كتاب ومقالات

خواطر صادحة!

عبدالفتاح أبو مدين

الأخ الأعز في أمسية غالية كصاحبها في النادي الأدبي الثقافي بجدة، ليلة حب وود ووفاء وإيثار واعتزاز وصدق!

إنها تحايا وتقدير تمثل الشكر والتقدير والوداد لرمز كريم، إنه أخي الوفي الآخر الدكتور عبدالله الغذامي في وداعه من نادي جدة إلى الرياض وقد ترك لنا فراغا مع ذلك، فهو باق لأنه ودود ومحب وأثر من القلائل والندرة. وقد وجدت بين أوراقي في اليوم قصيدة ألقاها شيخنا وعزيزنا العلاّمة أبو تراب الظاهري في أمسية وداع العزيز المحب الوفي الدكتور عبدالله الغذامي من جدة إلى الرياض، وعنّ لي نشرها اليوم للذكرى!

قال شيخنا بدءا من مطلع القصيدة:

(أغذامي) شاق الصحب صُنعك كما راق لي ثمرك ويُنعك

ملأت لهم حياض النقد ثُراً وهل ترع سوى ما جاد نبعك

وإن طال الرشاء فهلا تبالي وكم آذّ الفتى الكُدريَّ نزعك

وربما انبرى لك أحوذيّ فيجلبه لدى الإيجاف لَمعك

خذت أصول آداب تسامي فأصبحت الحصيفُ بشام هَمْعك

وشاهت المجامع فيك فكْراً مُنيرا يغتري الحنديس قَشعُك

بيانك باهر والبحث وخذ لفظك ساحر يمليه رصعك

ونَقْبك عن حُبايا كان جداً يضوع به النوال وعمّ نفعك

فكم من بنّة جاءتك فغوى إذا ما فاح غبّ الغيث زرعك

حماك حمىَ العلوم وهنّ مجد لبست ثيابه إذ قدّ درعك

واشربت النقادة في يناع وتمذقها فنعم الرضع رضعك

برزت بكرك الإقلان علما فهم في حيرة مُذْْ طال ربعك

تُلقنُ ناشيّ الفتيان فيهم وتطمس جهله وُتركْ وشفعك

كذا الأستاذُ يحضُنُ من أتاه يتيح له لنيل العلم جمعك

تحاياتنا أيا غذامي شعرٌ صريح الحب يستحليه سمعك

هكذا كان شيخنا العزيز رطبّ الله ثراه، قد صاغ وأبدع هذا النشيد الذي يصعب على من يحاول قراءته وترديده، غير أن سادة لغتنا البديعة أهلها الذين يكرعون من نميرها وعمقها وجمالها، ذلك أنها اللغة الشاعرة كما وعاها أهلها في قديم زمنها فيتغنون برنينها وأعماقها، ذلك أنها اللغة الشاعرة العميقة البديعة الماتعة. ولعلي أقول إن خواطري عن أيامي في النادي الأدبي الثقافي بجدة دفعتني الذكريات والخواطر مع الحب أن أجدد بث خواطري إلى الصّحب والرفاق الكرام الأعزة، ذلك أن هذه الذكريات الماتعة الجميلة دوافعها عزيزة لأنها غنية بمعانيها وإمتاعها وبراعتها مع أولئك الرفاق نحو ثلاثة عقود إمتاع، وهو توفيق الله تعالى حين نردد قول الحق: «إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا». فالحمد لله حمداً يليق بجلاله، والحمد لله ما تتابع الليل والنهار حمداً يليق بكمال وجلال رب العالمين.

ولتلك الماتعة الجادة ذكريات لا تُنسى، غير أن ما أفضل به أخي الأعز لا أستطيع رد الجميل العزيز لغال مهما قلت ومهما كتبت، ذلك أن الجميل الباذخ الذي أفضل به ذلك الرمز لا أستطيع مهما كتبت أن أرد ما أفضل به أخ غال ودود عبر سنين وأيام غوال، كتابات وأحاديث متتالية في مناسبات وخلال أيام وليال غالية بذلك اليراع الصادق البارع النادر اليوم، إنها أيام وليال وشهور وسنين لا يستطيع قلمي القاصر أن يرد بعض الجميل مهما قلت ومهما كتبت!

أقول لأخي الوفي والعزيز المثالي شكر الله فضلك وأثابك على وفائك ومدّ في حياتك وحفظك وجازاك ربنا بما أنت له أهل، ولا أذهب بعيدا إذا قلت إن هذا الوفاء النادر اليوم قليل !

مدّ الله في عمرك وعافاك وأثابك على الفضل لأخيك، وصدق من قال: رب أخ لك لم تلده أمك.. أجدد الشكر لأنه قليل وإنك لخليق يقول الحق سبحانه «وقليل من عبادي الشكور». جعلنا الحق سبحانه أن نكون من عباده الشاكرين، والحمد لله رب العالمين.

* كاتب سعودي

a_abumadian@hotmail.com