قمة الكبار وأحلام الصغار
الأحد / 27 / شوال / 1440 هـ الاحد 30 يونيو 2019 01:57
عبدالله صادق دحلان
انتهت بالأمس قمة دول العشرين في أوساكا اليابانية، التي حققت فيها اليابان أكبر نجاح لأكبر تجمع دولي بجمع أكبر دول العالم المؤثرة في القرار السياسي والاقتصادي والمالي والعلمي والاجتماعي في العالم، وهو في وجهة نظري نجاح سياسي كبير يسجل لليابان بعد 74 سنة من هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، وظل العالم النامي والدول الفقيرة يترقب نتائج هذه القمة التي تجمع 37 قائدا منهم 20 من مجموعة العشرين، منها أهم قيادتين اقتصادية في العالم تتوجه لها الأنظار هي قيادة الولايات المتحدة الأمريكية ممثلة برئاسة الرئيس دونالد ترمب وقيادة الصين برئاسة الرئيس (شي جين بينج)؛ نظرا للحرب التجارية المشتعلة منذ سنوات، التي أثرت على التجارة العالمية والاستثمارات العالمية في أمريكا والصين وبعض دول العالم، ورغم أن الولايات المتحدة هي صاحبة فكرة تحرير التجارة ورفع القيود الجمركية وعملت سنوات طويلة لإقناع بقية دول العالم ومارست ضغوطا كبيرة لانضمام أكبر عدد ممكن لاتفاقية التجارة الدولية وكانت أول داعم لإنشاء منظمة التجارة العالمية، ووجهت كل الجهود للضغط على الصين الشيوعية آنذاك للتحول للرأسمالية وتحرير التجارة مباشرة مع الأسواق الصينية.
وبعد سنوات من الضغط العالمي على الصين وضعت الصين خطتها للتحول خلال خمسين عاما، وفعلا استطاعت تحرير تجارتها والتحول التدريجي إلى الاقتصاد الحر، وانضمت إلى منظمة التجارة العالمية وبدأت تستفيد من سياسة الأسواق المفتوحة وتحرير التجارة وعلى وجه الخصوص في الأسواق الأمريكية والأوروبية، وكانت سرعة التحول في الاقتصاد الصيني لا يمكن حسابها أو توقعها سواءً للصادرات الصينية أو استقطاب الشركات العالمية وعلى وجه الخصوص الأمريكية والأوروبية للاستثمار في الصين؛ نظرا لانخفاض تكلفة الإنتاج وكبر حجم الأسواق الصينية وذلك للتصدير أو التسويق خارج الصين.
وبعد سنوات من غزو الصادرات الصينية لأسواق العالم بدأت الولايات المتحدة تشعر بالقلق وأخذت بوضع التدابير الحمائية للصناعات الأمريكية حتى لو أدى الأمر إلى انسحابها من منظمة التجارة العالمية التي أنشأتها.. وأصدرت الولايات المتحدة العديد من الرسوم الحمائية لأسواقها وفرضت رسوما جمركية بنسب عالية، وبالمثل كردة فعل قامت الصين بإجراءات مماثلة أثرت على الصادرات الأمريكية لأسواق الصين واستخدمت نفس الحجة الحمائية لصناعتها، وفي الوقت نفسه كانت ولا زالت الدول النامية والفقيرة والدول الصناعية الصغيرة تنتظر نتائج اجتماعات قادة قمة العشرين التي تعقد سنويا، وعلى قائمة الأجندة لقمة العشرين في اليابان كانت مواضيع عديدة منها مكافحة الفقر وتطوير التعليم ونشر الحماية الصحية ودعم التقنية الرقمية والابتكار والمساواة في العمل للمرأة وضمان مساواتها في الأجر والتبادل التجاري والتعاون المالي والتمويل والبيئة ومواضيع أخرى على الأجندة، وقد تم اجتماع الوزراء المختصين كل في اختصاصه لمناقشة مواضيع الأجندة في اجتماعات سبقت قادة القمة في اليابان، إلا أن العالم بأكمله بما فيهم بقية الأعضاء في قمة العشرين كانوا يترقبون اجتماع الرئيس الصيني والرئيس الأمريكي ونتائج الاجتماع، لأن التجارة البينية والاستثمارات الدولية تعتبر الأساس في النمو والتنمية وخلق الوظائف ومكافحة الفقر ودعم التعليم ونشر الضمان الصحي، وأن أي تأثير على التجارة الدولية سيؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي أجمع، حيث إن مجموعة العشرين تشكل أكثر من 80% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، ورغم ارتفاع هذه النسبة إلا أنه وللأسف يتضاءل دور منظمة التجارة العالمية لأن الكبار همشوا دورها وخرجوا بخلافاتهم إلى خارج نطاقها وحدودها وبعيدا عن أنظمتها وقوانينها.
انتهت اجتماعات القمة وفي وجهة نظري لم تصل الولايات المتحدة والصين إلى اتفاق ملزم ومحدد المدة يطمئن العالم والتجارة والاستثمار العالمي ويطمئن أسواق الأسهم العالمية، ولكن نجحت اليابان في تقديم التسهيلات اللوجستية والسلامة الأمنية لعقد قمة العشرين ونشرت حوالى خمسة وثلاثين ألف عنصر شرطة قدموا من 46 مدينة لحماية قادة مجموعة العشرين ومعهم 30 ألف ضيف مرافق ومنهم سبعة آلاف صحفي وإعلامي، ووضعت مدينة أوساكا في حالة طوارئ فأغلقت المدارس والمحلات التجارية.
وكنت آمل أن يكون اتفاق الولايات المتحدة والصين في هذه القمة ليضع حدا للحرب التجارية، وسمى بعض الاقتصاديين قمة العشرين في اليابان باسم (القمة الحمائية) نسبة إلى السياسات الحمائية التي فرضتها الولايات المتحدة على الصين ورد فعل الصين على الولايات المتحدة في المقابل.
وأهلا وسهلا بقادة مجموعة العشرين في المملكة العربية السعودية في اجتماعهم القادم وأتوقع ان تحقق المملكة نجاحات كبيرة من حيث النتائج في القمة القادمة وهو ما يتطلب منها إعدادا كبيرا على المستوى السياسي والاقتصادي واللوجستي، وأنا متأكد جدا بأنها قادرة على إنجاح القمة التي ستنعقد في المملكة من حيث النتائج والتنظيم.
* كاتب اقتصادي سعودي
وبعد سنوات من الضغط العالمي على الصين وضعت الصين خطتها للتحول خلال خمسين عاما، وفعلا استطاعت تحرير تجارتها والتحول التدريجي إلى الاقتصاد الحر، وانضمت إلى منظمة التجارة العالمية وبدأت تستفيد من سياسة الأسواق المفتوحة وتحرير التجارة وعلى وجه الخصوص في الأسواق الأمريكية والأوروبية، وكانت سرعة التحول في الاقتصاد الصيني لا يمكن حسابها أو توقعها سواءً للصادرات الصينية أو استقطاب الشركات العالمية وعلى وجه الخصوص الأمريكية والأوروبية للاستثمار في الصين؛ نظرا لانخفاض تكلفة الإنتاج وكبر حجم الأسواق الصينية وذلك للتصدير أو التسويق خارج الصين.
وبعد سنوات من غزو الصادرات الصينية لأسواق العالم بدأت الولايات المتحدة تشعر بالقلق وأخذت بوضع التدابير الحمائية للصناعات الأمريكية حتى لو أدى الأمر إلى انسحابها من منظمة التجارة العالمية التي أنشأتها.. وأصدرت الولايات المتحدة العديد من الرسوم الحمائية لأسواقها وفرضت رسوما جمركية بنسب عالية، وبالمثل كردة فعل قامت الصين بإجراءات مماثلة أثرت على الصادرات الأمريكية لأسواق الصين واستخدمت نفس الحجة الحمائية لصناعتها، وفي الوقت نفسه كانت ولا زالت الدول النامية والفقيرة والدول الصناعية الصغيرة تنتظر نتائج اجتماعات قادة قمة العشرين التي تعقد سنويا، وعلى قائمة الأجندة لقمة العشرين في اليابان كانت مواضيع عديدة منها مكافحة الفقر وتطوير التعليم ونشر الحماية الصحية ودعم التقنية الرقمية والابتكار والمساواة في العمل للمرأة وضمان مساواتها في الأجر والتبادل التجاري والتعاون المالي والتمويل والبيئة ومواضيع أخرى على الأجندة، وقد تم اجتماع الوزراء المختصين كل في اختصاصه لمناقشة مواضيع الأجندة في اجتماعات سبقت قادة القمة في اليابان، إلا أن العالم بأكمله بما فيهم بقية الأعضاء في قمة العشرين كانوا يترقبون اجتماع الرئيس الصيني والرئيس الأمريكي ونتائج الاجتماع، لأن التجارة البينية والاستثمارات الدولية تعتبر الأساس في النمو والتنمية وخلق الوظائف ومكافحة الفقر ودعم التعليم ونشر الضمان الصحي، وأن أي تأثير على التجارة الدولية سيؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي أجمع، حيث إن مجموعة العشرين تشكل أكثر من 80% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، ورغم ارتفاع هذه النسبة إلا أنه وللأسف يتضاءل دور منظمة التجارة العالمية لأن الكبار همشوا دورها وخرجوا بخلافاتهم إلى خارج نطاقها وحدودها وبعيدا عن أنظمتها وقوانينها.
انتهت اجتماعات القمة وفي وجهة نظري لم تصل الولايات المتحدة والصين إلى اتفاق ملزم ومحدد المدة يطمئن العالم والتجارة والاستثمار العالمي ويطمئن أسواق الأسهم العالمية، ولكن نجحت اليابان في تقديم التسهيلات اللوجستية والسلامة الأمنية لعقد قمة العشرين ونشرت حوالى خمسة وثلاثين ألف عنصر شرطة قدموا من 46 مدينة لحماية قادة مجموعة العشرين ومعهم 30 ألف ضيف مرافق ومنهم سبعة آلاف صحفي وإعلامي، ووضعت مدينة أوساكا في حالة طوارئ فأغلقت المدارس والمحلات التجارية.
وكنت آمل أن يكون اتفاق الولايات المتحدة والصين في هذه القمة ليضع حدا للحرب التجارية، وسمى بعض الاقتصاديين قمة العشرين في اليابان باسم (القمة الحمائية) نسبة إلى السياسات الحمائية التي فرضتها الولايات المتحدة على الصين ورد فعل الصين على الولايات المتحدة في المقابل.
وأهلا وسهلا بقادة مجموعة العشرين في المملكة العربية السعودية في اجتماعهم القادم وأتوقع ان تحقق المملكة نجاحات كبيرة من حيث النتائج في القمة القادمة وهو ما يتطلب منها إعدادا كبيرا على المستوى السياسي والاقتصادي واللوجستي، وأنا متأكد جدا بأنها قادرة على إنجاح القمة التي ستنعقد في المملكة من حيث النتائج والتنظيم.
* كاتب اقتصادي سعودي