كتاب ومقالات

مصير إسرائيل في المستقبل البعيد

بشرى فيصل السباعي

لأن القياس أهم وسائل التنبؤ بالمستقبل، فبالقياس على المستعمرات الأوروبية بأفريقيا وآسيا، ونظام فصلها العنصري الذي كانت تهيمن به الأقلية المستوطنة على الأغلبية من السكان الأصليين والتي زالت جميعها مع نهاية القرن العشرين وبدون صراعات مسلحة غالباً، فما ينتظر إسرائيل مصير مشابه وبخاصة بالنظر للاعتبارات التالية:

* التطور الحضاري الثقافي وقيمه الحقوقية القائمة على الوعي بمعاناة الآخر المضطهد وهذا صيرورة كل المجتمعات؛ ويتمثل بمنح الفئات المضطهدة تقليدياً كالنساء والأقليات والسكان الأصليين حقوقا مساوية للفئات التي كانت تتفرد بمكانة السلطة الأبوية العنصرية المستبدة، وفي إسرائيل بدأ يحصل مثل هذا التطور ويتمثل بجمعيات حقوقية إسرائيلية تدافع عن الفلسطينيين مثل B’Tselem، التي منحتهم كاميرات ليوثقوا اعتداءات السلطات الإسرائيلية والمستوطنين، وحركات رفض موظفي الاستخبارات Unit-8200 وطيارين وضباط وجنود للخدمة Shministim، Yesh Gvul، لأنهم يرفضون تنفيذ السياسات القمعية وجرائم الحرب بحق الفلسطينيين رغم أنهم يعاقبون بالسجن، ورفعت هذه الحركة الإسرائيلية قضايا بالمحاكم البريطانية ضد عسكريين إسرائيليين متورطين بجرائم حرب.

* د. مايكل شوير رئيس وحدة متابعة القاعدة بالاستخبارات الأمريكية بشهادته أمام الكونجرس قال إن تأييد أمريكا لإسرائيل سبب العمليات الإرهابية ضد أمريكا ولذا توصيته؛ «قطع الارتباط بإسرائيل»، فهناك ضغوط متزايدة من المسؤولين بالاستخبارات الغربية لتتخلى دولهم عن إسرائيل.

* الزيادة السكانية الفلسطينية تفوق نظيرتها الإسرائيلية، كما أن الفئة التي لديها أعلى معدل إنجاب بإسرائيل هي فئة اليهود الأصوليين الذين يعتبرون موانع الحمل محرمة ورجالهم لا يعملون ومتفرغون للدراسات التوراتية ويمتنعون عن الخدمة العسكرية ومعفون منها ويمتنعون عن المشاركة بأي نشاط لحكومتهم لأنهم يعتبرون من المحرّم إقامة دولة يهودية قبل مجيء المسيح المنتظر ليقيمها لهم.

* تزايد وصول عرب ومسلمين وفلسطينيين لمؤسسات الحكم الأمريكية كما حصل مؤخرا بالكونجرس وهذا سيساعد على تغيير الموقف الأمريكي التقليدي المنحاز لإسرائيل كدولة غربية على خلفية تعصبات عنصرية ضد العرب.

* تطبيع صورة العربي والمسلم بالإعلام العالمي مع تزايد اندماج العرب والمسلمين بالثقافة الإعلامية والفنية العالمية وذلك مقابل صورته الحالية النمطية السلبية كهمجي إرهابي متخلف، وهذا سيخفض الانحياز العنصري الغربي لإسرائيل.

* تباعد ذكرى ما فعلته النازية باليهود سيلغي إمكانية ابتزاز الغرب بها لإجبارهم على الانحياز لإسرائيل.

* الهيئات الدولية باتت أكثر جرأة بانتقاد انتهاك إسرائيل لحقوق الفلسطينيين.

والمحصلة أن إسرائيل ستزول كدولة لليهود وفق الأيديولوجيا الصهيونية وسيندمج اليهود مع السكان الأصليين الفلسطينيين في دولة ديموقراطية، وقسم سيرجعون لبلدانهم الأصلية الغربية كما حصل بعد زوال حكم الأقلية البيضاء بجنوب أفريقيا وغيرها.

* كاتبة سعودية

bushra.sbe@gmail.com