شيزوفرينيا العميل هنية
ميثولوجيا سياسية
الخميس / 29 / ذو القعدة / 1440 هـ الخميس 01 أغسطس 2019 01:43
نورا المطيري
في شتاء العام 2016، وفي عيادة طبيب نفسي في غزة، قال: لم أفهم كلمة واحدة، كيف؟ كيف لي شخصيتان ؟! أجاب الطبيب النفسي: «هذه الحقيقة، ولن أكذب عليك يا إسماعيل ! لديك شخصيتان مستقلتان، كل واحدة لا تعلم عن الأخرى ماذا تفعل ! إنها الحقيقة، مع أني أعلم أن ذلك سيكلفني غاليا»!
نظر إليه إسماعيل هنية وقد دارت الكرة الأرضية في رأسه مرتين قبل أن يقول: ولماذا تكلفك غاليا؟ فقال الطبيب: لأن الشخصية الأولى شخصية العميل، هي شخصية انتهازية وصولية، قضيت معها سنوات طويلة من عمرك وأنت تخدم إسرائيل، هي غير موجودة الآن، فأنا أتحدث مع الشخصية الوطنية التي تدافع عن أرض فلسطين، ولا شك بأنك سوف تتخذ إجراء بحقي، ولا أستبعد اغتيالي اعتبارا من هذه اللحظة..!
فكّر هنية، ونظر في عينيّ الطبيب، لم يستوعب الحكاية، لم يفهم بالكامل معنى أنه مُصاب بشيزوفرينيا، ظنّ أن الطبيب قد اخترع ذلك للتو، فسأله: كيف عرفت أن لدّي شخصيتين؟ فقال: لا تغضب، أنت مصاب أصلا بالعصبية الزائدة بسبب المواقف المحرجة التي مررت بها، فتشكلت لديك ضغوطات نفسية هائلة، ويبدو ذلك من ضيق التنفس وتسارع النبض، والتي تسببت في فصام في شخصيتك منذ حبسك في العام 1989، وقالت لي الشخصية الأخرى، شخصية العميل، إنها وافقت على النفي إلى مرج الزهور على الحدود اللبنانية الفلسطينية شريطة العمل مع جهاز الموساد الإسرائيلي، أنت قلت لي ذلك بنفسك !
وضع هنية أصابعه على رأسه وانحنى متوجسا من كلام الطبيب، ظنّ أنه يحلم، ما هذه المصيبة، أيعقل أنه عميل للموساد ؟! هذا ضرب من الجنون، سأل الطبيب: وماذا قالت لك الشخصية الأخرى أيضا؟ خاف الطبيب، عرف أن هنية يستدرجه وهو يفكر بتصفيته، حسب الشخصية الأخرى التي تتحدث معه الآن، قال: أشياء عادية، دورك في سجن أحمد ياسين حين كنت مدير مكتبه، إزاحة خالد مشعل عن طريقك، زرع الفتنة الأبدية مع فتح، العلاقة مع قطر، حكايات لم أفهمها كلها، ولكن لا عليك، يمكن المعالجة !
نظر إليه هنية والشرر يتطاير من عينيه، سأله: هل أنت متأكد؟ هذا كلام خطير، هل قلت بنفسي ذلك؟ ابتسم الطبيب ابتسامة الخائف المرعوب، قال: نعم، قلت أكثر من ذلك، قلت إن مهمتك الوحيدة هي استمرار حالة النزاع الفلسطيني الفلسطيني، وهي الفرصة الوحيدة التي يمكن لإسرائيل التحرك خلالها، بإقناع العالم أن الفلسطينيين لا يريدون السلام، وأن صواريخ حماس، التي تنطلق من غزة نحو إسرائيل، عند كل معاهدة هدنة وسلام، تأتي بأوامر مباشرة من إسرائيل، وأن كل خلاف مع فتح، يأتي لغرض إضعاف السلطة في مفاوضاتها مع إسرائيل !
وقف هنية غاضبا، كان يريد خنق الطبيب النفسي المعروف (أ. س)، الذي توفي بعد ذلك بأسبوعين، بطريقة مجهولة، سأله، هل هناك معلومات أخرى ذكرتها الشخصية الأخرى، حول يحيى عياش مثلا؟ وقف الطبيب مفزوعا، قال: نعم، قلت إن الشاباك، وتحديدا جدعون عيزرا قد أعطاك إنذارا نهائيا لتحديد مكان المهندس يحيى عياش، في العام 1996، وأنك ساهمت بتوصيل جهاز الهاتف المحمول لصديقك أسامة، الذي أعطاه الهاتف، واطمأن أنه من طرفك !
نفخ هنية أنفاسه وهو يدور في الغرفة ذهابا وإيابا، قال: وماذا أيضا؟ ارتعد الطبيب، وعرف أنها نهايته على يد هذا المجرم العميل، لكنه قرر المضي في كشفه لنفسه فقال: تحدثت عن صفقات كثيرة مع إيران وقطر وتركيا مع إسرائيل، وصفقات أخرى يومية مع كتاب وصحفيين، كما تحدثت عن دورك في صفقة القرن، لكنني لم أفهم كل ذلك. وابتسم الطبيب ابتسامة مرعوبة، وقال: ولا أريد حقا أن أفهمه !
هزّ هنية رأسه منتفضاً، مسح يده بوجهه وقال: تستطيع كتمان هذه الأسرار؟ صحيح ؟ فوافق الطبيب بسرعة، وخرج هنية الآخر من العيادة مسرعا !
* روائية وباحثة سياسية
نظر إليه إسماعيل هنية وقد دارت الكرة الأرضية في رأسه مرتين قبل أن يقول: ولماذا تكلفك غاليا؟ فقال الطبيب: لأن الشخصية الأولى شخصية العميل، هي شخصية انتهازية وصولية، قضيت معها سنوات طويلة من عمرك وأنت تخدم إسرائيل، هي غير موجودة الآن، فأنا أتحدث مع الشخصية الوطنية التي تدافع عن أرض فلسطين، ولا شك بأنك سوف تتخذ إجراء بحقي، ولا أستبعد اغتيالي اعتبارا من هذه اللحظة..!
فكّر هنية، ونظر في عينيّ الطبيب، لم يستوعب الحكاية، لم يفهم بالكامل معنى أنه مُصاب بشيزوفرينيا، ظنّ أن الطبيب قد اخترع ذلك للتو، فسأله: كيف عرفت أن لدّي شخصيتين؟ فقال: لا تغضب، أنت مصاب أصلا بالعصبية الزائدة بسبب المواقف المحرجة التي مررت بها، فتشكلت لديك ضغوطات نفسية هائلة، ويبدو ذلك من ضيق التنفس وتسارع النبض، والتي تسببت في فصام في شخصيتك منذ حبسك في العام 1989، وقالت لي الشخصية الأخرى، شخصية العميل، إنها وافقت على النفي إلى مرج الزهور على الحدود اللبنانية الفلسطينية شريطة العمل مع جهاز الموساد الإسرائيلي، أنت قلت لي ذلك بنفسك !
وضع هنية أصابعه على رأسه وانحنى متوجسا من كلام الطبيب، ظنّ أنه يحلم، ما هذه المصيبة، أيعقل أنه عميل للموساد ؟! هذا ضرب من الجنون، سأل الطبيب: وماذا قالت لك الشخصية الأخرى أيضا؟ خاف الطبيب، عرف أن هنية يستدرجه وهو يفكر بتصفيته، حسب الشخصية الأخرى التي تتحدث معه الآن، قال: أشياء عادية، دورك في سجن أحمد ياسين حين كنت مدير مكتبه، إزاحة خالد مشعل عن طريقك، زرع الفتنة الأبدية مع فتح، العلاقة مع قطر، حكايات لم أفهمها كلها، ولكن لا عليك، يمكن المعالجة !
نظر إليه هنية والشرر يتطاير من عينيه، سأله: هل أنت متأكد؟ هذا كلام خطير، هل قلت بنفسي ذلك؟ ابتسم الطبيب ابتسامة الخائف المرعوب، قال: نعم، قلت أكثر من ذلك، قلت إن مهمتك الوحيدة هي استمرار حالة النزاع الفلسطيني الفلسطيني، وهي الفرصة الوحيدة التي يمكن لإسرائيل التحرك خلالها، بإقناع العالم أن الفلسطينيين لا يريدون السلام، وأن صواريخ حماس، التي تنطلق من غزة نحو إسرائيل، عند كل معاهدة هدنة وسلام، تأتي بأوامر مباشرة من إسرائيل، وأن كل خلاف مع فتح، يأتي لغرض إضعاف السلطة في مفاوضاتها مع إسرائيل !
وقف هنية غاضبا، كان يريد خنق الطبيب النفسي المعروف (أ. س)، الذي توفي بعد ذلك بأسبوعين، بطريقة مجهولة، سأله، هل هناك معلومات أخرى ذكرتها الشخصية الأخرى، حول يحيى عياش مثلا؟ وقف الطبيب مفزوعا، قال: نعم، قلت إن الشاباك، وتحديدا جدعون عيزرا قد أعطاك إنذارا نهائيا لتحديد مكان المهندس يحيى عياش، في العام 1996، وأنك ساهمت بتوصيل جهاز الهاتف المحمول لصديقك أسامة، الذي أعطاه الهاتف، واطمأن أنه من طرفك !
نفخ هنية أنفاسه وهو يدور في الغرفة ذهابا وإيابا، قال: وماذا أيضا؟ ارتعد الطبيب، وعرف أنها نهايته على يد هذا المجرم العميل، لكنه قرر المضي في كشفه لنفسه فقال: تحدثت عن صفقات كثيرة مع إيران وقطر وتركيا مع إسرائيل، وصفقات أخرى يومية مع كتاب وصحفيين، كما تحدثت عن دورك في صفقة القرن، لكنني لم أفهم كل ذلك. وابتسم الطبيب ابتسامة مرعوبة، وقال: ولا أريد حقا أن أفهمه !
هزّ هنية رأسه منتفضاً، مسح يده بوجهه وقال: تستطيع كتمان هذه الأسرار؟ صحيح ؟ فوافق الطبيب بسرعة، وخرج هنية الآخر من العيادة مسرعا !
* روائية وباحثة سياسية