السعودية والمسار الجديد
الاثنين / 05 / ذو القعدة / 1440 هـ الاثنين 08 يوليو 2019 02:00
عبدالرحمن الجديع
مرت وتمر بها منطقة الشرق الأوسط عموماً ومنطقة الخليج، أن السعودية تقوم على قاعدة صلبة وراسخة تتمثل في المبادئ الإسلامية السامية والقيم العربية الأصيلة التي شكلت حجر الرحى في المنطلقات والثوابت السياسية للمملكة التي أرسى دعائمها الملك المؤسس الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه.
بيْد أنَّ السعودية الآن تشهد مساراً جديداً يأخذ بمعطيات العصر ويؤكد متطلباته، من دون التفريط بهذه الثوابت. ويتجلى المسار الجديد بالنقلة النوعية التي تعمُّ المملكة شكلاً وبنية من تحديث وتطور وإصلاح.
إنَّ التغيير والتغير سمتان ملازمتان لتطور الأمم ونهوضها، ويمكن ملاحظة وتيرة التغيرات ونبضها من خلال المسارات التالية: المسار الدولي، إذ تميز العهد الجديد بإدراك أنَّ المجتمع الدولي يعيش مرحلة غير مسبوقة في عالم متغير، حتى إنَّ أدبيات العلاقات الدولية أخذت تطلق على العالم المعاصر صفة أنه «عالم متغير».
من هذا المنطلق بادرت القيادة الشابة في المملكة إلى العمل، ليس على إبراز الصورة الحضارية للسعودية، وحسب، وإنما تأكيد دورها الأساسي باعتبارها الدعامة الأساسية للأمن والاستقرار في المنطقة. كما رسخت الإيمان بأهمية التعاون الدولي، باعتباره قناعة ثابتة، حيث حرصت على الالتزام بالمواثيق الدولية والأعراف الدبلوماسية، وعقد الشراكات والاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع الدولفي الأطر الاقتصادية والإستراتيجية، بحيث يتأسس ذلك كله على التوازن في العلاقات السياسية والاقتصادية، والاحترام المتبادل للمصالح المشتركة
لقد تجلت مكانة المملكة أمام المجتمع الدولي بوضوح وجلاء في مواقف المملكة إبَّان مشاركة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع في قمة G20 التي عقدت في مدينة أوساكا أواخر الشهر الماضي، إذ حظي سمو ولي العهد بحفاوة كبيرة من قبل زعماء العالم؛ لدوره الفاعل والمؤثر، ما جعل له حضوراً استثنائياً مميزاً في مثل هذه المنتديات الدولية، وهو أمر يَبرز بوضوح من خلال إقبال زعماء العالم وقادته للقاء بسموه على هامش القمة، لتوثيق العلاقات والوقوف على وجهة نظر المملكة من قضايا مهمة مثل التغير المناخي وما تسببه الانبعاثات في تلوث البيئة، وكذلك الأمن الغذائي، والطاقة وأسواق النفط العالمية، وتحقيق التوازن المنشود، وتلبية أهداف التنمية المستدامة(SDG) المعتمدة من منظمة الأمم المتحدة. وبلا أدنى ريب، أنَّ هذا الحرص على مناقشة هذه المواضيع وغيرها مع سمو ولي العهد يعكس ثقل المملكة ومكانتها الدولية ودورها المؤثر في الانشغالات العالمية
ولعل المسار الإقليمي لا يقل أهمية عن المسار الدولي، حيث أولت السعودية أهمية خاصة لدول المنطقة، وكان لها دور فعال في إنهاء الكثير من الأزمات، وعقد القمم الذي كان آخرها القمم الثلاث: الخليجية والعربية والإسلامية، لمناقشة القضايا والأوضاع في المنطقة، وطرح مبادرات خيِّرة تأخذ المصالح العربية والإسلامية بعين الاعتبار، وهو ما يعطي بعداً إضافياً لمسار العلاقات الإقليمية.
ما تقوم به المملكة من جهود في ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة، والتصدي للسلوك العدواني الإيراني، سواء من خلال تحجيم نفوذه، أو وأد طموحه الهمجي بتصدير الثورة، أو فضح دعم نظام الملالي للإرهاب والجماعات المتطرفة.. كل ذلك جعل العالم ودول المنطقة وشعوبها تنظر للمملكة وقيادتها نظرة إكبار وتقدير، وتجعل للمملكة الريادة في هذه المنطقة الحيوية من العالم
في غضون ذلك، يتميز المسار الوطني بأنه يشهد حجماً كبيراً من التغيرات والتحولات والتجدد والانفتاح، لم يسبق له مثيل. فالرؤية السعودية 2030 ومبدعها سمو ولي العهد تصنع واقعاً جديداً في السعودية، وترسي اللبنات الأساسية التي تهيئ المواطن السعودي لحياة أفضل من خلال التركيز على محاور اقتصاد مزدهر ومجتمع حيوي ووطن طموح.
ويتم إنجاز هذا الطموح الخلاق، عبر العديد من البرامج والمشاريع مثل برنامج التحول الوطني، وجودة الحياة، والتوازن المالي، وصندوق الاستثمار، ومشاريع أخرى مثل نيوم والقدية، وغيرهما من المشاريع التي ستغير وجه السعودية، وتجعلها تنافس الدول المتقدمة في القطاعات كافة.
لقد عبر سمو ولي العهد في هذا المجال عن فخره بأنَّ «المواطن السعودي أصبح يقود التغيير بينما تخوف الكثيرون من أنَّ الرؤية ستواجه مقاومة بسبب حجم التغيير الذي تحتويه». لذا فإنَّ ما تشهده السعودية يأخذ بالمفاهيم الجديدة التي تقوم على المنافسة عالمياً على مستوى الإنتاج، فضلاً عن أنَّ الإصلاحات والسياسات التي اعتمدت بالغة الأهمية، وتكفي الإشارة هنا إلى تمكين المرأة من المشاركة الفاعلة والإسهام بالتنمية وبناء المجتمع الجديد.
ولعل تسنُّم السيدات صهوة مناصب مرموقة في بعض المؤسسات المالية أو الأكاديمية أو الدبلوماسية يعدُّ موشراً أكيداً على السير في الاتجاه الصحيح. وفي هذا السياق، غرد المفكر السعودي عبدالله الغذامي: «إنَّ محمد بن سلمان عندي هو المستقبل وهو الرؤية، أسانده لأنني ظللت ستين عاماً أحلم لوطني يمضي في التجاوز والإنجاز، ولم أتصور تحقق هذا الحلم أبداً، كانت أحلاماً شاعرية، وجاء محمد ليحول المجاز إلى إنجاز»، بينما غرد الصحفي المعروف الأستاذ عثمان العمير: «الملك سلمان أنقذ السعودية من الشيخوخة بتعيين الأمير محمد بن سلمان». هذه الآراء وغيرها تجسد رؤية المثقف السعودي حيال ما يحدث بالسعودية من تحديث وتطور وانفتاح في العهد الميمون لخادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمين، والتجاوب الاجتماعي والشعبي مع القيادة في عملية البناء الجديدة، بعيداً عن السياسات القديمة والنزعات والأفكار المنغلقة.
هذه الجهود تأخذ بقدرات المواطن الإبداعية والخلاقة، بما يؤكد ضرورة الارتقاء بالمجتمع السعودي ليتبوأ المكانة التي يستحقها، ويلبي متطلبات العصر الحديث، فمفهوم التغير والتجدد والابتكار هو سجيَّة المجتمعات الحية وروحها المتدفقة، فأي مجتمع غير قابل للحركة والتحول مآله الجمود والموت.
* كاتب سعودي
بيْد أنَّ السعودية الآن تشهد مساراً جديداً يأخذ بمعطيات العصر ويؤكد متطلباته، من دون التفريط بهذه الثوابت. ويتجلى المسار الجديد بالنقلة النوعية التي تعمُّ المملكة شكلاً وبنية من تحديث وتطور وإصلاح.
إنَّ التغيير والتغير سمتان ملازمتان لتطور الأمم ونهوضها، ويمكن ملاحظة وتيرة التغيرات ونبضها من خلال المسارات التالية: المسار الدولي، إذ تميز العهد الجديد بإدراك أنَّ المجتمع الدولي يعيش مرحلة غير مسبوقة في عالم متغير، حتى إنَّ أدبيات العلاقات الدولية أخذت تطلق على العالم المعاصر صفة أنه «عالم متغير».
من هذا المنطلق بادرت القيادة الشابة في المملكة إلى العمل، ليس على إبراز الصورة الحضارية للسعودية، وحسب، وإنما تأكيد دورها الأساسي باعتبارها الدعامة الأساسية للأمن والاستقرار في المنطقة. كما رسخت الإيمان بأهمية التعاون الدولي، باعتباره قناعة ثابتة، حيث حرصت على الالتزام بالمواثيق الدولية والأعراف الدبلوماسية، وعقد الشراكات والاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع الدولفي الأطر الاقتصادية والإستراتيجية، بحيث يتأسس ذلك كله على التوازن في العلاقات السياسية والاقتصادية، والاحترام المتبادل للمصالح المشتركة
لقد تجلت مكانة المملكة أمام المجتمع الدولي بوضوح وجلاء في مواقف المملكة إبَّان مشاركة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع في قمة G20 التي عقدت في مدينة أوساكا أواخر الشهر الماضي، إذ حظي سمو ولي العهد بحفاوة كبيرة من قبل زعماء العالم؛ لدوره الفاعل والمؤثر، ما جعل له حضوراً استثنائياً مميزاً في مثل هذه المنتديات الدولية، وهو أمر يَبرز بوضوح من خلال إقبال زعماء العالم وقادته للقاء بسموه على هامش القمة، لتوثيق العلاقات والوقوف على وجهة نظر المملكة من قضايا مهمة مثل التغير المناخي وما تسببه الانبعاثات في تلوث البيئة، وكذلك الأمن الغذائي، والطاقة وأسواق النفط العالمية، وتحقيق التوازن المنشود، وتلبية أهداف التنمية المستدامة(SDG) المعتمدة من منظمة الأمم المتحدة. وبلا أدنى ريب، أنَّ هذا الحرص على مناقشة هذه المواضيع وغيرها مع سمو ولي العهد يعكس ثقل المملكة ومكانتها الدولية ودورها المؤثر في الانشغالات العالمية
ولعل المسار الإقليمي لا يقل أهمية عن المسار الدولي، حيث أولت السعودية أهمية خاصة لدول المنطقة، وكان لها دور فعال في إنهاء الكثير من الأزمات، وعقد القمم الذي كان آخرها القمم الثلاث: الخليجية والعربية والإسلامية، لمناقشة القضايا والأوضاع في المنطقة، وطرح مبادرات خيِّرة تأخذ المصالح العربية والإسلامية بعين الاعتبار، وهو ما يعطي بعداً إضافياً لمسار العلاقات الإقليمية.
ما تقوم به المملكة من جهود في ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة، والتصدي للسلوك العدواني الإيراني، سواء من خلال تحجيم نفوذه، أو وأد طموحه الهمجي بتصدير الثورة، أو فضح دعم نظام الملالي للإرهاب والجماعات المتطرفة.. كل ذلك جعل العالم ودول المنطقة وشعوبها تنظر للمملكة وقيادتها نظرة إكبار وتقدير، وتجعل للمملكة الريادة في هذه المنطقة الحيوية من العالم
في غضون ذلك، يتميز المسار الوطني بأنه يشهد حجماً كبيراً من التغيرات والتحولات والتجدد والانفتاح، لم يسبق له مثيل. فالرؤية السعودية 2030 ومبدعها سمو ولي العهد تصنع واقعاً جديداً في السعودية، وترسي اللبنات الأساسية التي تهيئ المواطن السعودي لحياة أفضل من خلال التركيز على محاور اقتصاد مزدهر ومجتمع حيوي ووطن طموح.
ويتم إنجاز هذا الطموح الخلاق، عبر العديد من البرامج والمشاريع مثل برنامج التحول الوطني، وجودة الحياة، والتوازن المالي، وصندوق الاستثمار، ومشاريع أخرى مثل نيوم والقدية، وغيرهما من المشاريع التي ستغير وجه السعودية، وتجعلها تنافس الدول المتقدمة في القطاعات كافة.
لقد عبر سمو ولي العهد في هذا المجال عن فخره بأنَّ «المواطن السعودي أصبح يقود التغيير بينما تخوف الكثيرون من أنَّ الرؤية ستواجه مقاومة بسبب حجم التغيير الذي تحتويه». لذا فإنَّ ما تشهده السعودية يأخذ بالمفاهيم الجديدة التي تقوم على المنافسة عالمياً على مستوى الإنتاج، فضلاً عن أنَّ الإصلاحات والسياسات التي اعتمدت بالغة الأهمية، وتكفي الإشارة هنا إلى تمكين المرأة من المشاركة الفاعلة والإسهام بالتنمية وبناء المجتمع الجديد.
ولعل تسنُّم السيدات صهوة مناصب مرموقة في بعض المؤسسات المالية أو الأكاديمية أو الدبلوماسية يعدُّ موشراً أكيداً على السير في الاتجاه الصحيح. وفي هذا السياق، غرد المفكر السعودي عبدالله الغذامي: «إنَّ محمد بن سلمان عندي هو المستقبل وهو الرؤية، أسانده لأنني ظللت ستين عاماً أحلم لوطني يمضي في التجاوز والإنجاز، ولم أتصور تحقق هذا الحلم أبداً، كانت أحلاماً شاعرية، وجاء محمد ليحول المجاز إلى إنجاز»، بينما غرد الصحفي المعروف الأستاذ عثمان العمير: «الملك سلمان أنقذ السعودية من الشيخوخة بتعيين الأمير محمد بن سلمان». هذه الآراء وغيرها تجسد رؤية المثقف السعودي حيال ما يحدث بالسعودية من تحديث وتطور وانفتاح في العهد الميمون لخادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمين، والتجاوب الاجتماعي والشعبي مع القيادة في عملية البناء الجديدة، بعيداً عن السياسات القديمة والنزعات والأفكار المنغلقة.
هذه الجهود تأخذ بقدرات المواطن الإبداعية والخلاقة، بما يؤكد ضرورة الارتقاء بالمجتمع السعودي ليتبوأ المكانة التي يستحقها، ويلبي متطلبات العصر الحديث، فمفهوم التغير والتجدد والابتكار هو سجيَّة المجتمعات الحية وروحها المتدفقة، فأي مجتمع غير قابل للحركة والتحول مآله الجمود والموت.
* كاتب سعودي