«جنة كشمير» بين نار الهند وباكستان
الثلاثاء / 19 / ذو الحجة / 1440 هـ الثلاثاء 20 أغسطس 2019 03:24
فهيم الحامد (جدة) falhamid2@
في مقولة شهيرة وصف الإمبراطور المغولي جهانغير؛ إقليم كشمير بقوله «إذا كانت هناك جنة على وجه الأرض؛ فلابد أن تكون هذه.. هذه.. هذه! في إشارة إلى كشمير الخلابة الجميلة».
وعلى الرغم من أنَّ هذه المقولة مضى عليها أكثر من خمسمائة عام، فإنها لا تزال حقيقة ماثلة حتى يومنا هذا.. إلا أن جنة كشمير التي وصفت بهذا الوصف؛ لشدة جمال طبيعتها أصبحت رهينة بين نار الهند وباكستان؛ وهي التي أدت لحدوث ثلاث حروب، وأصبحت الأجواء التصعيدية غير المسبوقة، مرشحة لحدوث حرب رابعةن بعد قرار الحكومة الهندية إلغاء المادة «370» من الدستور الذي يمنح الحكم الذاتي للقطاع الذي تسيطر عليه من إقليم كشمير، والذي تم تقسيمه إلى شطرين بين الهند وباكستان.
ففي 5 من أغسطس، نشرت وزارة العدل الهندية نسخة من نص المرسوم الرئاسي القاضي بإلغاء المادة 370 من الدستور التي تكفل حكما ذاتيا لولاية «جامو وكشمير»، الذي دخل حيز التنفيذ «فورا». والمادة «370» في الدستور الهندي، التي تم الإعلان عن إلغائها، تمنح سكان «جامو وكشمير» منذ عام 1974الحق في دستور خاص؛ يكفل لهم عملية صنع القرار بشكل مستقل عن الحكومة المركزية.
وبعد هذا الإعلان الذي غير الوضع الخاص الذي يتمتع به سكان إقليم كشمير، عام منذ 1947والذي يسمح لها بسن قوانينها الخاصة بمعزل عن الحكومة المركزية ويمنع المواطنين الهنود من خارج المنطقة بتملك الأراضي فيها أو الانتقال للسكن ضمنها، فبعد هذا القرار الأحادي؛ نشأت مخاوف حقيقية؛ من اندلاع الحرب بين الجارتين النوويتين؛ باعتباره أكبر تحرك هندي بشأن الإقليم المتنازع عليه الواقع في جبال الهيمالايا منذ نحو 70 عاما، والذي قوبل بردة فعل غاضبة وخانقة؛ سواء من الحكومة الباكستانية أو داخل الأوساط الكشميرية برفضهم هذا القرار.
ومن الواضح أن خريطة التحالفات تغيرت تماما بين الهند والباكستان، بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وأدى ذلك إلى ظهور حركات مقاومة، وبروز منظمات مسلحة تطالب بالانضمام إلى الباكستان، التي صعدت مواقفها السياسية، بعد القرار الهندي بشكل غير مسبوق على المستوى الإقليمي والعالمي، خصوصا بعد اخضاع كشمير الخاضعة للإدارة الهندية؛ للإغلاق الشامل، وحظر التجول والإنترنت. وجاءت ردة الفعل الباكستانية غاضبة حيث حث رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان زعماء العالم على التدخل فورا، بعد القرار الهندي بإلغاء الحكم الذاتي في القطاع الكشميري. كما قامت إسلام آباد بتقديم شكوى إلى الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية، لإجبار الهند على إلغاء القرار؛ حيث عقد مجلس الأمن جلسة مغلقة مؤخرا لمناقشة الوضع في كشمير على خلفية إلغاء نيودلهي الحكم الذاتي في الإقليم؛ بطلب من الصين والباكستان؛ حيث طالبت الحكومة الباكستانية نيودلهي بإلغاء القرار، إلا أن نيودلهي اعتبرته شأنا داخليا. وتعتبر جلسة مجلس الأمن حول قضية كشمير هي الأولى منذ 50 عاما.
ووصفت باكستان القرار الهندي بأنه غير شرعي ويمثل انتهاكا لقرارات مجلس الأمن، فيما قال رئيس الوزراء الهندي مودي إن قرار إلغاء الحقوق الخاصة هو قرار سيادي لا رجعة فيه؛ حيث وصفه المراقبون أنه من الخطوات الجريئة في فترة ولايته الثانية بعد فوزه في الانتخابات البرلمانية في مايو الماضي؛ حيث قال «كل هندي يجب أن يفخر بأمة واحدة ودستور واحد»، في إشارة إلى قراره التاريخي حول كشمير.
وزاد وتعتبر كشمير جبهةٌ جديدة على الساحة الدولية باتت مرشَّحة لاحتلال موقع متقدم في أولويات المجتمع الدولي؛ بعد صدور المرسوم الهندي، في خطوة وصفها المراقبون بالجريئة جدا؛ أرادت من خلالها الهند حسم ملف أزمة إقليم كشمير المتنازع عليه مع باكستان منذ العام 1947. وكانت الأمم المتحدة قد قررت عام 1949 إجراء استفتاء حر ومحايد لتقرير مصير كشمير ولكن الهند ضمت الإقليم إليها ورفضت الاستفتاء لأنها تدرك رغبة السكان في الانفصال. وجاء الموقف السعودي في التعامل مع هذه الأزمة واضحا؛ حيث أكدت المملكة أنها تتابع تطورات الأوضاع في إقليم جامو وكشمير الناتجة عن إلغاء الهند للمادة (370) من الدستور، والتي تكفل الحكم الذاتي لجامو وكشمير، معربة عن قلقها إزاء تطورات الأحداث الأخيرة. وبنت المملكة موقفها من النزاع من خلال التسوية السلمية وفقاً للقرارات الدولية ذات الصلة، ودعت أيضا الأطراف المعنية إلى المحافظة على السلام والاستقرار في المنطقة ومراعاة مصالح سكان الإقليم؛ مرسلة رسائل شفافة تتمحور أن حل قضية كشمير يجب أن يتم عبر التسوية السلمية؛ وبمعنى آخر أنه لا يمكن أن يكون الحل عبر استخدام القوة العسكرية؛ وفي نفس الوقت أن تطبيق القرارات الدولية بالأزمة كفيل بالحل؛ احتراما للشرعية والقوانين الدولية، ومراعاة لمصالح سكان الإقليم الذين يملكون حق تقرير المصير..
وما نأمله من البلدين هو الجلوس على طاولة الحوار؛ والبحث بهدوء وعقلانية بعيدا عن التشنجات وأجواء التوتر؛ ووضع أمن واستقرار البلدين في الاعتبار ومصالح الشعبين اللذين تربطهما وشائج قربى وروابط عديدة؛ باعتبار أن الحوار الجاد والمخلص هو السبيل الوحيد لحل هذه الأزمة التي تعتبر جوهر الصراع في جنوب آسيا، ومصدر التوتر في المنطقة التي لا تتحمل أي حروب أو أزمات جديدة خصوصا أن البلدين يمتلكان سلاحا نوويا تجعل منطقة جنوب آسيا على فوهة بركان نووي.. والمطلوب الحوار والحكمة من عقلاء البلدين.. لكي لا تستمر «جنة كشمير».. رهينة السلاح النووي الهندي والباكستاني الذي سيحرق الأخضر واليابس.
وعلى الرغم من أنَّ هذه المقولة مضى عليها أكثر من خمسمائة عام، فإنها لا تزال حقيقة ماثلة حتى يومنا هذا.. إلا أن جنة كشمير التي وصفت بهذا الوصف؛ لشدة جمال طبيعتها أصبحت رهينة بين نار الهند وباكستان؛ وهي التي أدت لحدوث ثلاث حروب، وأصبحت الأجواء التصعيدية غير المسبوقة، مرشحة لحدوث حرب رابعةن بعد قرار الحكومة الهندية إلغاء المادة «370» من الدستور الذي يمنح الحكم الذاتي للقطاع الذي تسيطر عليه من إقليم كشمير، والذي تم تقسيمه إلى شطرين بين الهند وباكستان.
ففي 5 من أغسطس، نشرت وزارة العدل الهندية نسخة من نص المرسوم الرئاسي القاضي بإلغاء المادة 370 من الدستور التي تكفل حكما ذاتيا لولاية «جامو وكشمير»، الذي دخل حيز التنفيذ «فورا». والمادة «370» في الدستور الهندي، التي تم الإعلان عن إلغائها، تمنح سكان «جامو وكشمير» منذ عام 1974الحق في دستور خاص؛ يكفل لهم عملية صنع القرار بشكل مستقل عن الحكومة المركزية.
وبعد هذا الإعلان الذي غير الوضع الخاص الذي يتمتع به سكان إقليم كشمير، عام منذ 1947والذي يسمح لها بسن قوانينها الخاصة بمعزل عن الحكومة المركزية ويمنع المواطنين الهنود من خارج المنطقة بتملك الأراضي فيها أو الانتقال للسكن ضمنها، فبعد هذا القرار الأحادي؛ نشأت مخاوف حقيقية؛ من اندلاع الحرب بين الجارتين النوويتين؛ باعتباره أكبر تحرك هندي بشأن الإقليم المتنازع عليه الواقع في جبال الهيمالايا منذ نحو 70 عاما، والذي قوبل بردة فعل غاضبة وخانقة؛ سواء من الحكومة الباكستانية أو داخل الأوساط الكشميرية برفضهم هذا القرار.
ومن الواضح أن خريطة التحالفات تغيرت تماما بين الهند والباكستان، بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وأدى ذلك إلى ظهور حركات مقاومة، وبروز منظمات مسلحة تطالب بالانضمام إلى الباكستان، التي صعدت مواقفها السياسية، بعد القرار الهندي بشكل غير مسبوق على المستوى الإقليمي والعالمي، خصوصا بعد اخضاع كشمير الخاضعة للإدارة الهندية؛ للإغلاق الشامل، وحظر التجول والإنترنت. وجاءت ردة الفعل الباكستانية غاضبة حيث حث رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان زعماء العالم على التدخل فورا، بعد القرار الهندي بإلغاء الحكم الذاتي في القطاع الكشميري. كما قامت إسلام آباد بتقديم شكوى إلى الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية، لإجبار الهند على إلغاء القرار؛ حيث عقد مجلس الأمن جلسة مغلقة مؤخرا لمناقشة الوضع في كشمير على خلفية إلغاء نيودلهي الحكم الذاتي في الإقليم؛ بطلب من الصين والباكستان؛ حيث طالبت الحكومة الباكستانية نيودلهي بإلغاء القرار، إلا أن نيودلهي اعتبرته شأنا داخليا. وتعتبر جلسة مجلس الأمن حول قضية كشمير هي الأولى منذ 50 عاما.
ووصفت باكستان القرار الهندي بأنه غير شرعي ويمثل انتهاكا لقرارات مجلس الأمن، فيما قال رئيس الوزراء الهندي مودي إن قرار إلغاء الحقوق الخاصة هو قرار سيادي لا رجعة فيه؛ حيث وصفه المراقبون أنه من الخطوات الجريئة في فترة ولايته الثانية بعد فوزه في الانتخابات البرلمانية في مايو الماضي؛ حيث قال «كل هندي يجب أن يفخر بأمة واحدة ودستور واحد»، في إشارة إلى قراره التاريخي حول كشمير.
وزاد وتعتبر كشمير جبهةٌ جديدة على الساحة الدولية باتت مرشَّحة لاحتلال موقع متقدم في أولويات المجتمع الدولي؛ بعد صدور المرسوم الهندي، في خطوة وصفها المراقبون بالجريئة جدا؛ أرادت من خلالها الهند حسم ملف أزمة إقليم كشمير المتنازع عليه مع باكستان منذ العام 1947. وكانت الأمم المتحدة قد قررت عام 1949 إجراء استفتاء حر ومحايد لتقرير مصير كشمير ولكن الهند ضمت الإقليم إليها ورفضت الاستفتاء لأنها تدرك رغبة السكان في الانفصال. وجاء الموقف السعودي في التعامل مع هذه الأزمة واضحا؛ حيث أكدت المملكة أنها تتابع تطورات الأوضاع في إقليم جامو وكشمير الناتجة عن إلغاء الهند للمادة (370) من الدستور، والتي تكفل الحكم الذاتي لجامو وكشمير، معربة عن قلقها إزاء تطورات الأحداث الأخيرة. وبنت المملكة موقفها من النزاع من خلال التسوية السلمية وفقاً للقرارات الدولية ذات الصلة، ودعت أيضا الأطراف المعنية إلى المحافظة على السلام والاستقرار في المنطقة ومراعاة مصالح سكان الإقليم؛ مرسلة رسائل شفافة تتمحور أن حل قضية كشمير يجب أن يتم عبر التسوية السلمية؛ وبمعنى آخر أنه لا يمكن أن يكون الحل عبر استخدام القوة العسكرية؛ وفي نفس الوقت أن تطبيق القرارات الدولية بالأزمة كفيل بالحل؛ احتراما للشرعية والقوانين الدولية، ومراعاة لمصالح سكان الإقليم الذين يملكون حق تقرير المصير..
وما نأمله من البلدين هو الجلوس على طاولة الحوار؛ والبحث بهدوء وعقلانية بعيدا عن التشنجات وأجواء التوتر؛ ووضع أمن واستقرار البلدين في الاعتبار ومصالح الشعبين اللذين تربطهما وشائج قربى وروابط عديدة؛ باعتبار أن الحوار الجاد والمخلص هو السبيل الوحيد لحل هذه الأزمة التي تعتبر جوهر الصراع في جنوب آسيا، ومصدر التوتر في المنطقة التي لا تتحمل أي حروب أو أزمات جديدة خصوصا أن البلدين يمتلكان سلاحا نوويا تجعل منطقة جنوب آسيا على فوهة بركان نووي.. والمطلوب الحوار والحكمة من عقلاء البلدين.. لكي لا تستمر «جنة كشمير».. رهينة السلاح النووي الهندي والباكستاني الذي سيحرق الأخضر واليابس.