنهم القومي.
وأضاف أن القمة العربية الطارئة تنعقد في ظل تهديدات خطيرة وغير مسبوقة تواجه الأمن القومي العربي خصوصا في منطقة الخليج ذات الأهمية الإستراتيجية الكبيرة، مؤكداً أن أي تهديد يواجه أمن الخليج ومن ثم الأمن القومي العربي يقتضي من الجميع وقفة حاسمة لمواجهته بمنتهى الحكمة والحزم، كما أن الحكمة ضرورية لاحتواء أي توتر، فالعرب كانوا ولا يزالون دائما دعاة سلام واستقرار، موضحاً رؤية مصر في كيفية التعامل مع التهديدات التي تواجه الأمن القومي العربي.
وقال الرئيس السيسي: إن الهجمات التي تعرضت لها المرافق النفطية في المملكة مؤخراً من جانب مليشيات الحوثي، والمحاولات المتكررة لاستهداف أراضيها بالصواريخ، وكذلك الاعتداءات التي تعرضت لها الملاحة في المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية الشقيقة تمثل أعمالا إرهابية صريحة، تتطلب موقفا واضحا من كل المجتمع الدولي لإدانتها والعمل بجميع الوسائل لردع مرتكبيها ومحاسبتهم، ومنع تكرار هذه الاعتداءات على الأمن القومي العربي، وعلى السلم والأمن الدوليين، مطالباً المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته كاملة تجاه هذه التهديدات الإرهابية، مشددا على أهمية تفعيل آليات التعاون العربي في مجال مكافحة الإرهاب وتدعيم قدراتهم الذاتية على مواجهته.
وأكد الرئيس المصري أن هناك حاجة لمقاربة إستراتيجية لأزمات المنطقة وجذور عدم الاستقرار والتهديدات التي تواجه الأمن القومي العربي، بحيث تجمع بين الإجراءات السياسية والأمنية، وذلك بالتوازي مع التضامن الكامل مع الأشقاء في المملكة والإمارات، ودعمهم في مواجهة أي تهديدات للأراضي أو المنشآت أو المياه الإقليمية.
وقال: «الدول العربية، في الوقت الذي لن تتسامح فيه مع أي تهديد لأمنها، تظل دائما على رأس الداعين للسلام والحوار، ولنا في قوله تعالى (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله) نبراس ومبدأ نهتدي به.. فلا يوجد أحرص من العرب على علاقات جوار صحية وسليمة، تقوم على احترام سيادة الدول العربية وعدم التدخل في شؤونها، والامتناع عن أية محاولة لاستثارة النعرات الطائفية والمذهبية، وكل من يلتزم بهذه المبادئ سيجد يدا عربية ممدودة له بالسلام والتعاون».
وأضاف الرئيس عبدالفتاح السيسي أن المقاربة الإستراتيجية المنشودة للأمن القومي العربي، تقتضي التعامل بالتوازي مع جميع مصادر التهديد لأمن المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية والمصدر الأول لعدم الاستقرار في المنطقة.
وأكد أن الاستقرار في المنطقة لا يمكن أن يتحقق بدون الحل السلمي الشامل الذي يلبي الطموحات الفلسطينية المشروعة في الاستقلال وإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وقال «لا معنى للحديث عن مقاربة إستراتيجية شاملة للأمن القومي العربي، بدون تصور واضح لمعالجة الأزمات المستمرة في سورية وليبيا واليمن، واستعادة وحدة هذه الدول وسيادتها وتحقيق طموحات شعوبها في الحرية والحياة الكريمة في ظل دول موحدة ذات سيادة، وليست مرتهنة لإرادة وتدخلات وأطماع دول إقليمية أو خارجية أو أمراء الحرب والميلشيات الإرهابية والطائفية».
وقال: يجب مواجهة جميع التدخلات الإقليمية أو الخارجية في الدول العربية وأن الدول العربية لن تتسامح مع أي طرف إقليمي يهدد أراضي ومنشآت ومياه دول عربية أو أن يسعى لممارسة نفوذه في الدول العربية من خلال ميلشيات طائفية تعمل لتحقيق مصالحه الضيقة.
وشدد الرئيس المصري على أن الدول العربية لن تقبل استمرار وجود قوات احتلال عسكرية لطرف إقليمي على أراضي دولتين عربيتين شقيقتين أو أن يدعم طرف إقليمي بالسلاح والعتاد سلطة مليشيات ويغذي الإرهابيين على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي كله.
وأشار الرئيس إلى أن الأمن القومي العربي، وما يقوم عليه من علاقات جوار سليمة وصحية، يقتضي -في المقام الأول- وقفة صدق وحزم مع كل طرف إقليمي يحاول التدخل في الشأن العربي، كما يقتضي وقفة مصارحة مع أي طرف عربي يحيد عن مقتضيات الأمن القومي العربي ويشارك في التدخلات في الشئون الداخلية للدول العربية.
واختتم الرئيس السيسي بالقول «لقد اجتمعنا اليوم، لنوجه رسالة تضامن لا لبس فيها مع الأشقاء في كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ولنجدد عزمنا على بناء مقاربة إستراتيجية شاملة للأمن القومي العربي، تستعيد زمام المبادرة التاريخية للعرب، وتتناسب مع حجم المخاطر والتحديات التي تواجه أمننا العربي في هذه المرحلة، ومع طبيعة الآمال التي تعلقها الشعوب العربية على اجتماعنا».
عقب ذلك، ألقى الملك عبدالله الثاني بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية كلمة أعرب في مستهلها عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين وللمملكة العربية السعودية على الدعوة لعقد هذه القمة العربية الطارئة في مكة المكرمة، التي تأتي في وقت والأمة العربية بأمس الحاجة لتوحيد مواقفها ورؤاها المشتركة، وعلى كرم الضيافة وحسن الاستقبال والتنظيم.
وأوضح الملك عبدالله الثاني أن هذه القمة الطارئة في هذه الأيام المباركة تأتي وأمتنا العربية تواجه العديد من التحديات التي تستدعي منا جميعا تكثيف العمل وزيادة التنسيق فيما بيننا من أجل توحيد الصف العربي وتعزيز منظومة العمل العربي المشترك لمواجهة الأخطار التي تـحيـط بـأمتنا.
وأكد أن المملكة الأردنية الهاشمية تقف إلى جانب أشقائها العرب في الدفاع عن مصالحهم والحفاظ على أمنهم واستقرارهم، ورفضها الحازم لأي تدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية الشقيقة أو تهديد لسيادتها أو أمنها بأي شكل من الأشكال، ومن آخرها ما تعرضت له المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من اعتداءات مدانة ومرفوضة، مجدداً تأكيده أن أمن دول الخليج العربي بالنسبة للأردن يمثل ركيزة أساسية لأمن واستقرار المنطقة؛ فأمن أشقائنا هو أمننا.
وشدد ملك الأردن على أنه لا بد من مواجهة التحديات المتزايدة التي يشهدها عالمنا العربي عبر تطبيق حقيقي لمفهوم العمل العربي المشترك؛ فتحدياتنا وإن اختلفت فإن مصيـرنا مشترك.
وبين أن ترسيخ الاستقرار في المنطقة لا يمكن تحقيـقه دون حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين ومبادرة السلام العربية، يمكّن الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه العادلة والمشروعة في إقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
عقب ذلك، ألقى الرئيس برهم صالح رئيس جمهورية العراق كلمة تقدّم فيها بالشكر لخادم الحرمين الشريفين وللمملكة حكومة وشعباً لحسن الاستقبال وكرم الضيافة.
وقال: «نعاود اجتماعنا في ظروف بالغة التعقيد، ومع الأسف أن حال منطقتنا ليست بأفضل من الأمس، حيث تمر دول عديدة في العالم العربي بتحولات عصيبة»، مشيرا إلى أن بلاده على الرغم من التقدم الحاصل فيها والتفاؤل السائد إلا أنها تواجه تحديات خطيرة.
ولفت النظر إلى أنه في خضمّ هذا الوضع المتأزم والتطورات المتلاحقة في بيئة دولية وإقليمية محتدمة بالاضطرابات والأخطار، يشهد الجميع تفاعل أزمة إقليمية ودولية أمام الأعين تنذر بالتحول إلى حرب شاملة إن لم يتم إدارتها بشكل حسن فإنه سيكون هناك خطر مواجهة إقليمية ودولية قد تجرّ على بلداننا الويلات والوبال.
وتابع قائلا: «إننا في العراق ننظر من واقع تجربة قاسية من الحروب واستهداف الإرهاب لمقدراتنا الذي جاء على أمننا الداخلي وامتدت آثاره على أمن عمقنا العربي وجوارنا الإسلامي بل وعلى أمن واستقرار المجتمع الدولي».
وأضاف: «إن أمن المملكة العربية السعودية الشقيقة هو أمن العراق، وأمن الإمارات وأمن دول الخليج هو أمننا، ونحن في العراق حريصون على أمن المملكة ودول الخليج وأي استهداف لأمنها هو استهداف لأمننا بل استهداف لأمن الدول العربية والإسلامية جمعياً، ونستنكر أي عمل عدائي موجّه لأشقائنا، لأن الإخلال بالأمن في المنطقة هو إخلال بأمن العراق واستقراره أيضاً».
وأكد أن المنطقة بحاجة إلى استقرار مبني على منظومة للأمن المشترك يعتمد احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ونبذ العنف والتطرف، وقال «إن مساعينا لا تتجه فقط إلى بناء منظومة اقتصادية وسياسية متكاملة مع إخوتنا في المملكة والخليج وعمقنا العربي بل إلى أن تسهم دولنا عبر الممرات الدبلوماسية في تحقيق السلام والاستقرار الدائمين في المنطقة وحل الأزمات المتراكمة فيها».
وشدد على أن أمن العراق يعدّ مرتكزا لأمن المنطقة، وأن العنف والاضطراب الأمني والسياسي في العراق قد أخلّ بموازين الأمن في الشرق الأوسط، وهدد الأمن والسّلم الدوليين، وقاد وانتهى إلى ما انتهى إليه من نتائج كارثية أربكت المنظومة الأمنية والسياسية في المنطقة، وأصاب الأمن القومي العربي في الصميم، مبينا أن ترسيخ الاستقرار في العراق يتطلب تعاونا وتفهماً من الأشقاء والجيران والأصدقاء والوقوف إلى جانب بلاده، مؤكدا أن العراق سيعمل على بذل قصارى جهده لفتح باب الحوار البنّاء ونبذ العنف والحرب لحل الأزمة المحدقة بالعالم العربي.
وشدد الرئيس العراقي على موقف بلاده الثابت والداعم للشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة في تأسيس دولته وعاصمتها القدس الشريف، إضافة إلى الحرص على إنهاء معاناة الشعب السوري وتمكينه من حل ساسي مبني على مواجهة الإرهاب واحترام إرادته في الحياة الحرة الكريمة، مؤكدا أن أفضل طريقة لصون الأمن العربي هو السلام والتكاتف في مواجهة الإرهاب والتطرف واحترام سيادة الدول ورفض التدخل في الشأن الداخلي.