كتاب ومقالات

نحن شعب قرر أن يعيش

وفاء الرشيد

عندما زرع الكيان الإسرائيلي في قلب الوطن العربي وبدأ وجوده في عملية تفتيت ممنهجة للمنطقة، عبر مشاريع متتالية من مشروع ايزنهاور إلى حلف بغداد مروراً بإقامة دولة الوحدة (مصر وسوريا) تحت قيادة عبدالناصر عام 1958، وقسمت المنطقة بين المستعمرين القدامى فرنسا وإيطاليا والمستعمرين الجدد الأمريكان بجهود منضبطة من الاتحاد السوفيتي... كانت هناك خطة واضحة بأن يستبدل الاستعمار باستعمار جديد.

وفعلاً كان استعمارهم الجديد هو خلق الفوضى في أرض العرب، فتوالت الثورات بالمنطقة وانتشرت الفتن وتنافرت النفوس... فروح الثورة بعد الحرب العالمية الثانية كانت محرك الجماهير وهو الذي يدفعهم لرفض واقعهم، ولكن الثورات العربية أثبتت عبر السنوات أن معالمها تتغير ومعاييرها انقلبت عن أصلها، وأنها بالأغلب لن توصلنا إلى حال أفضل! فلمَ تكون الثورات بالدم والقتل؟ ولا تكون بأحلام وأفعال وروح إصرار بأن نكون أفضل؟ ألم تثبت لنا الثورات العربية أنها لم تزدنا إلا انقساماً ومرارةً على بعض؟

لماذا كل هذا الحقد من بعض العرب علينا فقط؟ هل لأن أرضنا لم تقسم ولم يتقاتل شعبنا بثورة؟ هل الذنب أننا شعب قرر أن يعيش بلا ألم أو تناحر! قرر أن يتعايش في وقت المحن فواجه في حقبة ما الجوع والقحط والفقر... قرر أن يعيش في أيام كبت وفتن، وقرر أن يعيش في أيام (صحوة) وإرهاب. نعم قررنا أن نثور عبر العيش بطمأنينة، وسلامنا ليس ترفا بل قرار! كنا وقتها متعايشين.. نعم، لكننا اليوم نعيش وسنعيش. فموتوا بغيظكم، شعبنا الشاب المتعلم يصر على بناء حياة أجمل لأولاده ولمستقبله، شعب آمن برؤية قائد ووقف معه صفا واحدا في مرحلة صعبة اتفق علينا العالم فيها! ولم يزدنا ذلك إلا إصرارا على الوقوف للحلم والإيمان بالمستقبل. ففي كل ركن هناك فرد يعمل بكل حب ووفاء لرمال وطن، بلا شك أو تردد بأن الأحلام تتحقق والوطن سيعيش، وأن الحقد والقيود لن تزيدنا إلا أصراراً أكثر على أن نكون.

لسنا شعوبا تثور، نعم! ولكن سلامنا قرار وليس ترفا! فثوراتنا حياة وقرار نجاح...آمنا بالأمن والأمان، وأن حب أوطاننا هو الأصل، فكل شيء آت بوقته، لأن الله يعلم بنوايانا وسيحمينا الرب الكريم من كيدهم وحقدهم بعملنا وصبرنا وإخلاصنا لأوطاننا ... فهو يعز من يشاء ويذل من يشاء لشيء عنده، سبحانه وتعالى...

* كاتبة سعودية

WwaaffaaA@