كتاب ومقالات

الفكر الذي يجب أن يسود الأمم

بشرى فيصل السباعي

من يطالع الأخبار ويقرأ الصحف ومعاناة الناس التي يبوحون بها في مواقع التواصل يهوله كل هذا القدر اللامتناهي من المعاناة والعذاب والآلام والمظالم والإجرام والعدوان الواقع على الناس من بعضهم والقريب منهم كما الغريب، وتلقائياً يتولد السؤال: ما الذي يمكنه أن ينقذ البشرية من كل هذه الظلمات؟ هل يحتاج البشر إلى مخلص ميتافيزيقي أو غزو فضائي لينقذهم من أنفسهم؟ وبسبب حلكة هذه الظلمات وشدة معاناة الناس سقطوا ضحايا للدعوات الديماغوجية «الغوغائية» التحريضية المهيجة للتعصب والانفعالات العدوانية لدى الجمهور تجاه طرف ما تتم شيطنته وتلعب على وتر إحباطات ومعاناة الجمهور وآمالهم ومخاوفهم وعصبياتهم وتعد بتحقيق اليوتوبيا «المدينة/الدولة الفاضلة الأسطورية» التي لا معاناة فيها ومن شدة حاجة الناس للخلاص من طوفان المعاناة وأمواجه المتلاطمة يصبحون مستعدين لتحويل حياتهم لجحيم أشد من الذي يريدون الخلاص منه على أمل أن يوصلهم هذا لليوتوبيا الموعودة، فما الحل إذاً؟ وما المخرج والرأي والفكر الذي لو ساد الأمم ستتخلص من كل هذه المعاناة بحق وحقيقة؟ الرأي والفكر ومشروع الخلاص من أنواع المعاناة التي يتسبب بها البشر لبعضهم أفراداً وجماعات يتلخص بكلمتين؛ (لا إكراه) «البقرة:256». فبحق «الإكراه» منبع وأصل وجذر كل أنواع المعاناة التي يتسبب بها البشر لبعضهم وتنتهي بجعل حتى الأهل بين قاتل ومقتول على يد بعضهم، فلو ساد فقط عدم إكراه الناس لبعضهم لبادت كل أنواع الصراعات الخاصة والعامة والتي من نتائجها؛ النفاق، التنفر عن الدين والأوطان، العنف الأسري، هروب البنات، الانتهاكات الحقوقية، الإرهاب، الثورات، والحروب وحتى سوء معاملة الحيوانات، ومن يرِد أن يصبح شخصية طيبة مثالية محبوبة ومرغوبة من الغريب كما القريب فيكفيه فقط أن يحقق بشخصيته وسلوكه مع الخلق هاتين الكلمتين المقدستين (لا إكراه) وستعشقه الأرض التي يمشي عليها ويأتيه الناس طواعية وحباً ويتفانون بالبذل له والولاء والوفاء بلا حدود، وتترجم هاتان الكلمتان المقدستان أنظمة وآليات وسياسات وثقافة عامة تجسدها البرامج والأعمال التمثيلية لترسخ مبدأ عدم إكراه الناس أفراداً وجماعات على شيء واحترام إراداتهم واختياراتهم الحرة، فمناط التكليف عند الله وهبته سبحانه للإنسان هي؛ «حرية الإرادة والاختيار» للجنسين وهي سبب إيجاد الله للإنسان من الأصل في خبرة الحياة الدنيا ولهذا «الإكراه» مخالف لإرادة الله، وكاذب وباطل كل تبرير يزعم ويفتري أن الله أباح الإكراه من أي وجه (أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ) (أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ) (لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا) (وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ).

* كاتبة سعودية

bushra.sbe@gmail.com