كتاب ومقالات

رؤية الأمير محمد.. لأجيال المستقبل رغم أعداء اليوم

عبدالرحمن الطريري

الاستقرار هو أمر استثنائي في المنطقة، وعلى عكس كثير من مناطق العالم الاضطرابات هي الأصل، زراعة دولة إسرائيل ثم وصول نظام الملالي إلى طهران، يعدان السبب الرئيسي لجل مشاكل العالمين العربي والإسلامي.

ومع هذا ذهب سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الإعلان عن أن المنطقة ستصبح أوروبا الجديدة، التحديات موجودة على المستوى الأمني والاقتصادي، ولكنه التفت إلى عوامل النجاح، وهي وجود الفرص والإيمان بالخطط وبرؤية المملكة 2030، والشواهد كثيرة على التأثير الإيجابي للتنمية السعودية، في خلق مشاريع مشابهة في الجوار.

وخلال لقاء الأمير مع الزميل الأستاذ غسان شربل، تطرق لعدة ملفات عن أمن المنطقة، وهي مربع إيران سوريا السودان اليمن، وعدا عن السودان، فالملفات الثلاثة شديدة الترابط في ما بينها، وما يربطها بشكل رئيسي هو الدور الإيراني في المنطقة.

فاليمن تحولت من دولة عربية يجتمع أطرافها للتوقيع على مبادرة خليجية جامعة، تجنبها ما ذهبت إليه دول مثل ليبيا وسوريا من اقتتال آنذاك، وتعبر بها إلى انتقال سلمي للسلطة، إلى دولة تحتل عاصمتها مليشيا تمولها وتسلحها إيران، لكي تقصف مكة المكرمة والمطارات المدنية في المملكة، ويدار إعلامها من ضاحية حزب الله.

ولهذا كان التدخل السعودي عبر التحالف العربي لنصرة الشرعية ضروريا، ولأنها السعودية فقد كان تدخلا عسكريا واقتصاديا، مع مئات المبادرات التعليمية والصحية، وإعادة لإعمار المناطق المحررة.

وظلت السعودية مرحبة بكل مساعي الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي في اليمن، ودعمت مباحثات الكويت وجولات مفاوضات جنيف وصولا إلى اتفاق استوكهولم، والذي لم يلتزم به الحوثي، ومارس بعض المسرحيات للقفز على بنوده، بل وأطلق النار على موكب رئيس فريق مراقبة وقف إطلاق النار باتريك كاميرت.

وما هذا إلا لأن الحوثي يختصر دوره في كونه ورقة إيرانية لا تعبأ باليمن ومصالحه، وهذا ما عبر عنه الرئيس روحاني خلال زيارته للنمسا «التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي»، وسويسرا التي تمثل المصالح الأمريكية في طهران، حيث قال إن إيران على استعداد للتخلي عن الورقة اليمنية، إذا ما وجد محفزات اقتصادية من الأوروبيين بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق.

العبث الذي تقوم به إيران من تجنيد المليشيات وإمدادها بالصواريخ والأسلحة، وزعزعة أمن المنطقة، وخلق بيئة لإرهاب داعش والقاعدة، لا يختلف عن العراق لسوريا للبنان وصولا إلى اليمن، فهي وكما أشار سمو ولي العهد في لقائه: هذا النظام أعلن للملأ منذ عام 1979 أن أولويته وهدفه الرئيسي تصدير الثورة، ويسعى لذلك على حساب تطلعات شعبه، وعلى حساب شعوب المنطقة. هذا المحرك يفسّر تصرفات النظام الإيراني، فتصدير الثورة ومبدأ ولاية الفقيه يتطلبان زعزعة استقرار الدول والمنطقة.

ولأن لنا جيرانا منذ أربعة عقود وهم يدمنون سوء الجوار، فلذلك وجب على المملكة الدفاع عن مصالحها وشعبها، وتطوير قدراتها العسكرية، للتصدي بكل حزم للتهديدات الإيرانية، لأن قدر المملكة حماية مقدسات المسلمين، وتحقيق رؤية تنموية لشعبها، والتي بدأت بالفعل تظهر آثارها على الأرض.

حوار الأمير محمد تناول الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية، ولم يغفل العلاقات مع تركيا وقضية خاشقجي، واكتتاب أرامكو، فالدول الكبرى دوما مزدحمة بالملفات، وهذا ما يجعل المملكة أيضا كثيرة الأفعال قليلة الأقوال.

وختاما، حين سئل الأمير عن كيف لهذه المنطقة أن تكون أوروبا الجديدة مع كل تلك العوائق.. كانت الإجابة التي تستشرف المستقبل «يجب ألا نكون أسرى لأوضاع راهنة مؤقتة تمنعنا من العمل على تحقيق واجبنا الأول بصفتنا قادة في المنطقة، وهو النهوض بدولنا. ويجب ألا تشغلنا تحديات اليوم عن العمل بشكل حثيث لتحقيق مستقبل أفضل للأجيال القادمة».

* كاتب سعودي

Twitter: @aAltrairi

Email: me@aaltrairi.com